حتى لا يأتي اليوم الذي نتخذ فيه من مضيق باب المندب سلاحا ووسيلة حرب ضد الكيان الصهيوني، كانت معركة مديرية «ذو باب» والمخا من أشد المعارك، واستخدم العدو فيها سياسة الأرض المحروقة، وحرص كل الحرص على تمكين أحذية الكيان الصهيوني في تلك المنطقة دون غيرهم (طارق عفاش)، في تجديد لاتفاق قديم تم في العام 1972 في إثيوبيا بمعية سفير الكيان.
كانت الإجراءات في بداية السبعينيات للتخلص من زعامة وسلطة حرة وغير تابعة لأمريكا والكيان والتحالف الغربي، والعمل على تمكين سلطة موالية في اليمن مع معارضة شكلية تتقاسم الكعكة وتؤيد النظام وهو حزب الإصلاح بجانبه وشقه العسكري (علي محسن) والقبلي (بيت الأحمر) والديني (الزنداني وغيره)، بمعنى أنه تم تمكين نظام موالٍ وتابع، وكذا معارضة لا تخرج من العباءة الأمريكية الصهيونية (سلطة ومعارضة وجهان لعملة واحدة)، وذلك لضمان عدم تكرار ما حدث في حرب أكتوبر 1973 عندما أغلق اليمن المضيق لمناصرة مصر، فكان ذلك سببا رئيسيا في هزيمة الكيان.
ضمان تبعية السلطة والمعارضة في اليمن كان إجراء أولياً عاجلاً، إلى جانب إجراءات أخرى على مراحل، وأهمها:
- التواجد والسيطرة الصهيونية على سواحل بعض دول أفريقيا المطلة على خط الملاحة.
- تدويل مضيق باب المندب.
- تمكين سلطة في مصر تكون، على الأقل، غير معادية إن لم تكن عميلة.
- الاستحواذ على جزيرتي تيران وصنافير المصريتين بعد عقود من الاستيلاء على أم الرشراش المصرية أيضاً.
وكثير من الإجراءات الأخرى لضمان أمن وسلامة المصالح التجارية والعسكرية الصهيونية التي تمر من البحر الأحمر، وكذا للسيطرة على خط الملاحة كسلاح ضد الدول المعادية لأمريكا ومن معها.
الوضع اليوم مختلف تماماً، ولم نعد حتى بحاجة الى إطلالة على البحر لنتمكن من اعتراض سفن الكيان.
فالسلاح لم يعد (آر بي جي) فقط، ووهم الأسطورة الأمريكية التي لا تهزم ولا تقهر لم يعد له وجود في مخيلة الشعب اليمني.
وبفضل الله عز وجل ثم بفضل قيادتنا الحكيمة تمكنا من إحكام القبضة والتحكم ليس بمضيق باب المندب وحسب وإنما سيطرة كاملة على خط الملاحة في البحرين العربي والأحمر وملتقى العربي بالمحيط الهندي، بل والقدرة على استهداف منشآت ومواقع الكيان في الأراضي المحتلة.
المعادلة هنا لا تقاس بالتفوق العسكري، وإنما بالقدرة العسكرية على إصابة الأهداف بدقة، وفشل كل منظومات الدفاع الجوي في الاعتراض الكلي، والتطور المستمر في التحديث والتصنيع الحربي، إلى جانب شيء مهم جدا، وهو جرأة القائد على اتخاذ القرار بشكل لم يجرؤ غيره حتى على مجرد التفكير به، وهذه الجرأة ليست بعيدة عن الحكمة في التخطيط ودراسة ردود الفعل المتوقعة مع كيفية مواجهتها.
الهزيمة والنكسة لم يتجرعها الكيان الصهيوني وحده، فتحالف الشر والظلام العالمي كله تجرعها، مما جعل أمريكا تسعى إلى إنشاء تحالف دولي ليس من باب العجز العسكري وإنما كغطاء سياسي وتأييد.
وأما عن هذا التحالف الأمريكي المسمى «حارس الازدهار» فقد انتهى قبل أن يبدأ، بخطاب واحد من السيد القائد.
أمريكا تعيش أوهن وأضعف مراحلها، ولم تعد بتلك الهيبة والهيلمان، بعد أن رأى العالم أن هناك من يقول لأمريكا: لا، ولن نرضخ، وهيهات منا الذلة، وتحالفاتكم لا ترهبنا...
ليس هذا فحسب، فالقول يتبعه عمل، وهناك جرأة في اتخاذ القرار واستقلالية تامة ودقة في التنفيذ. وهنا تغيرت المعادلة، وبات اليمن نموذجا يحتذي به الجميع ليقولوا لأمريكا ولغيرها: لا!
وكما صنع اليمن تحولاً جذرياً في أكذوبة القطب الأوحد وفي مسار القضية الفلسطينية، سيصنعه أيضا في مسار القضية اليمنية.
نحن بفضل الله ثم بفضل السيد القائد علم الهدى (صادق القول والوعد) ومن معه من المخلصين نمضي قدما نحو صناعة النموذج العربي الأول للتحرر والاستقلال وإلغاء التبعية.
* نقلا عن : لا ميديا