لا تتوقف خطوات منظومة العدوان الإرهابي التحالفي على اليمن بقيادة أميركا ، عند حد المواجهة العسكرية المتعارف عليها ، ولا عند القصف الجوي والصواريخ والقنابل ، ولا عند استخدام الأسلحة المحرمة والفتاكة على رؤوس المدنيين أطفالا ونساء وشيوخا آمنين ، ولا عند تحشيد الجيوش التحالفية والمرتزقة المحليين والأجانب واستجلابهم من كل أصقاع الدنيا ، بل تمارس إضافة لكل ذلك شكلا من أشكال الحروب “القروأوسطية” بالحصار والقرصنة والاختطاف لسفن المشتقات والأدوية والأغذية في البحر الأحمر، وتمارس أيضا الخداع والتضليل من خلال صناعة الكارثة واستثمارها وتوظيفها ، فهي تستخدم الإرهاب الاقتصادي والتجويع والإماتة الجماعية كأدوات وأساليب وأسلحة لفرض إرادتها على الشعب اليمني ، ثم وهي تتلذذ بالمعاناة الإنسانية والأحوال المعيشية الصعبة التي أنتجتها بفعائلها ، تتنادى يا “للكارثة التي توشك أن تقع في اليمن” !
تتحدث دول العدوان عن مأساة الحرب وفظائعها والأعداد الكبيرة من الضحايا والشهداء ، وما سببته حرب خمس سنوات من كارثة بالإنسان وبالبنى ، وهي من فعلت كل ذلك بأسلحتها ، وطائراتها ، وبارجاتها ، ومرتزقتها ، وخبرائها ، وقبعاتها، على اختلاف ألوانها الخضراء والزرقاء ، هي من قتلت المواطنين بالقذائف والصواريخ الموجهة من قاذفات إف 15 وإف 16 ، وهي من دمرت المنازل والبنى والمصالح والمنشآت والطرقات والأسواق والمساجد ، وهي من قتلت المدنيين في الطرقات وفي المساكن وفي الأفراح والأتراح ، وفي الأسواق وفي القاعات وفي الوظائف وفي الأعمال وفي كل مكان وجد فيه إنسان يمني ، بما في ذلك المقابر!
تتحدث دول تحالف العدوان الإرهابي عن الكارثة الإنسانية الوشيكة ، ويتنادى وزراء خارجيتها بالشعارات الإنسانية ولبوسها وأقنعتها ، وهي التي حاصرت اليمن من كل وارد وصادر ، ومنعت وصول الدواء والغذاء والوقود ، وقامت بقرصنة السفن التجارية على اختلاف جنسياتها وحمولاتها ، وهي من نهبت النفط والغاز والثروات والمرتبات ، وهي من شنت حربا شعواء على البنك المركزي ، والعملة الوطنية وتسببت في انهيار أسعار صرف العملات ، وارتفاع كلف الضروريات من المآكل والمشارب والملابس ، هي من اتخذت من التجويع سلاحا معلنا أشهرته في وجه اليمنيين وبالمعلن والمكشوف ، هي من أغلقت مطار صنعاء في وجه المسافرين أكانوا مرضى أو طلابا ودارسين أو أصحاب حاجة أو تجارة ، هي من احتجزت شحنات من الأدوية والمعدات الطبية الخاصة بوباء كورونا ، هي من استخدمت الملف الإنساني كأوراق ضغط سياسية وعسكرية ، وهي من استخدمت المنظمات ذات العناوين الإغاثية والإنسانية كأذرع مخابراتية وجاسوسية ، وهي من حولت العمل الإغاثي إلى عمل عدواني وأرسلت من خلاله الأسلحة إلى مناطق عدة لم يكن بمقدورها الوصول إليها إلا مغطاة باللبوس الإنسانية ، وجندت الجواسيس والعملاء ، وجمعت المعلومات والإحداثيات وباسم العمل الإنساني ، وفي الوقت الذي تمارس فيه كل الفجور تدعو اليمنيين إلى تحييد ما تسميه “العمل الإنساني” ، و”تحييد الاقتصاد” ، وإلى عدم التدخل في العمل الإغاثي ، وتتنادى لتوفير المساعدات والمعونات للشعب اليمني الذي بات معرضا للكارثة الوشيكة حد وصفها ، وهي من تصرخ بوقاحة أن افتحوا الطريق لمنظماتنا ومساعداتنا!
تنتهك دول تحالف العدوان على اليمن بقيادة أميركا حقوق الإنسان في اليمن ، وتمارس أفظع الجرائم الموصوفة بالإرهاب والعدوان ، وتدوس على قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وهي في الوقت نفسه تدعي الشرف بالحرص على حياة اليمنيين ، وعلى حقوقهم في الرأي والتعبير ، وفي القول والفعل والتحزب والتمذهب ، وهي من فتكت بكل اليمنيين على اختلاف مذاهبهم وآرائهم وأفكارهم ، بما في ذلك أدواتها الطيعة ومرتزقتها المأجورين قتلتهم بصور شتى وعديدة.
