في الجزء الثالث من مقال "عقود أربعة من المقاومة" نتطرّق الى عنوان: دور حزب الله الوطني الداخلي (كطرف رئيسي في دعم مسيرة النمو والتطور وحماية حقوق وثروات لبنان).
بالتزامن مع معركة حزب الله الأساسية في مواجهة العدو الاسرائيلي، ومع معركته في دعم المقاومة الفلسطينية وبمواجهة الارهاب، يخوض حزب الله اليوم أيضًا معركة أخرى على الصعيد الداخلي في لبنان، لا تقل أهمية وحساسية عن تلك السابقة، وهي أيضًا معركة مرتبطة بطريقة غير مباشرة بمواجهة العدو وبدعم القضية الفلسطينية، وبمواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولحماية حقوق وثروات لبنان التي أصبحت مهددة عبر سلسلة خبيثة من الضغوط الاقتصادية والسياسية الخارجية، بهدف إرضاخ لبنان واجباره كدولة ومؤسسات رسمية وهيئات وطنية ومدنية على توقيع ما من شأنه التنازل عن موقعه الأساسي في جبهة مواجهة "اسرائيل"، من خلال افقاده قدرة الردع والقوة التي يملكها عبر سلاح حزب الله، وعلى التنازل عن الحد الطبيعي والقانوني من ثروته في البحر، والتي تشكل عامل النجاة الوحيد للبنان.
هذا الدور الذي استطاع حزب الله أن يلعبه على الصعيد الداخلي، كان له تأثير مهم في مساندة موقف الدولة والسلطات الرسمية اللبنانية، وذلك من خلال:
1 - دعم السلطة والإدارة من خلال مساهمته السياسية عبر ممثليه في الحكومات. هؤلاء مثَّلوا في عملهم مدرسة حزب الله الناجحة والصادقة، حيث رأينا عدة نماذج من هذه المدرسة في طريقة عمل وزرائه في الحكومة اللبنانية. فكان أولًا اختيارهم ناجحًا ومناسبًا كاختصاصيين كفوئين، وكانت مواكبة الجهات المعنية من حزب الله لهؤلاء الوزراء في عملهم دعمًا وتسهيلًا ومساندة رافعة مهمة، شكلت مفتاح نجاحهم وبالتالي نجاح وزاراتهم في أصعب ظروف مرّت على لبنان صحيًا وسياسيًا واقتصاديًا وماليًا.
2 - تثبيت موقف الدولة لناحية الالتزام بعدم التخلي عن موقعها الوطني أولًا، وعن ثرواتها وحقوقها القانونية الطبيعية ثانيًا. وهنا كانت لقدرة الردع التي يملكها حزب الله عبر سلاحه النوعي، دور أساسي في تثبيت موقع الدولة اللبنانية في معركة التفاوض غير المباشر مع العدو حول ترسيم الحدود البحرية، واستطاع لبنان، شأنه شأن الدول القادرة، أن يحجز له موقعًا حاسمًا من الند للند بفضل هذا السلاح الرادع، والذي طالما كان موضع استهداف خارجي، اقليمي ودولي، لكي لا يصل لبنان إلى هذه النقطة المفصلية، في موقع التفاوض المتكافىء على تثبيت وحماية ثرواته وحدوده في المياه الاقتصادية الخالصة.
وأخيرًا، بعد أن خسر خصوم وأعداء حزب الله معاركهم العسكرية لاضعافه وإنهاء نفوذه وسلب سلاحه، كانت آخر معارك استهدافه، من خلال ما حصل في معركة الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي كانت مثلها مثل المعارك العسكرية التي حاولت انهاء موقع وقوة المقاومة، كانت عبارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، خير مُعبِّر عن هذه الهجمة التي حاول الخارج، وبأياد داخلية مرتهنة، تنفيذها: "عدوان تموز العسكري في عام 2006 يقابله عدوان سياسي وانتخابي في أيار عام 2022". وحيث كانت بالنسبة للحزب معركة اثبات وجود، فقد فاز فيها بجدارة رغم كل الضغوط والمعوقات والأموال والترهيب السياسي والاعلامي والحشد المشبوه ضده وضد سلاحه وضد نفوذه ودوره وموقعه.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري