لا تسألوا العيون كيف سرقوا ضوءها حين زينوا لها الثعبان في لباس الطهر والشرف و جملوا الذئب قائداً مغواراً بهيلمان إنجازات فاقت بهاء الشمس وبهرج فتان، وشعارات رنانة وأوسمة براقة، لا تسألوا كيف سرقوا لغة الأفواه وجندوها أمام باب التبجيل تشدو آيات المديح ليل نهار وتصدح بالأهازيج وتتغنى بالبطولات و تترنم بالمآثر.
لا تسألوا كيف خانوا الأجيال حين استباحوا أوراق كتبهم الجغرافية والتاريخية والوطنية لتكون مسرحاً لأهواء الزيف والأكاذيب.
لا تسألوا الأعوام كيف توالت وطوت أيامها مغدورة مخدوعة بمن تفنن في اغتيال ساعاتها وتزيينها بؤسا وزخرفتها ظلاما وظلما.
لا تسألوا الملايين كيف رفعوا على أكتافهم من ظلوا يصفقون ويمدحون ويبجلون شخصه لسنين في غباء، وهو ما توانى يلقمهم الغثاء ويلبسهم العناء ويملأ حياتهم شقاء ويفشي الفساد ويوقف الاقتصاد، ويبني القصور ويجمع الأموال، يمنع الزراعة ويبيع السيادة، فالصحة مريضة والتعليم سقيم والسياحة نائمة والثروات منهوبة والسارقون يمرحون والمارقون يرقصون والسعودييون يفرحون والعفافيش في ثراء والأخوان في هناء، والشعب يأكل الشعارات ويشرب الهتافات وينام ويصحى على الرفات.
لا تسألوا كيف بدأت القصة وكيف كانت الخاتمة فكل لؤم وحقارة وكل جرم ومعاناة وسرقة وضائقة وتجويع وتفقير وقتل وتدمير هو من الجارة الخبيثة وحثالتها الدنيئة، من كل خائن ومرتزق وعميل.
فالحقائق كشفت والأقنعة سقطت والشعب صدم وبهت وتوجع وتألم وغضب وعزم أن يثأر وينتقم، لا تسألوا لأن الإجابة جارية والويلات آتيات لمن أفقر وتآمر وأفسد وقتل وحارب وشرد، إنه زمن انتصار الحق وأهله وهزيمة الباطل وشرذمته، فالقلة المستضعفون هم المنصورون…. وهم الوارثون.