|
نص ورقة عمل"دور مؤسسات التكاثر الثقافي في الحد من الفساد" د.ابتسام المتوكل رئيسة الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
بقلم/ د.ابتسام المتوكل
نشر منذ: 11 شهراً و 10 أيام الثلاثاء 12 ديسمبر-كانون الأول 2023 11:53 م
ورقة عمل تحت عنوان
(دور مؤسسات التكاثر الثقافي في الحد من الفساد)
تم تقديمها من د.ابتسام المتوكل رئيسة الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره في ندوة“ثقافة الفساد المستشرية في المجتمع”
والتي نظمتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بالتعاون مع وزارتي الثقافة والإعلام والجبهة الثقافية لمواجهة العدوان ومؤسسة يمن مشرق للتنمية بتاريخ 12 -12-2023م - صنعاء.
نص ورقة (دور مؤسسات التكاثر الثقافي في الحد من الفساد)
د/ ابـتســام المتـوكــــل
> الثقافة .. أية أدوار؟
إن الثقافة التي يكتسبها الفرد من خلال تعرضه لقيمها عبر المؤسسات الثقافية تتمتع بأهمية قصوى في عملية اندماج الفرد، وجعل نشاطه الثقافي منسجماً مع مصالحه الفردية والمصالح الجماعية في آن واحد، فالثقافة تؤثر على استعدادات الفرد وتنمّي مواهبه؛ مما يؤهله ليغدو عنصراً إيجابياً في محيطه قادراً على التعبير عن ثقافة مجتمعه بصورة مثالية.
تعد العملية الثقافية إحدى أخطر العمليات شأناً في حياة الفرد؛ ذلك أنها تشكل اللبنة الأولى التي تستند إليها مقومات شخصيته، وفي هذا الصدد تنهض مؤسسات التكاثر الثقافي بأدوار رئيسة في إكساب الفرد الخصائص الثقافية المحيطة ، كاللغة، والعقيدة ، والعادات، والتقاليد، وسائر المكونات الثقافية.
وتجدر الإشارة إلى أن المكونات الثقافية التي تميز مجتمعاً ما عن المجتمعات الأخرى ، لا يمكن الحفاظ عليها إلا إذا توارثها الأفراد جيلاً بعد جيل، وتؤدي مؤسسات التكاثر الثقافي دورها في نقل الموروث الثقافي للأجيال اللاحقة.
تنهض الثقافة في أي مجتمع بأدوار أساسية في الحفاظ على هويته وتنميتها والارتقاء بها، وهي محدد بالغ الأهمية لمستقبل المجتمع وثرائه الذي يشكل بعده الحضاري وقيمة المعرفية، وبوسعها أن تكون مانعاً حصيناً من اختراق المجتمع بظواهر سلبية كظاهرة الفساد.
أن تشبع الإنسان بقيم محيطه الثقافية التي تمررها مؤسسات التكاثر الثقافي هو ما يمكّن الإنسان من اكتشاف طاقاته ويؤهله لاستثمارها بما يخدم الأفراد والمجتمع.
> مؤسسات التكاثر الثقافي :
مما تقدم يمكن الاستنتاج أن المقصود بمؤسسات التكاثر الثقافي هو كل القنوات الحاملة للثقافة والموصلة لها أفقياً ورأسياً كالأسرة والمجتمع (( المؤسسة الدينية- الجامع – الخطيب – القيّم- المرشد...) ووسائل الإعلام التقليدية والحديثة، والفنون والآداب المكتوبة والشفاهية والمسرح والسينما، والدراما التلفزيونية...
كل ما تقدم وما يشاكله مما يعمل على حمل الثقافة أو تقديمها ونقلها في محيطها وخارجه هو ما يصطلح عليه بمؤسسات التكاثر الثقافي؛ حيث الثقافة أوسع مدى من أن نحصرها في الأطر التقليدية، بما أنه يمكن لأي إطار ثقافي أن يعبر عن ثقافة ما يقدمها لمجتمعها، أو ينقلها لمجتمعات أخرى مماثلة أو مغايرة، فيستحق بذلك أن يكون في عداد مؤسسات التكاثر الثقافي التي تسهم في إشاعة المحتوى الثقافي والحفاظ عليه.
إن اعتمادنا على مصطلح مؤسسات التكاثر الثقافي يقود بالضرورة إلى توسيع دائرة الدلالة لتشمل كل الآليات التي تسهم في خلق بيئة ثقافية تشيع القيم والعادات والتقاليد والمعتقدات ... والبيئة الثقافية هي (دراسة تكيف الإنسان للبيئات الاجتماعية والطبيعية) منقول عن موقع ويكيبديا
إن العملية الثقافية تتمتع بخصائص متعددة تبرز أهمية مؤسساتها وأدوارها التي تلامس كافة جوانب الحياة الإنسانية، فهي تعطى الطابع الإنساني الفارق عن المشترك البيولوجي
> وأبرز هذه الخصائص:-
1- التشكيل:
بمعنى أنها تعمل على تطوير الإنسان وتشكيل إنسانيته التي ترقى بتكوينه وصفات البيولوجية.
