دعك من الأحلام والأماني، وعش لليأس والحزن والألم والخيبة والضياع والانكسار، فماضيك سطا عليه اللصوص والتجار والكهنة والدجالون والكذابون والقتلة، ولما أردتَ العودة إلى الشوط من جديد، مستهدياً بنور فاطر السماوات والأرض تقدست أسماؤه، ومنطلقاً في ركب الحسين دماً وثورةً ومسيرةً ومنهاجاً، تكالب عليك طغاة الأرض وبغاتها من كل مكان. صحيحٌ أنك غلبتهم، وانتصرت عليهم؛ لكنك لم تنتصر سوى على الظاهرين منهم فقط، أما الجانب الخفي من هؤلاء الأعداء فقد تغلغل في كل خليةٍ من خلايا جسدك، وجرى بكل قطرةٍ من دمك، وصار حاكماً على نبضات قلبك، متحكماً بأنفاسك وأفكارك، لقد بات الكاشف لعبث العابثين، المبين لفساد الفاسدين، الناهي عن منكر، الآمر بمعروف، الحافظ لأمانة الباذلين أرواحهم ودماءهم في سبيل الله، العامل بالحق، الطامح للعدل، المحارب للرياء والنفاق بنظرك، أو بنظر الأجهزة والجهات والمؤسسات المحسوبة على ثورتك، والمعنية بتنفيذ برنامجها، وتجسيد ثقافتها ومشروعها على أرض الواقع، خائناً لأمانة الوظيفة العامة، أو أداةً تنفيذيةً للمشروع الأمريكي المعد لاستهداف الجبهة الداخلية، والمكون من أربعة مسارات أو مستويات (أ، ب، ج، د)، وكم... وكم من نكبات وكوارث يتجرعها الأحرار الثوار المجاهدون بصمت، وإذا ما حاول بعضهم رفض ما يراه ويسمعه ويذوقه، هب عليه ذباب عليين الجناب من كل حدبٍ وصوب، ولاحقته كلابهم وترصدته أينما ذهب، حتى تضيق عليه الأرض بما رَحُبَتْ.
استيقظ يا قلمي المصاب بحمى الثورة، الراعف بدماء شهدائها، فقد بدل الذين حكموا وملكوا وسكنوا القصور قولاً غير الذي قيل لهم، وصاروا يتلطون بالقشور، كي لا ينفضحوا على الملأ ويظهروا على حقيقتهم على رؤوس الأشهاد! استيقظ فالدروب كأداء، والأيام والليالي ظلماتٌ بعضها فوق بعض، وعليك أن تختار؛ إما ملازمة الحقيقة، والقول بالعدل مهما كان الثمن، وإما الانضمام إلى مواكب التطبيل، وأسراب الذباب الالكتروني، ومجاميع كلاب الصيد والحراسة!