حاوره: أحمد رفعت يوسف - دمشق / لا ميديا -
المناضل ماهر الأخرس ليس مجرد مقاوم عادي، وإنما هو بطل له تجربته الخاصة التي استطاع من خلالها قهر العدو وإجباره على الاستسلام لإرادته حتى وهو داخل السجن من خلال خوضه معركة الأمعاء الخاوية بالإضراب عن الطعام.
103 أيام معركة قاسية خاضها المقاوم الأخرس بدون طعام، مستمداً قوته من مظلوميته وعدالة قضيته، وكاد أن يفقد حياته، وكان مستعداً للمتابعة حتى النهاية، لكن إرادته انتصرت أخيراً وكان له ما أراد، واضطر العدو الصهيوني إلى الانصياع أمام إرادته، قبل أن تتحول قصة الأخرس إلى قضية رأي عام عالمية سيخسرها العدو سلفاً، بخاصة وأن أسرته انضمت إليه في الإضراب عن الطعام في الأيام الأخيرة لاعتقاله، وكان يمكن أن ينضم نشطاء ومناضلون إليه في الإضراب.
الملفت أن المناضل الأخرس لم يكن فقط مقاوماً بإرادة حديدية، وإنما كان متحدثاً بارعاً، استطاع من خلال تعبيره عن قضيته وتواصله مع وسائل الإعلام أن يتفوق على العدو الصهيوني في معركة الإعلام والوعي.
صحيفة «لا» التقت الأسير المحرر ماهر الأخرس للوقوف على تجربته وموقفه من القضية الفلسطينية والمقاومة ومواضيع عديدة أخرى.
بثباتكم أنتم لنا المثل القوي
في بداية اللقاء تجاوز المناضل ماهر الأسئلة وبدأ كلامه بتحية خاصة لأهل اليمن قال فيها: «نحيي الشعب اليمني ونحييكم على مواقفكم المشرفة، ونسأل الله لكم الثبات حتى تتحرروا من كل كيد، وكل من يتآمر عليكم من أبناء العروبة ومن أمريكا ومن أتباع أمريكا.. أنتم ثابتون وأنتم لنا المثل القوي.
حياكم الله وسلامي إلى السيد عبدالملك الحوثي وللثوار الذين ثبتوا على الإيمان.. أهل اليمن أهل الإيمان.. أنتم الثابتون ونحن بانتظاركم لتحرير القدس إن شاء الله مع محور المقاومة الثابت على الحق رغم المكائد، ورغم الحصار، ورغم ما ضيقوا عليكم، ورغم القتل، ورغم هذه الصواريخ، والقنابل الذكية الأمريكية الصهيونية، لكنكم ثبتم ورددتم الصاع صاعين على من اعتدى.. الله يحييكم وينصركم إن شاء الله».
بوصلتنا هي المقاومة
بداية نهنئكم بالعملية البطولية بخروج الأسرى الستة إلى الحرية رغماً عن أنف الاحتلال.. كيف ترى هذه العملية وتداعياتها على الكيان الصهيوني من جهة، والوضع الفلسطيني والمقاومة من جهة ثانية؟
هذه العملية التي خرج منها أبطال الجهاد والمقاومون الفلسطينيون من أقوى سجون العالم تحصيناً، تذل هذا الاحتلال وتذل أمنه وتجعله ضعيفاً أمام رجال فلسطين وأمام هذه المقاومة من أبناء شعبنا الفلسطيني.
هذه العملية تحدد للشعب الفلسطيني أن بوصلتنا هي المقاومة وعدم الخضوع لهذا الاحتلال.. هي تقوي شعبنا الفلسطيني ليكون في محور المقاومة، وأن ينضم من لم ينضم إليه من أبناء شعبنا الفلسطيني إلى هذا المحور المقاوم، ولا يمكن أن ننتصر بدون هذا الثبات وأمثال هؤلاء الرجال.. الآن كل الشعب الفلسطيني فرح لنجاح هؤلاء المقاومين في الخروج من هذا السجن، وهذا هو حال الشعب الفلسطيني عندما ينتصر أحدنا فالكل يفرح.
