|
عاصفة سعودية مفتعلة في اليمن
بقلم/ بسام أبو شريف
نشر منذ: 3 سنوات و أسبوعين و 5 أيام الأربعاء 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 09:09 م
العاصفة التي أثارتها السعودية على لبنان، هي عاصفة مفتعلة، ولبنان اُستخدم إستخداماً غبياً لتثبت للولايات المتحدة أن عملها في المنطقة لا يمكن أن يتم بدون مساعدة السعودية أو دورٌ رئيسي لها في ذلك.
فالهزائم التي مُنيت بها السعودية وتمنى بها كل يوم على أرض اليمن، تشكل عاملاً هاماً في إنهيار معنويات النظام السعودي وشعوره بالضعف والحاجة لحماية الولايات المتحدة وإسرائيل.
في ظل كل هذه الهزائم المتتالية والخسارات الكبيرة شن الشعب اليمني حرباً دفاعية هجومية طال فيها مطارات السعودية وموانىء نفطية ويعرف السعوديون كما يعرف الجميع أن بإمكان المقاومة اليمنية لولا تمسكها بمبادئها وأخلاقها أن تقصف المدن السعودية كما تقصف السعودية مدن اليمن ، لكن اليمنيون أبوا أن يقصفوا هكذا، ويحددوا قصفهم في السعودية لإهداف عسكرية فقط.
ومع مجيء الرئيس الجديد بايدن وتحديده إستراتيجية العمل الدبلوماسي بدل العمل العسكري وسيلة للوصول الى حلول واتفاقات ومساومات بين الدول لحل الأزمات ، شعر السعوديون بأنهم بدأوا يفقدون الدعم الكامل الذي كان يتلقونه من ترامب، تسليحاً وتذخيراً وخبراء وطيارين وضباط ميدان وعمليات استخبارية واستطلاع جوي الى أخره من هذه المساعدات الأمريكية، الذي كان ترامب يبذلها في كل سخاء للسعودية في هجومها على اليمن.
ورفع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن شعار وقف الحرب في اليمن، ولكنه في الوقت ذاته لعب لعبته القذرة بمعنى أنه لا يتدخل في الميدان بل يشعل الميدان ويبقى ينادي بالدبلوماسية والتفاوض، طريقاً للوصول الى ما كان يريده ترامب بالحرب ، يريد أن يصل له بالمفاوضات من خلال ترك الآخرين يلعبون في ميدان الدم والقتال والقتل بينما هو ينادي بالتفاوض عبر إقتراحات قد تعلوا وقد تهبط حسب ميزان القوى الذي يقرر في الميدان.
وجاء العرض الأخير، الذي لا شك أنه جاء نتيجة انهيارات متتالية لقوات السعودية في منطقة مآرب وحلفائها من داعش والقاعدة والمرتزقة ومن باع الوطن لقاء حفنة من دولارات، في ظل ذلك جاء الإقتراح الأمريكي لرفع الحصار عن الموانئ اليمنية مقابل أن يتم الإتفاق لاقتسام دخل تلك الموانىء بين الأطراف اليمنية المتقاتلة ، جاء الاقتراح هذا الإقتراح الأمريكي على لسان الأمم المتحدة كمحاولة لبدء نوع من المفاوضات قد يؤدي الى وقف القتال، لكن السعودية فهمت تماماً معنى هذا الاقتراح.
فهو تراجع أمريكي عن الدعم الكامل وغير المشروط الذي كانت تتلقاه من ترامب ، وهو دفع باتجاه التوصل الى نوع من التفاوض لا تقبل به السعودية ضمن مبادرتها ولكن يرى الأمريكيون أن الوقت قد حان له ، اذ انهم يعلمون تماماً أن القوى المقاومة في اليمن تسيطر على جزء كبير من اليمن ولها اليد الطولى في كل المعارك سواء تلك التي تدور في الشمال أو تلك التي تدور في شبوة أو في الجنوب.
