تشهد اليمنُ اليوم مرحلةً رجوليةً ما عهدنا مثلها من قبل، ليس لانعدام الرجال في أوطاننا، بل لغياب أولئك الرجال عن الحكم لسنواتٍ طوال.
ومشهدُ اليوم، ونحن نرى قواتنا المسلحةَ تُعلن منعَ السفنِ المتجهة إلى الكيان الصهيوني، ولو لم تكن صهيونية، لهو موقفٌ بطولي عزَّ أن نرى له مثيل، في زمنٍ استحكمت فيه قبضةُ أشباه الرجال على سائرِ أقطارِ البلادِ العربية.
فهل كنّا نتوقع أن يتحرك وطنُنا اليمن عملياً ضد “إسرائيل”، أيام حكم الخائن صالح، والذي جعل البلدَ مزرعةً مباحة لعملاء “إسرائيل”، قبل “إسرائيل” لنفسها، وبات لعن اليهود في زمنه جريمةً يستحق فاعلها القتل والتشريد.
كنا نرى حكوماتنا ذليلةً أمام أصغر موظف في أي سفارةٍ يوالي حكامها واشنطن وتل أبيب، في وقتٍ يتحولون فيه إلى أسودٍ ضارية، ويضربون بيدٍ من حديد، إذا تجرأ المواطن اليمني على المطالبة بحقه في الكرامة.
لقد شن نظام صالح العميل حروباً داخلية على الشعب، تنفيذاً لتوجيهات واشنطن، راح ضحيتها من الدماء والأموال ما كان يكفي لتحرير فلسطين المحتلة، ومحو “الكيان الصهيوني” من الوجود، ولا غرابة أن يتباكى الغرب على فراقه في مثل هذه الأيام، بعد ظهور قوةً إقليميةً تُرعبُ اليهود وأدواتهم.
صحيح، وهذه حقيقة، أننا كنا نطبل لتلك الأنظمة في حينه، لكن ليس لنقصٍ في رجولة الشعب، بل لاعتيادنا على حكم أشباه الرجال، وقلة عهدنا برجال الرجال.
وهاهم اليمانيون اليوم يصطفون معسكراً واحداً، تحت قيادةٍ واحدة، بعد أن خبرنا كيف تكون مواقف الشجعان، في نصرة قضية فلسطين، قضية العرب والمسلمين الأولى، ولا مجال اليوم لعودة العملاء وأشباه الرجال إلى حكمنا، وقد سقطت الأقنعة وافتضحت المواقف.
إنّ شعوب أمتنا لا تحتاج إلى دروس في الرجولة، بل نماذج رجولية تصل إلى الحكم حتى تصطف الأمة خلفها في سبيل نصرة خير قضية، وليس المطلوب أن تصنع قيادتنا المستحيل، بل أن تقوم بالمستطاع، وذلك هو الجهاد في سبيل الله.
ولا شك أن مواقف قيادتنا الثورية ستلهم شعوبَ الأمة كافة، للدفع بقياداتهم وأوطانهم إلى بذل ما بوسعهم لنصرة غزة الجريحة، لأن الأمة اليوم لا تحتاج إلى الخانعين بحجة مصالح شعوبهم، بل للمتحركين حسب مطالب شعوبهم التي عهدناها مناصرة للحق رغم خيانة أنظمتها.
* نقلا عن :السياسية