فترة العدوان مرحلة انتشر فيها تجار الحروب واستغلال الناس بدون أي أخلاق أو مبادئ، لا قيم ولا رقيب ولا حسيب في ظل تغافل متعمد عن الرقابة على البنوك والجهات المختصة أمنياً واقتصادياً التي تعد مسألة أمن قومي بامتياز.
• تلاعب متراكم بشكل مخيف، ويتم من خلاله تأجيج سخط المواطن ضد الدولة بشكل واضح يجعل المواطن يلعن الدولة ليل ونهار، ولا يلام المواطن عند معرفة سبب نقمته.
• غض الطرف الحاصل من قبل البنك المركزي وقبل ذلك اللجنة الاقتصادية العليا غير مبرر واستمرار التجاهل يطرح ألف تساؤل وألف علامة استفهام.
• المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل قائمة منذ بداية العدوان وليست الأولى ولا الألف، فالعدد أكبر بكثير من ذلك.
• الحرب الناعمة ليست مقتصرة أخلاقياً فقط، بل هي اقتصادية ومعيشية ترتبط بكل ما يمس حياة المواطن وبما يترك الأثر الذي يسبب التراكمات في أوساط الشارع تجاه الدولة.
المثال الأول، مواطن باع قطعة أرض بقرابة سبعين مليون ريال في فترة ما بعد عام 2016، وخوفاً من إبقاء مبلغ كهذا داخل بيته، فكر بإيداعه في البنك، وتحرك من نفسه بشوايل الزلط وأودعها البنك المتواجد وسط العاصمة صنعاء نقداً وعداً، وبعد فترة احتاج مبلغا لا يتجاوز الخمسمائة ألف ريال يمني، طلع نزل يا بنك يا دولة زلطي أشتي أسحب لضرورة، زلطي ليست تحويل ولا رصيد دفتري قُيد من حساب إلى حساب آخر، زلطي أودعتها نقداً. قالوا له: «توجيهات الدولة، دولة الحوثة، لو تطلع للمشاط».
أسابيع من اللبيج، اشتكى للرئاسة وللمالية وللبنك المركزي، ولا خبر ولا حتى استجابة أو رد ولا نظام ولا قانون، وفي لحظة يتذكر صاحب الموضوع ويتصل بصديق معروف لديه مدير لشركة في محافظة من المحافظات المحتلة يشرح له قضيته، ليجري صديقه المتواجد في مناطق الاحتلال اتصالا بطريقته، اتصل بعدها البنك بصاحب الرصيد طالباً منه الحضور إلى مقر البنك، وبمجرد وصوله استقبله موظف من البنك ورحب به وقام بأخذ بياناته وأنجز معاملته وتم تمريرها وتوقيعها بدون أي من الأعذار التي أشهرت في وجهه سابقاً، وفوق ذلك تم تخصيص مبلغ شهري يستلمه المواطن من البنك.. الله الله توصيات مناطق الاحتلال نافذة يا صنعاء ولا عاد قرارات ولا تعميمات ولا به شيء.
ضحية أخرى في 2017، مواطن باع عقارا بقرابة المائة مليون ريال، أودعها في بنك بالعاصمة صنعاء وديعة نقداً، ليتفاجأ بعد ذلك بفترة بحجز أمواله بمبرر أنها «تعليمات دولة أنصار الله»، هكذا يردون على المواطنين، وتحويلها من وديعة نقداً إلى محفظة.. نصب واحتيال ونهب واضح عيني عينك من قبل البنوك على مرأى ومسمع، ولمن تشتكي ومن سيسمع شكوى المواطن.
