أغلب خريجي الجامعات لا يجدون وظائف في مجالات تخصصاتهم. كما أن التخصصات غالباً ليست انعكاساً لرغبة وميول ومهارات الطالب، وإنما حسب الظروف وحسب المعدل في الثانوية العامة، وكذا حسب العادات والتقاليد القبلية التي ترفض التحاق الأنثى بكثير من التخصصات.
عموماً، في نهاية المطاف نجد متطلبات سوق العمل في جانب، وتخصصات الخريجين في جانب آخر، وذلك لعدم التنسيق ودراسة ما تتطلبه السوق الداخلية والخارجية، وبالتالي تحديد المقاعد في كل تخصص بحسب المطلوب، وهذا يتم في كثير من الدول، حتى أن الطالب يكون لديه وظيفة بمجرد أن يتخرج من الجامعة وينهي فترة التدريب العملي.
أيضاً هناك فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم والعمل في التخصص نفسه، فنجد أن ما درسه الطالب في وادٍ، وما يطبقه عملياً في وادٍ آخر، رغم أنه في إطار التخصص نفسه.
باختصار شديد، إخفاقات التعليم العالي لا تعد ولا تحصى، ولا يوجد تحديث منهجي ولا تقييم للجامعات ولا دراسات لسوق العمل.
وإزاء كل ما سبق هناك خطوتان يجب أن تتمَّا، كنوع من الإسعاف الأولي والمعالجة المبدئية الضرورية واللازمة والطارئة.
الأولى هي: إنشاء مركز في كل جامعة حكومية يسمى مركز التدريب والتأهيل، وتكون مهمته تأهيل خريجي الجامعة بما يتوافق مع سوق العمل عبر تدريسهم «كورس» التأهيل بحسب التخصصات وتزويدهم بما افتقروا إليه خلال دراستهم الجامعية.
والخطوة الثانية هي: الاهتمام بكليات المجتمع والمعاهد الفنية ومراكز التدريب الفنية والمهنية أينما وجدت، والاهتمام ببرامج التمكين الاقتصادي وتكثيفها وجعلها مستمرة دون انقطاع، مع توسيع مجالات التدريب لتشمل جميع المهن وبما يمكن حتى من لم يتخرج من الثانوية العامة الالتحاق بها، ثم العمل على تمويل خريجي المعاهد الفنية وخريجي برامج التمكين ومراكز التدريب المهني بما يمكنهم من فتح مشاريعهم الخاصة وتوفير فرص عمل ووسائل حياة ومصادر دخل مستدام، وتحويله إلى مجتمع منتج وفاعل بشكل إيجابي.
هذه مقتطفات أرجو أن تكون محوراً لدراسة كاملة تخدم المجتمع وتحل كثيراً من الإشكاليات وتغطي النقص والتقصير والإخفاق المتراكم منذ عقود.
والله الموفق والمستعان.
* نقلا عن : لا ميديا