اطردوا السلطة العميلة
هذا يقودنا إلى التنسيق الأمني بين «السلطة الفلسطينية» والعدو «الإسرائيلي».. ماذا تقول عن هذا التنسيق، خاصة وأن من بين المحررين قائد كتائب الأقصى التابعة لفتح، وهناك اتهامات بأن السلطة المحسوبة على فتح هي من سهلت اعتقاله؟
نقول إن هذه السلطة التي رضيت عنها «إسرائيل» والتي تنازلت عن فلسطين، وتنازلت عن حقوق الشعب الفلسطيني، وعن حمل السلاح الآن، هي تعمل مع الاحتلال بما يسمى التنسيق الأمني، بل هي الخيانة.. هم سيخسرون لكن شعبنا الفلسطيني لن يسكت على هذا، وإن سكت عليه لوقت قصير فلن يستمروا، وعندما يثور الشعب الفلسطيني فسوف يطيح بهؤلاء كلهم ممن خانوا فلسطين.
زكريا الزبيدي ابن فلسطين من كتائب الأقصى التابعة لفتح.. يوجد في فتح من ينضم إلى السلطة ويدافع عنها، ولكن يوجد هناك ثوار من أبناء فتح الشرفاء، وأقول إن زكريا الزبيدي أحدهم، وتآمرت عليه السلطة وتآمرت على الكثر من أبناء الفصائل الأخرى، لكن لا نستطيع أن نحمل سلاحنا ضد هذه السلطة وهو سلاحنا فقط ضد سلطات الاحتلال، ونقول لشعبنا عروا هذه السلطة واطردوها ولا تقبلوا منها هذا العمل.
انتصار رغم الآلام
سبق خضت نضالاً بطولياً بطريقة أخرى من خلال معركة الأمعاء الخاوية، التي أجبرت العدو على الرضوخ لمطالبك وتحريرك.. والآن بعد مضي عدة أشهر على هذه المعركة.. كيف تتذكر ما جرى؟ وماذا تقول للمقاومين وللشعب الفلسطيني؟
عندما أضربنا عن الطعام ولو بشكل فردي كان هناك الانتصار رغم الآلام، ورغم قوة هذا الإضراب، وقد يودي بحياة الشخص المضرب عن الطعام، ولكنه تحدٍّ لهذا الاحتلال، فإن لم نتمكن جميعا من الاتفاق على أن نقاوم هذا الاحتلال فليقاوم كل واحد منا بنفسه وبما يقدر عليه، الآن ستة أسرى خرجوا من الأسر بصمود وبثبات، لم يتعاون معهم أحد، وهم فقط لوحدهم من داخل زنزاناتهم فكروا ودبروا واخترقوا الأسوار وخرجوا، وإن شاء الله بمقاومتنا وثباتنا ننتصر.
مؤامرات داخلية لتقسيم الفلسطينيين
الشعب الفلسطيني منقسم بين قطاع غزة والضفة، أو بين فصائل المقاومة وتحديداً حماس والجهاد من جهة والسلطة الفلسطينية من جهة ثانية.. كيف تنظر إلى هذا الانقسام..؟ ولمن تحمل المسؤولية؟
هذا الانقسام الذي جاءت به هذه السلطة باتفاقيات مخزية، والتي لا يوافق عليها 90% من شعبنا الفلسطيني، وهي مصلحة لأشخاص في السلطة وليس مصلحة الشعب الفلسطيني، والتي يدعمها العالم الظالم بقيادة أمريكا ومن مع أمريكا والصهاينة ودعم مشروع حماية للصهاينة وليس حماية للشهب الفلسطيني.
الانقسام هو انقسام بين الحق والباطل، وبين من تنازل عن فلسطين ومن تمسك بكل فلسطين، بين من ينسق مع الاحتلال ويخون ومن حمل راية المقاومة.. هل تتوقعون أن نقبل بما قبلوه؟ لا تجوز الوحدة على هذه النجاسة وهذا التنازل وهذه الخيانة.
هذا هو القاسم الذي وضع الشقاق بين الفلسطينيين، وهي هذه السلطة وما جاءت به من مؤامرات..