في الوقت ذاته بدأت السعودية من خلال الوساطة القطرية والعراقية بنوع من اللقاءات مع إيران ، تصوروا ، السعودية التي تثير كل هذه العاصفة على لبنان مقابل تصريح لوزير الإعلام ، التقت بعدوها الأكبر (ايران) وتلتقي بها، والوفد الايراني تباعاً ، وحتى هذه اللحظة يقول بن فرحان أن المباحثات ودية رغم أنها لم تحدث تقدماً كبيراً ، أي أن السعودية التي تلتقي مع ايران والتي تعتبرها السعودية العدو الأكبر وليس إسرائيل.
هذه السعودية هي ذاتها التي اعتبرت أن ما صرح به وزير الإعلام اللبناني جريمة لا تغتفر وتتطلب سحب السفراء ومقاطعة الشعب اللبناني وعدم زيارة لبنان ورفض أي منتج من منتجات لبنان، أن يدخل الجزيرة أو الخليج ، هذه حرب على شعب لبنان ، نتيجة تصريح أعطى به وزير الإعلام قبل أن يصبح وزير إعلام، وتحدث فيه بمنطق الحقيقة منطق الواقع ومنطق الإنسان ، فقد أدان الحرب على المدنيين في اليمن وقتل الأطفال.
الموضوع ليس موضوع تصريح وزير الإعلام ، لقد إتخذ تصريح وزير الإعلام الذي أعطاه قبل أن يصبح وزيراً ذريعة لشن حرب على لبنان ، بعد فشل الولايات المتحدة المتتالي من خلال كمين الطيون وما قبله في كسر ولي ذراع لبنان وذراع حزب الله، فقد إنتصرت المقاومة في كل المعارك ، بمعركة المازوت ، وكسرت الحصار الأمريكي ، رغم أنف الاميركان والإسرائيليين ، وربحت المقاومة معركة تنامي القوى وتنامي مستوى الردع الذي جعل من إسرائيل ترهب الأعتداء على لبنان.
ووقف لبنان المقاوم وقفة صلبة في وجه أي مس بنفط لبنان وغازه في البحر وأن تحديد الحدود البحرية يجب أن يتم حسب القانون الدولي وليس حسب رغبة إسرائيل ، وتمكنت قوة الردع التي تمتلكها المقاومة من وضع حد لمشاريع إسرائيل للبدء بالتنقيب عن النفط في تلك المنطقة ، وأجبرت الولايات المتحدة على إرسال مبعوثها لجمع شمل اللجنة التي تبحث في تحديد الحدود البحرية اللبنانية.
إذن فشل الولايات المتحدة المتتابع ، الحصار الإقتصادي ، التلاعب بالبنك المركزي ، التلاعب بالعملة اللبنانية ، فرض قانون العقوبات وقيصر على لبنان، محاصرته ومنع الكهرباء ومنع الماء ، ومنع جمع القاذورات ، كلها حروب أمريكية على الشعب اللبناني ، حتى وصلت الأمور الى حد عدم قدرة المواطن اللبناني على سحب مبلغ من ودائعه في البنوك بسبب أوامر واشنطن لمدير البنك المركز الذي يخضع لإملاءات واشنطن نتيجة معرفة واشنطن بكل فساده ومصادر ثروته غير الشرعية.
السعودية أرادت أن تقول للولايات المتحدة انها تستطيع أن تلعب بنجاح ما فشلت الولايات المتحدة بتحقيقه في مناطق عديدة في المنطقة وبدأت بلبنان الذي إعتبرته ضحية سهلة، وهذا خطأ كبير، فلبنان ليس ضحية وليس سهلاً ، لبنان بلد المقاومة ، البلد التي هزمت إسرائيل وهزمت داعش ، ومن هزمهم ، هزمهم حزب الله والمقاومة ضمن المعادلة الذهبية، الشعب، الجيش، المقاومة.
قرداحي قال ما يستوجبه القول في حرب السعودية على أطفال اليمن.
كاتب وسياسي فلسطيني
* المصدر : رأي اليوم |
|
|