حالة ثالثة، مواطن لديه مدخرات توفير بريدية، تم إبلاغه بحجز أمواله وعدم قدرته على السحب منها، وبعد أسابيع في دهاليز الظلمات، لم يكن أمامه من حل سوى التنازل عن 25% من مدخراته (عشرين مليون ريال)، مقابل سحب الـ75% المتبقية، لينجو بمدخرات عمره من غياهب الدولة، هكذا هي الصورة لدى المواطن المنهوب المسلوبة أمواله بعذر وغطاء «قوانين الأنصار»، كيف يُراد أن يفهم ويفسر ما يحصل؟! لأن ما يحصل يفقد الشعب الثقة في الدولة وفي النظام والقانون.
بعد هذا كله وقصة تعليمات الدولة، البنك المركزي، اللجنة الاقتصادية العليا.
• المواطن يشتكي يطلع ينزل حتى يفقد الأمل في سحب شيء من أمواله ليقضي بها حاجته ويسدد التزاماته، وحينما يشعر الفاسدون في باحات البنوك يهمس سمسار في أُذني المواطن الذي تملكهُ الإحباط: هل تريد أن تتخارج مقابل التنازل عن 70% لتستلم 30% نقداً؟!
وإذا كان المبلغ كبيرا بعد أخذ ورد، قد تنخفض النسبة إلى 50% تذهب عمولة فساد ونهب وسلب لأموال المواطنين باسم «القانون» و»تعليمات عليا للدولة»، كذلك قد يتم إرشاد صاحب المال عليك بالتوجه إلى الصراف الفلاني الذي هو ضمن شبكة المافيا التي تستولي على أموال الناس باسم الدولة وهناك تتم المفاوضات مع الصراف ويتم ذبح المواطن بدون أي تردد.
• العجيب في الأمر أن البنوك وبعد أن يستوي المواطن المنهوب على نار هادئة تقوم بإجراء الصفقات، ولم يعد هناك توجيهات ولا تعليمات ولا أي موانع، كذلك الصرافون الذين هم ضمن لوبي المال يسحبون أموال المودعين من البنوك بدون أي مشكلة.
• هل الدولة (بنك مركزي، وزارة مالية، لجنة اقتصادية عليا، جهاز الأمن والمخابرات) عندهم الاستعداد لفتح تحقيق جاد في ملف بهذا الشكل وضبط اللصوص ومعاقبتهم واسترجاع أموال الضحايا؟ في اعتقادي يتم الأمر وفق الآتي:
1. طلب كشوفات من البنوك بجميع أرصدة الموعين نقداً منذ بداية عام 2016.
2. كيف تم تجميد هذه الأرصدة، لمعرفة بداية التلاعب الحاصل وعلى أي أساس تتصرف البنوك في ودائع نقدية، وليست أرصدة محولة من حساب إلى آخر وكيف تم الحجز عليها؟
3. ما هي الأرصدة التي بعد ذلك تم رفع الحظر عنها ولمن تم تحويلها، إلى صراف، البنك قام بعد ذلك بالصرف يتم استدعاء صاحب الحساب والسماع منه كيف تم الإفراج عن أمواله وبأي مقابل؟
4.- المودعون حسب الكشوفات البنكية لكل بنك والمُرحلة من 2017 وإلى اليوم، كيف تم تحويل رصيده لشركة الصرافة؟ وكيف كان الاتفاق؟ وهنا ستتضح اللعبة والمؤامرة بين البنوك والصرافين.
5. نتمنى أن يتم هذا عبر غرفة عمليات يشترك فيها الأمن والمخابرات، لأنهم جهة مازالت محل ثقة واحترام لدى المواطن.
• كل ما سبق هو السبب لعزوف المواطن عن البنوك، والذهاب باتجاه الشركات الوهمية لإيداع أمواله خوفاً من البنوك والجهات الرسمية، ونرجع نقول إن المواطنين مخطئون ومغفلون، ما يحصل من أهم الأسباب التي جعلت الناس يتجهون الى هذه الشركات وتكديس الأموال حتى التجاري منها لدى شركات الصرافة بدل بنوك الدولة والبنوك التجارية.
* نقلا عن : لا ميديا