محور المقاومة سينتصر
مسارات الصراع من فلسطين إلى سورية إلى لبنان إلى العراق إلى اليمن وغيرها من الساحات.. هل ترى أن ما يجري حالة منفصلة لكل جبهة أم أن هناك خيطاً واحداً يجمعها؟
محور المقاومة الذي يمتد من اليمن إلى إيران والعراق وسورية ولبنان وفلسطين.. هذا المحور هو محور واحد إن شاء الله، وهمه واحد، وهو إزالة الطواغيت من الحكام العرب الذين يتآمرون ويحكمون الشعوب بالظلم والاستبداد، وتحميهم أمريكا والصهاينة وهم تابعون لها.. حكام باسم عربي وإسلامي ولكنهم يمثلون الصهاينة وهم جزء من الاحتلال الصهيوني.
محور المقاومة محور شريف، وهمه واحد، وهو أن نتخلص من هؤلاء الحكام، وأن نتخلص من الاحتلال الصهيوني والنفوذ الأمريكي في المنطقة وأن يحرروا فلسطين.
إذا تحررت فلسطين فهذا المحور سينتصر على الباقين، بمزيد من التعاون والقوة سننتصر إن شاء الله.
من ضلوا الطريق
هناك اليوم شرخ حقيقي بين بعض فصائل المقاومة وتحديداً حماس، وسورية المعروف عنها وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، واستقبالها قادة حماس وحمايتهم، وكادت أن تتعرض إلى عدوان أمريكي بعد غزو العراق بسببهم.. كيف تنظر إلى هذا الموضوع والعلاقة مع سورية؟
الخلاف الذي وقع بين حماس وسورية ومحور المقاومة، بسبب أن حماس جزء من الإخوان المسلمين.. يوجد منها من ضل الطريق، وهم كثيرون.. هم ينهجون نهج الإخوان المسلمين الذي هو نهج خاطئ، ويسير هؤلاء وراء المصالح ووراء إرضائهم الحكومات لكي يعيشوا بسلام مع تلك الحكومات ومع أمريكا والصهاينة.. ضلوا الطريق، لكن محور المقاومة يدعم كل من حمل السلاح ضد هذا العدو ويدعم النهج المقاوم للعدو.
هذا المحور لا يهمه من خالفه، ولكن يهمه من يحاول أن يطيح بهذا الاحتلال، ولا أتوقع من محورنا إلا أن يكون داعما ولو اختلفنا بأشياء كثيرة، وعلينا توجيه البوصلة جيداً، وكل الشعوب يعرفون الحقيقة، ويجب أن يدرس هذا ويعلم لكل الشعوب، ونحن نتحرق لإحقاق الحق، ونتكلم، والحقيقة دائما هي التي ستنتصر والباطل سينهزم.
شكرا لدول المحور
السيد حسن نصر الله قال بأن التنسيق دائم بين المقاومة اللبنانية والفلسطينية وأنهم كانوا حاضرين في غرف العمليات خلال معركة سيف القدس.. كيف تقرأ كلام السيد والعلاقة بين المقاومتين الفلسطينية واللبنانية؟
لا أتوقع من سيد المقاومة السيد حسن نصر الله إلا النهج القويم والرأي الصائب.. هو دائما يشير إلى بوصلة فلسطين وإلى القدس، وهو دائما شوكة في حلق أمريكا و«إسرائيل» والعملاء، فهو نهج قويم والتعاون معه على أعلى المستويات من كل الفصائل الفلسطينية المقاومة، وهو دائما يسلح ويدرب ويعطي الخبرة لكل المقاومين في غزة والضفة هو ومحور المقاومة، وهو اليد الطويلة في خدمة هذا المحور.
نشكره ونشكر كل هذا المحور على تعاونه، ولا نشك يوما من الأيام أن يكون المحور إلا موحداً مع السيد نصر الله ومع كل المقاومة.