2- الإشباع:
فهي (أي العملية الثقافية) تقوم بإشباع احتياج الإنساني أميل يتجاوز الإشباع الغريزي ولا يتجاهله ليصل بالإنسان إلى الاشباع الوجداني والفكري والمعرفي.
3- التفاعلية:
إن العملية الثقافية تضمن على التفاعل بين الفرد ومحيطه الثقافي حيث تنقل الأنماط الثقافية من خلال تأثر الإنسان بما حوله وتفاعله معه.
4- الاستمرارية:
يمكن القول إن الإنسان كائن ثقافي، تنشأ فيه الثقافة باستمرار مما يهيئ لتراكم خبراته الثقافية وتبادلها مع محيطه ومؤسسات الثقافة فيه.
5- النمو الدائم:
يولد الإنسان مزوداً باستعدادات عقلية وأخلاقية ووجدانية، تؤهله للاعتماد على نفسه وصولا إلى مرحلة النضج الثقافي؛ وذلك من خلال تلقيه ثقافة مجتمعه من قيم وعادات وسلوكيات، وتسهم مؤسسات التكاثر الثقافي في ذلك بصورة دائمة.
6- المحافظة على القيم الحضارية:
فالعملية الثقافية تعمل على المحافظة على القيم الحضارية للبيئة التي تبلورت فيها هذه القيم، وتسهم في التغلب على القيم الغربية أو الفاسدة أي أنها تسطيع حماية المجتمع من الانفلات والغزو والاختراق عبر الظواهر المضادة لقيم المجتمع الثقافية.
> دور مؤسسات التكاثر الثقافي في مكافحة الفساد:-
الفساد هو ( أي انحراف أو تدمير للنزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة) بنظر معجم أكسفورد.
ومع شيوع الفساد يمكننا الحديث عن ثقافة فساد بمعنى منظومة متكاملة تبرر للفساد وتمرره وجدانيا وقيمياً، وهذه الثقافة التي تروج للفساد مضادة للثقافة بمعناها الايجابي، وهو ما يجعل من الضرورة التصدي لها عبر آليات الثقافة ومؤسسات التكاثر الثقافي، ومواجهة الفساد يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن
هناك أنواعاً ومظاهر متعددة للفساد وأبرزها:
الفساد السياسي
الفساد الإداري
الفساد المالي
وكون الفساد غدا ثقافة فقد صار خطره أكبر على المجتمع وعلى ثقافته مما يستدعي حشد طاقات جميع مؤسسات التكاثر الثقافي لوضع خطط وبرامج تفضى إلى حلول ثقافية قادرة على الحد من الفساد وثقافته من خلال وضع سياسه ثقافية تستثمر جميع مؤسسات التكاثر الثقافي لتقاسم الأدوار والمسؤوليات في مواجهة الفساد والحد منه.
> ويمكن وضع خطوط عريضة لهذه السياسة نوجزها في الآتي:-
1- الاهتمام بدور الأسرة في تربية الطفل على ثقافة سليمة تنبذ لفساد وتحقر الفاسدين كون الأسرة المؤسسة الثقافية الأولى التي تنقل القيم والأفكار...
2- نشر ثقافة مواجهة الفساد في المؤسسة التعليمية منذ المراحل الأولى وإقامة الأنشطة التعليمية التي تعزز من قيم النزاهة ومكافحة الفساد.
3- سن تشريعات وقوانين تجرم الفساد والعمل على ترجمتها عملياً وتطبيقها بحزم ودون تمييز.
4- ملاحقة الفاسدين قضائياً والتشديد على تفعيل دور مؤسسة القضاء في الاقتصاص من الفاسدين وفقاً للقانون.
5- تنفيذ حملات ثقافية متنوعة وواسعة لمكافحة الفساد بالاستعانة بالرسم وخاصة الكاركتير، واللحن والكلمة والدراما والمسرح.
6- الاستفادة من الموروث الشعبي بكل طاقاته الإيجابية لمكافحة الفساد وتحقيره لدى الناس.
7- الاستعانة بالمؤسسة الاكاديمية للقيام بدورها في مكافحة وتكريس ثقافة محاربة الفساد وإيجاد الحلول والمعالجات المبنية على دراسات علمية رصينة.
8- إشراك النوادي الثقافية والرياضية في تعزيز ثقافة محاربة الفساد.
9- تحفيز منظمات المجتمع المدني للعمل على نشر ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد في أنشطتها ومشاريعها وممارستها.
شاهد التقرير التلفزيوني للندوة
|
|
|