|
عبادة لا مهرجان تسوق
بقلم/ أنس القاضي
نشر منذ: 3 سنوات و 7 أشهر و 7 أيام السبت 17 إبريل-نيسان 2021 12:34 ص
ظل شهر رمضان المبارك مقترناً بالصوم والزهد عن الملذات والتفرغ للعبادة والعلم، وملء الجوانب الروحية في الشخصية الإنسانية وتعزيز العلاقات الاجتماعية، إلا أنه مع التغلغل الرأسمالي والتطور البرجوازي المشوه تحول إلى موسم استهلاكي كمهرجان تسوق سنوي.
ما إن يدخل شهر شعبان حتى تبدأ الهموم والاستعدادات لشراء الاحتياجات الغذائية والاستهلاكية عموماً، وتبذل الأسر وسعها في أن يكون الطعام في هذا الشهر مميزاً عن بقية الشهور، تحشد فيه الأصناف العديدة، فكأنه شهر الأكل لا الصوم، وعلى الرغم من معاناة الشعب اليمني جراء الحرب الاقتصادية العدوانية إلا أن الأسواق بدأت بالازدحام منذ بداية شهر شعبان.
لا ينحصر الاستهلاك في شهر رمضان على استهلاك الطعام، بل امتد النمط الاستهلاكي ليشمل كافة الجوانب التي تجد صداها في الإعلانات التجارية في مختلف الوسائط الإعلامية، ففي هذا الشهر تستعرض الشركات منتجاتها الغذائية أو التي تتعلق بالفرد أو المنزلية عموماً، بل تصل الإعلانات إلى الدعاية للمستشفيات والعيادات!
عبر الإعلانات التجارية تمارس الرأسمالية دوراً تخريبياً في قلب المفاهيم والتصورات وفي إعادة صياغتها من جديد، فالرأسمالية تقوم باستغلال العاطفة الدينية لهذا الشهر الفضيل، وتحاول أن تربطه بسلعة مُعينة، ففي مشاهد الإعلان التجاري ترتبط لحظة الفطور المميزة لهذا الشهر، ترتبط البسمة فيها والتقاء العائلة وظهور المودة الأسرية كلها، ترتبط بسلعة مُعينة، فالإعلان التجاري يُظهر أن اليوم الرمضاني والفرح العائلي يدور حول سلعة مُعينة تقدم وقت الفطور، سواء كانت مما يؤكل أو مما يُشرب.
في هذا الشهر تصمم الشركات الدعائية شخصيات كارتونية أو بشرية، وتقدمها باعتبارها رمزاً دالاً على رمضان، لتروج لمختلف السلع من أدوات طعام ومن أطعمة ومواد زينة وغيرها، فيهرع المستهلك إلى اقتناء هذه السلع ويتوهم أن الفرحة الرمضانية ناقصة بدون اقتناء السلع التي عليها هذه الشعارات والصور.
أصبح شهر رمضان المبارك شهر استهلاك ما تقدمه السينما وشركات الإعلام، مسلسلات بمختلف أشكالها وأنواعها وبرامج مسابقات وتسالٍ مختلفة. استغل الإعلام حقيقة تجمع الأسر في هذا الشهر، ليحل الإعلام محل الأسرة، فلم تعد التجمعات قائمة على الحكايات المليئة بالحكمة والعبر والدروس القرآنية والمواعظ والجلسات العائلية. أصبحت الجلسات العائلية هي الصورة، ولكن الحقيقة أن كل فرد يجلس مع شاشة التلفزيون.
* نقلا عن : لا ميديا |
|
|