د.فاطمة بخيت
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
RSS Feed
بحث

  
على سرير الموت
بقلم/ د.فاطمة بخيت
نشر منذ: سنة و 5 أشهر و 11 يوماً
الثلاثاء 13 يونيو-حزيران 2023 10:01 م


حيثُ الخرابُ والدمارُ والقتلُ والحصارُ ثمة أرواحٌ ترقدُ خلف الجدران، تنتظرُ بشوق ذلك اليوم الذي تغادر فيه هذه الأرض إلى الأرض البعيدة علّها تجدُ فيها ما يسكِّنُ ذلك الألمَ المريرَ الذي سيطر على تلك الأجساد النحيلة والمنهكة، يراودها الأمل ليلاً ونهاراً لربما جاء اليوم الذي يُقال فيه حان السفر، لكنها ما زالت في انتظار لِمَا لم يأتِ بعدُ، فيزداد الألم ويتضاعف الحزن، ويموتُ الكثير من المرضى وهم على كشف الانتظار لا يبرحونه.

آهاتٌ وأنّات تتصاعد من شدة الوجع حيناً، ومن شدة الحزن حيناً آخر، حزنٌ تجاوزهم إلى من سواهم من الأهل والأقارب الذين يعتصرون ألماً؛ لمدى ما يعانيه مرضاهم من وطأة المرض؛ فلا يملكون حيال هذا الوضع المأساوي سوى الدموع والدعاءَ لهم بالشفاء.

وفي المقابل، نرى أنّ مَن قتل ودمّـر وشرد وحاصَر وكان سبباً في مضاعفة آلامهم، صَمَّ أُذُنَيه عن سماع أناتهم، وتعامى عن النظر في معاناتهم، وأنّى لمن هو في توحُّشهم وإجرامهم أن يسمع أَو يرى!

تجاهلت كُـلُّ الأمم تلك المعاناة، كما تجاهلت تلك الجرائمَ الوحشيةَ والعدوان الغاشم، منظمات كثيرة، بمسميات متعددة ومهام متنوعة، تبدو من أسمائها الإنسانية، لكنها في الواقع أبعدُ ما تكون عن الإنسانية؛ فلم تحَرّك فيها معاناة أكثرَ من ثمانية أعوام ساكناً، بل منها من يستثمر تلك المعاناة ويتاجرُ بذلك الألم الذي أعيا تلك الأجساد، ومنها من يُحيكُ المؤامرات وينفذ المخطّطات؛ لتدميرِ القيم والمبادئ الدينية والإنسان والإنسانية.

العالَمُ الصامتُ آل على نفسه إلا أن يستمر في صمته وجموده؛ ليكون شريكاً في مضاعفة الألم والمعاناة وموت الآلاف من أبناء هذا الشعب، ليس عن طريق آلة الحرب والدمار فحسب، بل عن طريق الحصار الذي يقتل المرضى بمنعهم من حقهم في السفر للعلاج في الخارج؛ ليصبحوا شركاءَ في الجريمة.

حواراتٌ، تفاهماتٌ، اتّفاقات ووعود بتنفيذ تلك الاتّفاقات، لكن القرار ليس بيد من بدأ هذا العدوان وتزعَّمه، بل بيد المشغِّل الرئيس له: أمريكا والغرب، الذي يقتل ويدمّـر الشعوب ويصادر الحقوق والحريات.

ومع ما حدث ويحدث من انتهاكات لحقوق هذا الشعب، إلا أنّه يظل صامداً ومقاوماً رغم وجود المعاناة والألم، حتى وإن كان على سرير الموت؛ لإيمانه الكبير أن لا مساومة على العزة والكرامة والحرية، وإن بُذلت في سبيلها الأرواحُ والمُهَج؛ لذا سيكونُ النصرُ حليفَه –بإذن الله- أطالت مدةُ عدوانهم أم قَصُرَت.

* نقلا عن : المسيرة 

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
من هدي القرآن
ميدان الحياة فيه ” نظام التدافع ” كما يقول الله: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ}
من هدي القرآن
من هدي القرآن
الأحداث كفيلة بكشف حقيقة النفسيات
من هدي القرآن
من هدي القرآن
الغزاة والمحتلون وسياستهم لتفكيك البلد
من هدي القرآن
الجبهة الثقافية
نظرة الدين الإسلامي إلى المرأة
الجبهة الثقافية
من هدي القرآن
سياسات الإفساد والإغواء لدى اليهود
من هدي القرآن
من هدي القرآن
التقوى .. معيار قبول العمل
من هدي القرآن
المزيد