انكشفت حقيقتهم
كيف تنظر إلى تمدد مسار التطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة العربية وبخاصة الخليجية باعتبارها هي التي بادرت إلى ذلك؟
المطبعون كانوا يشتغلون بالخفاء، أما الآن فهم يعملون علناً، وهذا أفضل مما كان في الخفاء، لأنهم كانوا في الخفاء يقولون إنهم داعمون لقضية الشعب الفلسطيني، ويقاتلون من أجل تحرير فلسطين، ولكن حقيقتهم الآن بانت أمام من كان ضالاً عن الطريق وينظر إليهم بأنهم داعمون لقضية فلسطين ولقضية الأمة الإسلامية والعربية، الآن هم واضحون.. هم يمثلون أنفسهم ويمثلون حكوماتهم ولا يمثلون شعوبهم.
يجب علينا أن نكون إلى جانب شعوبهم حتى يتخلصوا منهم، وإذا تخلصوا منهم تخلصنا من هذا التعاون، وهم كلاباً لأمريكا و«إسرائيل» ولا يمكن أن يكونوا يوماً مع محور الخير والمقاومة، لذلك يجب عزلهم وتعريتهم.
لن يكسروا إرادة الشعب اليمني
في اليمن صراع يؤكد الجميع أنه يرتبط بالصراع العربي الصهيوني.. كيف تقرأ ما يجري في اليمن؟
اليمن عندما رفعت شعار «الموت لأمريكا الموت لإسرائيل»، حوصرت، ورفضوا أن تحكم بهذا الاسم وهذه العناوين، ورفضوا أن تكون جزءا من المحور، وتكالبت عليها بعض الدول العربية بما تسمى السعودية والإمارات وقطر وكل الداعمين وأوروبا وأمريكا والصهاينة، وضربوا اليمن ليكسروا هذا العنوان ويكسروا إرادة الشعب اليمني الذي ثار لأجل فلسطين والمقدسات، ولكنهم سينكسرون أمام صموده، وقوته وإرادته وتوكله على الله وتمسكه بهذا المحور الإيماني والثوري إن شاء الله.
الكلمات لا تفي حقكم
الشعب اليمني رفع شعار تحرير فلسطين والموت لـ«إسرائيل».. ماذا تقول للشعب اليمني؟
نقول للشعب اليمني وإخوتنا أنصار الله: حياكم الله.. هذا شعار أهل الإيمان، أهل المجد والتقى.. فهم الذين قال عنهم الرسول: «أنتم أهل الإيمان يا أهل اليمن» في حديثه عن أهل اليمن أهل الإيمان في آخر الزمان.
أنتم لا يهمكم مناصب ولا قصور.. أنتم تعيشون لله في جبال وتتوكلون على الله، وبإيمانكم وبصبركم ستنتصرون.
نحن نشكركم.. ونحن نضعف أمامكم ونقول الكلمات لا تكفيكم ولو كتبنا أو قلنا الكثير على فعلكم هذا.. إن شاء الله نلتقيكم في ساحات القدس تؤموننا في المسجد الأقصى.
سلامي لأهل اليمن وشهداء اليمن، الذين صبروا على هذا العدوان الأمريكي الصهيوني العربي المخزي، وستنتصرون وبقوتكم وإرادتكم وبتطلعكم إلى هذا المحور، وبتعاونكم مع هذا المحور ستأتون إلى فلسطين عما قريب تحررونها، وتقهرون كل الذين خانوا، وتقهرون العدو الأمريكي الصهيوني إن شاء الله.
«أوهن من بيت العنكبوت»
كيف تنظر إلى المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة والمنطقة بشكل عام؟ هل هو إلى مزيد من القوة والتمدد خصوصاً بعد موجة التطبيع، أم هو في ثبات لوقت طويل أم إلى زوال كما يرى البعض؟
أنا أراهم كما قال سيد المقاومة حسن نصر الله أنهم «أوهن من بيت العنكبوت»، وهم ضعفاء وجبناء رغم القوة التي بأيديهم من أسلحة ومعدات، ولكن إرادة الإيمان وإرادة الحق والثبات على الحق هو الذي ينتصر، وهم خائفون جدا ومشتتون ويخافون من أي مقاوم فما بالكم بآلاف المقاومين أو ملايين المقاومين الذين سيدفعون بأرواحهم فداء للأقصى وللحق.. هم ضعفاء جداً، ومشروعهم انهزامي، وقريباً ستدمر «إسرائيل» على يد هذا المحور الإيماني إن شاء الله.