أسَر مقاتلو حزب الله جنديَّين إسرائيليين، فأعلنت إسرائيل الحربَ الشاملة على لبنان!
بدلاً عن أن يقومَ باستنكار ذلك الهجوم الإسرائيلي الواسع والعنيف على لبنان ويعلن موقفاً حازماً منه، خرج علينا يومَها العاهلُ السعوديّ عبد الله بن عبد العزيز بتصريحٍ لوسائل الإعلام استنكر فيه قيام أبطال حزب الله اللبناني بأسر الجنديين الصهيونيين؛ ليعلنَ من حينه موقفاً حازماً، ليس من “إسرائيل”، وإنما من حزب الله، موقفاً برّر من خلاله الهجومَ الإسرائيلي الكبير على لبنان!
لقد كانوا في الحقيقة يعتقدون أن الأمرَ سيكون كالعادة دائماً محسوماً لصالح “إسرائيل”، وأن الجيش الإسرائيلي سيوجه ضرباتٍ قاصمةً للمقاومة اللبنانية لا تقوم لها قائمة بعدها، وأنه سيتمكّنُ من بلوغ هدفه المعلن في فرض منطقة عازلة وفاصلة تمتد من حدود فلسطين المحتلّة مع لبنان إلى ما وراء نهر الليطاني داخل الأراضي اللبنانية بسهولةٍ ويُسرٍ، أَو هكذا حسبوها!
فما الذي حدث؟!
كما فاجأ السعوديّون العربَ والمسلمين والعالَمَ بموقفهم المخزي والمتخاذل، فقد فأجأ اللبنانيون أَيْـضاً السعوديّين ومن وراءهم طوال ثلاثة وثلاثين يوماً من الصبر والصمود بما لم يكن لهم بحسبان أَو يخطر لهم على بال؛ الأمر الذي وضع القيادة والحكومة السعوديّة على إثر ذلك في وضعٍ محرجٍ وصعبٍ للغاية أمام الرأي العام العربي والإسلامي، وبصورة لم يكونوا يُحسَدون عليها!
لم تكن مؤامرة هذا النظام السعوديّ ومن معه، في الحقيقة، يومها قد تكشفت بعد كما هي اليوم، وبالتالي وفي غمرة احتفالنا بالنصر المؤزر يومها لم يكن مطلوبًا منهم بالنسبة لنا فقط سوى الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار؛ لتجاوز ذلك الأمر.
لكنهم لم يفعلوا!
فقد أخذتهم العزةُ بالإثم، في الحقيقة، ومضَوا في مؤامرتهم لاستهدافِ الأُمَّــة وضربِها من الداخل؛ حتى غدا حالُها مفكَّكةً ومنقسمةً كما تشاهدونه اليوم!
وكذلك يفعل المتآمرون دائماً!
على أية حال، ستظلُّ حربُ تموز ٢٠٠٦ وانتصار المقاومة فيها، علامةً فارقة ومحطةً مضيئةً في تاريخنا العربي انتقلنا من خلالها من مرحلة الخنوع والاستسلام والتسليم بزيف مقولة “الجيش الذي لا يُقهر” إلى مرحلة التحدي والمواجهة والصمود بغض النظر طبعاً عن تخاذل البعض منا أَو تآمرهم الواضح والصريح.
وما أظنُّ صمودَ (غزة) هاشم وقدرةَ أبنائها ومقاومتها الباسلة على مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي مؤخّراً، والتي عايشها وشاهدها العالم كله إلا امتداداً طبيعياً ومحصِّلَةً حقيقيةً من محصلات ونتائج حرب تموز ٢٠٠٦م.