وفيما تبقى المفارقات أعلاه مثيرة للسخرية والاستهزاء ، فإن صراخ أميركا وجعجعتها بشأن السفينة العائمة صافر يكشف قبحها ، وكذبها على المستويات كافة ، فمنذ بداية العدوان في مارس 2015/م ، واليمن تدعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة في كل جولات التفاوض وبمختلف وسائل الإعلام والتواصل ، إلى معالجة وضع صافر “العائمة” التي مثلت تهديدا للمياه البحرية منذ اللحظة الأولى التي قررت “دول منظومة العدوان الإرهابية بقيادة أمريكا” منعها من تفريغ الأطنان الهائلة التي تحتويها من النفط الخام ، إلا أن “أمريكا وبريطانيا والنظام السعودي” رفضت كل تلك الدعوات ، وأصرت على إبقاء السفينة محملة بأكثر من مليون طن من النفط الخام ، ، متجاهلة مخاطر التآكل والصدأ وما يؤديان إليه من تسرب للوقود إلى المياه وتدمير الحياة البحرية بشكل كلي.
الجعجعة الأمريكية والصراخ ” البريطاني” الأخير بشأن “صافر” ، ليس استفاقة إنسانية متأخرة بالتأكيد ، ولا هو تصحيح لمسار انتهجته المنظومة العدوانية وهي لا تريد الإبقاء عليه حاليا ، ولا هو استباق للكارثة للحد من وقوعها ، بل صراخ شيطاني كاشف لحال أمريكا ومنظومتها العدوانية التي تتغطى بالإنسانية ولبوسها وتمارس من خلال ذلك كل أشكال وصنوف الحروب المعلنة والسرية ، فهي التي أرادت أن تجعل من إبقاء الناقلة محملة بالوقود ورقة ضغط وهي التي تريد أن تصنع الآن من الضجيج حولها ورقة ضغط سياسية وعسكرية وإعلامية ، أما بالنسبة لبريطانيا فهي تمثل الأداة الأمريكية الناعمة في اليمن وفي المنطقة وصراخها يندرج في هذا السياق.
استخدمت منظومة العدوان الأمريكي على اليمن جميع الطرق والأساليب لفرض مخططاتها وتنفيذ إرادتها في اليمن على مدى خمس سنوات ، دون أن تستطيع تحقيق أهدافها ، واستخدمت الإرهابيين والعملاء والخونة والأموال والأسلحة الذكية والفتاكة والمحرمة ، والحصار والتجويع والأوبئة ، ووظفت المخابرات والإعلام والمنظمات ، وحتى الشعارات والعناوين الإنسانية والعمل الإنساني والاغاثي استخدمته كحصان طروادة لتمكين أدواتها على الأرض ، لكن ثمرة القطاف كانت خائبة في كل المراحل ، وها هي اليوم تنكشف من أحد مخططاتها باستخدام العمل الإنساني كغطاء لإرسال الأسلحة وإدخالها إلى المرتزقة كما حدث في البيضاء ، أما بريطانيا فبعد الفشل والتعثر في تمرير الأجندات بقفازات ناعمة ، تعيد تنفيذ السيناريو المعتاد نفسه في استخدام ورقة مجلس الأمن التي سقطت بفعل السابق واللاحق من القرارات الظالمة التي يتخذها لتحقيق مصالح الدول الأعضاء الناهبة للشعوب والمسؤولة عن كل الكوارث والحروب في العالم ، ولا يخفى أن الادعاءات الإنسانية البريطانية بشان صافر ، (مزيقات) تكشفها صفقة الأسلحة التي باعتها في الأيام القليلة الماضية للنظام السعودي.
على الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات من العدوان التحالفي بقيادة أمريكا على اليمن، فإن الحرب ما زالت مستمرة بأشكال وعناوين وصيغ متعددة وعبر تنظيمات وأدوات وبيادق ومجموعات وهيئات إرهابية أو اقتصادية أو إعلامية تم توظيفها لتنفيذ البرامج المرحلية الخاضعة للتبدل والتغير ضمن سياق المخطط العدواني الموسع والشامل الذي يبادل بين الأدوات والوظائف والكيانات ويعدد مهامها ويبادل بين أدوارها ، وبعيداً عن مسارات العدوان العسكرية والإعلامية والاقتصادية وتصعيده المتزامن مع سيل الأكاذيب والحملات الإعلامية الماجنة، فإن المواجهة ما زالت مفتوحة على كل المسارات ، وتلك المسارات معروفة وواضحة طريقة مواجهتها والتصدي لها، فالقوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها البرية والبحرية والجوية والصاروخية تقف بالمرصاد لجميع تلك الأجندات والشعب اليمني يقف صلبا في مواجهتها وإسقاطها ، وقد أثبتت السنوات الماضية أن بمقدور الشعب اليمني أن يحقق النصر بعون الله وتوفيقه..وما ذلك على الله بعزيز.