يبدأ في النظر إليك كما لو أنه ينظر إلى متـَّهم، ويتفحَّص مقاسات ثوبك الذي لا بد أن يكون قصيراً، ويقترب منك ليشم رائحة فمك خشية أن تكون مدخناً والعياذ بالله، ثم يبدأ في الحديث معك بحذر شديد كما لو أنه يتحدث مع قاتل تسلسلي. أما إن كنت تتناول القات فهي فرصته ليكفرك ويخرجك من الإسلام دون أن تهتزّ له شعرة.
كان جارنا السلفي يمشي في الشارع وهو ممسك بالمصحف الصغير يقرأ منه ولا يرفع عينيه ولا ينشغل بشيء سوى قراءة القرآن في الشارع، في ظاهرة غير مسبوقة، مع أنه كان يحدثنا كثيراً عن الرياء. وكنا نعتقد أن بإمكان هذا الرجل أن يمشي على الماء كالأولياء والصالحين.
نفس الذين كانوا يشاهدونه يتسربل بلباس الورع والتقوى، ويتمنون لو أنهم مثله، شاهدوه مقيداً والشرطة تخرجه من بيته بطريقة مهينة، وحين سألوا الشرطة عن سبب تقييده وجرّه بهذه الطريقة، قال الضابط: هذا الرجل يسكن في هذا البيت المستأجر منذ سنة كاملة، وقادتنا التحريات إلى أن المرأة التي يسكن معها ليست زوجته، ولا هؤلاء الأطفال أطفاله. فبهتوا جميعاً، ولم يعودوا يتمنون لو أنهم يكونون مثله.
في هذه اللحظة أيقنت أنه لن يستطيع المشي على الماء كالأولياء والصالحين، ولن يستطيع المشي حتى على الأرض، فقد بقي جالساً بعد أن خانته رجلاه المرتعشتان.
يشبه تماماً جارتي، المنقبة بأكملها، التي تمشي مغطية عينيها ويديها لكثرة تديّنها وتقواها، جاءت إلى بيتي في زيارة خاصة للتسامح قبل رمضان.
لم أكن موجوداً.. وإن كنت موجوداً فهي لا تتحدث إلى الرجال والعياذ بالله.
تحدثت مع زوجتي قليلاً وقالت لها: بصراحة أنا أخترق شبكة النت حقكم، وأحمّل منها دائماً، وحاولت أن أمنع نفسي ولكني لم أستطع، الشيطان شاطر يعني.
اللعنة على هذا الشيطان الذي لم يكن شاطرا إلا في اختراق شبكة النت حقي.
ولتبرئة ذمتها حاولت أن تدفع 500 ريال، مقابل هذه السرقة التي كلفتني كثيرا وجعلتني بدون إنترنت لأيام كثيرة.
لم يعاتبها أحد، ولم ينصحوها، فقد تبلدوا جميعا وشعروا بخجل شديد نيابة عنها.. كيف لا، وهي التي كانت تلقي المحاضرات وتحدث النساء في الموالد والمناسبات عن أهمية اللقمة الحلال وفضيلة الصدق، وعن ذات النطاقين وغسيل الملائكة والشجاع الأقرع والكلابيب، وفضائل الحبة السوداء التي تفوقت في مفعولها على الحبة الزرقاء، وعن سابع جار.
* نقلا عن : لا ميديا