عادت مملكة العدوان لتقصف أماكن متفرقة من صنعاء بحقد لم يتناقص عن حقدها في بداية العدوان.. وهذا الأمر يفضحها أكثر، لأنها لا تفعل كذلك إلا حين تكون موجوعة وتم قصفها في أكثر مفاصلها قوة. والقصف في المفاصل القوية يجعلها تربض وتتوحش أكثر.. فكما يقول المثل: طعنة الذليل تقتل، لذلك أكثر ضحاياها من النساء والأطفال والمدنيين.
تتوحش وتقتل بعشوائية، لأنها لم تعد قادرة على تحديد هدف معيَّن، وتقوم بقصف أي مكان حتى ولو كان مجرد أرض جرداء، المهم أن يسمع اليمنيون صوت الانفجار، لاعتقادها أنهم سيشعرون بالخوف.
اليمنيون الذين استهانت بهم السعودية، بعد أن دمرت أسلحتهم وفجرت موانئهم ومطاراتهم، وأنهكت اقتصادهم، وفككت جيشهم، اعتقدت أنهم أصبحوا في قبضة يدها، وأنهم أصبحوا لقمة سائغة يسهل ابتلاعها مادامت تتحكم في حركة مطاراتهم وسفنهم ووارداتهم وصادراتهم وحتى قمحهم وأدويتهم، ولم يدركوا أنها ستكون اللقمة الأخيرة، اللقمة الغصة التي تقف في الحلق. وكما قال الراحل البردوني:
تملك الآن عجن أمري، ولكن... سوف يُعيـيك آخر الأمر أكلي.
حتى وإن شعرت بزهو النصر في الأربعين يوماً الأولى من العدوان، فلا يسمى نصراً حين تأتي مدججاً بكل أسلحتك لقتال شعب أعزل، لأنه نصر الجبناء الذين لا يعرفون معنى انتصار الدم على السيف ومع كل تلك الجيوش الأجيرة والأسلحة التي ملأوا خزائن الدول العظمى بالمال مقابل امتلاكها، لم تنتصر السعودية حتى اليوم رغم مرور 6 سنوات من عدوانها، ولن تنتصر حتى لو امتد عدوانها لمائة عام، فكما يقال: الرمح يطعن بأوّله. وها هو الفرق واضح بين رماحنا ورماحهم، ورغم أسلحتنا البدائية إلا أنها وصلت إلى القلب وأدمت نقاط ضعفهم كثيراً.
طائرات مسيرة يمنية لا تتعدى قيمتها آلاف الدولارات، كبدتهم خسائر بمليارات الدولارات، وأوقفت شركاتهم النفطية وسببت لهم عجزاً في الميزانية.. بينما صواريخهم التي يشترونها بملايين الدولارات تسقط في الحفاء وقاعدة الديلمي والصيانة، أو تنفجر في أرض جرداء أو عرض جبل نقم، دون أن تسبب خسارة حتى بـ100 دولار في بعض الأحيان. لأن هذه الأماكن قد قصفت آلاف المرات ولم يعد فيها شيء.
أليس عليهم أن يتعظوا بعد كل هذه السنوات من العدوان، ويقرأوا الواقع؟