كمواطن يمني عربي ومسلم بدأ وعيي يتفتح في حرب 1967، وعشت بقية الحروب العربية ـ العربية، والتي كانت أكثر وأشد من الحروب العربية ـ "الإسرائيلية". ومع الأسف فإني لم أرَ العرب يتوحدون في الحروب ضد "إسرائيل" كما توحدوا في عدوان إجرامي وغير مبرر على مهد العروبة وجيش وأنصار الإسلام (اليمن)، واستمر هذا العدوان لسنوات تسع ومازالت نتائجه وتبعاته وضحاياه ودماره هي واقع الحال كشهود ومشاهد.

ومع ذلك فإن عملاء السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل" يطلقون على من دافع عن الوطن "مليشيات"، ويركزون ويرتكزون على أسطوانة المشروع الإيراني.

لهؤلاء نقول: نحن نرفض المشروع الإيراني الشيعي "الإثنا عشري" الذي تطرحونه، فهل بمقدوركم رفض مشاريع أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني والسعودية والإمارات؟!

هل يستطيعون مجرد رفض مشاريع كل هذه الأطراف الأخطبوطية المتشابكة إعلامياً وسياسياً؟!

ما دمتم لا ترفضون مثل هذه المشاريع فأنتم ترفضون السلام؛ لأن المستحيل سلام تحت سقف هذه المشاريع.

وفي ظل عجزكم الواقعي السياسي والعسكري تلجؤون لعجز مركب للتعامل مع عجزكم، بل وشيخوختكم، كالقول: "إن الحوثيين يمارسون التصعيد ويرفضون السلام ولا يستطيعون العيش والحياة خارج الحرب".

هل باستطاعتكم العيش والحياة خارج مشاريع السعودية والإمارات و"إسرائيل" وبريطانيا وأمريكا؟!

لو أنكم تستطيعون ذلك لتحقق التوافق وحل السلام، لأنه لا يوجد أصلاً مشروع إيراني فوقيٌّ أو قسري، واليمن هي مع فلسطين ومع المقاومة من قبل الثورة الإسلامية في إيران، ومن يقُل إن الانتصار الفلسطيني ومحور المقاومة "هو مشروع إيران" فهو حتماً مع المشروع الأمريكي الصهيوني، والشعب اليمني يرفض سلاماً من هذا المشروع أو تحت سقفه، مهما تخفى تحت شعارات أو تحت تدنيس وتدليس كما يمارس من أنظمة التطبيع من تحت الطاولة أو من فوقها.

استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة سلام من هذا الأساس في فلسطين هو السلام في اليمن. ومن يرَ أن تحرير فلسطين هو مشروع إيراني فهو بذلك يمارس المدح لإيران، وكل ما يريده وهو مجرد عميل وأجير يعيش بخاسة وتحاسة في تحاسة ليُدين الوطن والوطنية والوطنيين تحت عنوان مشروع إيران.

تعالوا إلى كلمة سواء؛ نرفض كل المشاريع الخارجية في اليمن؛ ولكن مشروع الموقف مع الشعب والقضية الفلسطينية هو مشروع يمني، وكان مشروعاً عربياً في عهد شاه إيران، وسيظل في اليمن -وطنياً وشعبياً- مشروعاً وموقفاً وطنياً وهمّاً من أسس وثوابت السلام والاستقرار فيه. ومن يرفضوا عنوان المشروع الإيراني يعنيهم وعليهم أن يلعبوا غيرها أو بغيرها.

رئيس حكومة الكيان "نتنياهو" هو أكبر إرهابي وأكبر مجرم في العالم، ومع ذلك يقول: "هذه الحرب ستنتهي غداً إذا سلمت حماس سلاحها وأعلنت استسلامها... إلخ"!

وطبعاً فمسألة حماس كعنوان يستعمل بطريقة المشروع الإيراني، تعني فصائل المقاومة، والدليل هو أن "نتنياهو" عرض فقط على ما تسمى السلطة الفلسطينية هي مجرد حارس أمني للكيان والصهاينة، وذلك هو وضعها وتموضع في رام الله والضفة أو في أداء الدور ذاته في معبر رفح.

السلطة الفلسطينية بوضعها وتموضعها القائم هي مجرد مشروع صغير لـ"إسرائيل" ولحماية أمنها، ومرتزقة اليمن هم في التموضع ذاته والدور ذاته، فماذا يستعملون لغطاء وتغطية ذلك؟! أن يقولوا: "المشروع الإيراني"!!

بالنسبة لي كمواطن يمني فإني لا أجد غير الشكر لإيران كدولة إسلامية على جهودها ودعمها وإسنادها للمقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية. وأستطيع في الوقت ذاته أن أقول لها إني أرفض كل المشاريع الخارجية في اليمن، ومنها المشروع الإيراني الصفوي أو "الإثنا عشري" الشيعي في اليمن، فهل يمكنكم أن تقولوا أو تعلنوا هذا تجاه مشاريع أمريكا والسعودية والإمارات ربطاً بالكيان؟!

إنني أسأل ما تسمى "قمة عربية" في أكثر بلد لاهث ومازال في اللهاث للتطبيع: هل هذه القمة مع ما طرحه "نتنياهو" حول حماس والمقاومة؟!

أجيب بأنها ظاهرا لا تجرؤ؛ ولكنها باطناً تريد. ولعل الكثير من الأنظمة يتمنى أن تسير التطورات إلى حيث يصبح ما طرحه "نتنياهو" هو الواقع والأمر الواقع للقمم المستقبلية.

وإذا باتت أمريكا بعد "كامب ديفيد" هي التي تصوغ بيانات القمم العربية فالمهمة قد تناط بالكيان، فيصبح المشروع العربي "عبرياً" والأنظمة العربية "عبرانية"، وطبعاً لا غطاء ولا تغطية لذلك أو عليه، إلا الأسطوانة المشروخة ذاتها: "المشروع الإيراني"!!

ومع ذلك فإرادة الله هي الغالبة، والحق هو المنتصر، ويستحيل فناء وإفناء الشعب الفلسطيني كما السكان الأصليين في أمريكا وكندا وأستراليا، حتى لو تآمر البعض أو الكثير من الأنظمة العربية على فلسطين الشعب والقضية، وكل من يرفع شعار "المشروع الإيراني" هو متآمر على عروبته وعلى إسلامه، وليس فقط على فلسطين الشعب والقضية، والقادم كفيل بفضح وتعرية كل هؤلاء!!