بين الحنجرة والبندقية .. أيقونة الزامل ..

ومن منا لايعرفه !
من منا لا يسمعه !
من منا لايتمنى أن يكون بيننا الآن رغم أن صوته لايفارقنا !
انه لطف القحوم ..
واليوم هو ذكرى إستشهادة ١٤ فبراير ٢٠١٦م ..

بطل ومـ جاهد من ابطال ومجاهدي المـسيرة، من كتبوا وسطروا بدمائهم الزكية اعظم الملاحم وأقدسها منذ انطلاقتها ..
إسمٌ حفر في الذاكرة وتخلد في وجدان كل حُر ..
منشدٌ ثوري ومجاهدٌ مقدام ..

في العام ٢٠١٩م ، عندما بدأت إنطلاقتي في هذه المسـ يرة وفي أحد الأيام كانت إذاعة (سام أف أم) تحكي وتروي عن أحد
الـ مجاهدين وأنا أنصت !
تخلل بين سرد مناقبه مقطع زامل " أشري ياهذه الدنيا جوازي "، ثم أكمل المذيع قائلاً :
( وهاقد أُشرت يالطف جوازك وارتقيت شـ هيداً كما أردت، ها أنت تركت فينا صوتك ورحلت رغم انك كنت جريح لكنك ماتركت
الـ جبهات وعدت لها فوراً حتى استشـ هادك ) ..
عندها لم أكن اعلم من هو لطف القحوم لكني عرفت أنه خلف سيرته شخص عظيم وليس عادي !

وهاهو لطف لمن لايعرف سيرته..
هو واحد من مئات الشباب من أسرة آل القحوم الأفاضل التي قدمت العشرات من الشـ هداء منذ الإنطلاقة ..

من ابناء محافظة عمران " غولة عجيب"قلعة آل قحوم،
نشأ فيها حتى ال4 من عمره ثم إنتقل منها إلى صعدة هو وأهله وترعرع فيها
منذ صغره عرف بشغفه لصعود الجبال ومنها أكتسب الصلادة والقوة وعرف أيضاً بالإنشاد منذ كان في ال10 من عمره..
شجاع مقدام جسور، شب على الخصال الحميدة والشيم الأصيلة ..
عنيد الطبع كثير المشاكل مع أقرانه ممن يثيرون غضبه، يهوي الرقصات الشعبية " البرع " ويجيدها بإحترافية ..

إنطلق في المسـ يرة وهو لايزال في الصف الثاني الثانوي
وفي أيام الإمتحانات النهائية ترك رقم جلوسه وأرسله مع رسالة لوالدة مفادها أنه قد باع نفسه من الله والتحق بركب المـ سيرة، وقد كان اهله قبلها قد بحثوا عنه وأبلغوا عن إختفائه ..
إنطلاقته بالمسيرة بشغف وبكل مآتاه الله من قوه
اصبح مدافع عنها باستماتة وتعلق بالجهاد وعلى إثر ذلك فارق الأهل وهجرالديار لأشهر تخللها زيارات بسيطة ثم غاب عنهم لسنتين ليعود ويتزوج من أسرة مجاهدة بمبلغ ٥٠ الف ريال وبندق وجعبة بحسب توجيهات السيد..

خير من إمتلك سلاحاً صوتياً أرهب العدو، بماحباه الله من حنجرة ذهبية بليغة الأثر عند كل من سمعه يتغلغل في الأعماق وقد كان أيضاً سلاحاً للمجاهدين يشعل فتيل حماسهم واتقادهم ..
فكم ترنموا بصوته من على طقم او على تبه او في المتارس ..
لم يغب عن الجبهات، رغم أنه بداية نشأته كما أخبرت والدته أنهم لم يكونوا يؤمنوا بتلك المعتقدات وقد حاولوا منعه كثيراً ويعتقدون بأن " الحوثي قد سحره ..
لكنهم بمرور الوقت عرفوا المسيرة وآمنوا بها واهتدوا بهدي ابنهم لطف، بعد تعرضهم للقهر والظلم ايام الحروب الست والتفتيش المستمر من قبل السلطة الغاشمة آنذاك عنه في المنزل حتى في أوقات متأخرة لم يرقبوا فيهم إلا ولاذمة ..

كان لطف ممن جاهروا بالصرخة وطبعوا شعارها في كل مكان ..

جرح في الحرب السادسة بمعدل في قدمه في منطقة الحمزات ..
وشارك في الحروب التي قامت بعد الحروب الست مثل حرب كتاف وغيرها
وانفجرت قنبلة في يده وهو يحاول إلقائها على العدو وتمزقت طبلتا أذنيه إثر قذيفة دبابة أثناء أحد المواجهات ..
كان ضمن أحد الذين إقتحموا الفرقة وتعرض للكثير من محاولات الإغتيال
عرف القحوم بزامل ( مانبالي مانبالي ) والتي هي من كلمات الشاعر الشهيد عبدالمحسن النمري الذي كانت أشعاره تنول من الأنفس المنال العظيم ..
ورغم إعفائه من الجهاد وإصدار السيد القائد توجيهاً له بالبقاء في المنزل والإكتفاء بجهاده الفني العظيم كون صوته يحدث أثراً عظيماً وجلبة في محيط العدو، لكنه أبى إلا العودة الى الجبهات ورد على السيد القائد بكلمات زامل " الشهادة لي شرف والموت غاية .. سيدي عبدالملك عفواً
دمايا .. الى آخر الزامل ..

ترك المجاهد لطف القحوم أثراً كبيرا في نفوس كل من سمعه وترك مواقفاً جهادية سطرت بكل شموخ
واعاد هيبة الزامل الأصيل

وقبيل استشهاده كان قد سافر الى ثلاث دول لتلقي العلاج على مراحل متباعدة
وفي حادثة إستشهادة التي كانت في جبهة صرواح مأرب قال والده عندما نزلت الجبهة معه كنت امشي خلفه إلتفت إلىّ لطف وقال: إلى أين ذاهب؟
فقلت له معك هكذا إتفاقنا ! فقال لطف : نذهب الإثنين! ومن بيرعى الأولاد؟ وعدت مع الطقم إلى صنعاء .. ومضى هو ورفاقه إلى جبل هيلان، وماهي إلا أيام وتلقينا خبر إستشهاده..

فاز لطف القحوم بالشهادة التي ترسخت مفاهيمها في ذهنه
فمنحه الله وساماً إلهياً يستحقه لأنه ممن يستحقون العيش الدائم والرزق غير المنقطع.
وصدق القائل جل علاه :
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" ..

#صباح_الحميري

#إتحاد_الشعراء_والمنشدين