لم تمض بضعة أيام فقط على ظهور الرئيس الألماني منكسرا ذليلا وهو يعترف بأن فيروس كورونا “ليس حربا بل هو اختبار لإنسانيتنا التي فقدت الكثير من محاسنها” حتى كانت بلاده تسيطر إلى حد كبير على انتشار الوباء وتحقق نجاحا لافتا في محاصرته والتقليل من حدته لتسجل برلين خلال الأيام والساعات القليلة الماضية أدنى نسبة في معدلات الإصابات والوفيات بالفيروس لأول مرة منذ تفشى الوباء في ألمانيا.
– قبل هذا التصريح للرئيس الألماني فرانك شتاينماير وما انطوى عليه من قيم نبيلة واعتراف ضمني بالذنب ودعوة صريحة للألمان بإحياء القيم والفضائل الإنسانية، كانت ألمانيا تترنح تحت وطأة الوباء وتداعياته الكارثية ولكنها سرعان ما بدأت تلتقط الأنفاس وتتنفس الصعداء.
– في القارة الأوروبية أيضا وبالتحديد في إيطاليا التي كانت تتصدر بلدان العالم في القائمة الأكثر تضررا من الوباء من حيث أعداد ضحايا الفيروس لكنها وبعد اعتراف قيادتها بالعجز وتفويض الأمر للسماء تراجعت إلى المرتبة الثالثة وقبل ساعات فقط على كتابة هذا المقال كانت الأنباء الواردة من روما تفيد بالسيطرة على الفيروس في جنوب البلاد وتراجع حدته بشكل واضح في الشمال بؤرة تفشي الوباء .
– في المقابل دأب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ تفشي وباء كورونا في الولايات المتحدة على الظهور كل مساء أمام وسائل الإعلام وهو منفوش الريش ومنتفخ الأوداج يستعرض قدرات بلاده وثقته الكبيرة بانتصار أمته “العظيمة” في حربها على الفيروس والعدو غير المرئي كما يسميه وإذا بالحصيلة من أعداد الوفيات والإصابات تتصاعد بأرقام مرعبة ولم تعد بالمئات ولا الآلاف كما كان الحال في بداية الأمر ولكن صارت بعشرات الآلاف يوميا ليصل أعداد الضحايا من الأمريكيين إلى قرابة المليون إنسان خلال أسابيع فقط.
– وفي الوطن العربي الذي تتصدر فيه مملكة سلمان قائمة البلدان في أعداد الضحايا من حيث الإصابات والوفيات لا يختلف حال قيادتها عن حال سيدها في البيت الأبيض وماهي إلا ساعات فقط على إطلالة وزير الطاقة السعودي وهو يتبجح بالقول بأن بلاده تواجه جائحة كورونا الوبائية من مركز قوة وانها قادرة على مواجهة الفيروس بكل ثقة واقتدار ليس في المملكة فقط ولكن في مختلف أنحاء العالم حتى ارتفعت أعداد الإصابات في أوساط السعوديين من المئات إلى الآلاف لتسجل خلال الساعات الماضية أرقاما قياسية وغير مسبوقة في دول منطقتنا العربية منذ تفشي الوباء وأتوقع شخصيا أن تتضاعف تلك الأرقام بصورة أكبر وأشد خلال الأيام المقبلة اذا استمر النظام السعودي في هذا النهج من التعالي والغرور والكبرياء في تعاطيه السطحي مع محنة كورونا.
– تُرى هل هذه الأحداث والتطورات الخاصة بجائحة كورونا في هذه الدول التي “ضربناها أمثلة” جاءت بمحض الصدفة أم أن هناك أبعادا أخرى ذات صلة بالإيمان بالله والرجوع إليه سبحانه عند اشتداد الخطوب والشدائد؟
– ألم يكن الأحرى بنظام أسرة سعود أكثر من غيره وهو من يدّعي خدمة الحرمين الشريفين أن يتوب إلى الله ويكف عن جرائمه بحق المسلمين وسفك دماء عباد الله بغير الحق ويطلب الصفح والغفران من الله عز وجل وهو القائل في كتابه العزيز “أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ”
وبالتالي المسارعة إلى التضرع والتوسل إليه سبحانه بان يرفع هذه الغمة التي لم تأت إلا بسبب الغفلة والبعد عن النهج الحق والصراط المستقيم ؟هل يستوعبون الدروس والعبر أم أحاطت بهم سيئات ما كسبوا وران على قلوبهم فهم لا يعقلون؟!