بعد ساعات من بدء العدوان ذهب مع إخوته إلى منزل أحمد علي عبدالله صالح وقال له: “سلّمنا العُهد فقالوا لنا: أين عتسيروا؟ قلت: السعودية تحاربنا. قالوا: كيف عتسير؟ قلت: خاطركم. تحركت أنا وإخوتي. وصلت البيت وان امي بتصيح. قلت ما لك؟ قالت بتبسر اليهود كيف بيضربونا؟ قلت كيف وجب الجهاد؟ قالت وجب، شل اخوتك السبعة يسيروا يجاهدوا. قلت خلاص باشل ثلاثة من عيالك وأخلي لك أربعة. قالت سابر. وأول يوم من العدوان ذهبنا باتجاه الحدود وقضينا ثلاثة أيام ما حد يعرفنا”.
وُلد اللواء ناصر حسين القوبري (أبو صلاح) في العام 1975 في قرية دار سَلْم/ مديرية “سنحان”. تربى وترعرع في مسقط رأسه وتدرج في الحياة العلمية حتى التحقَ بالكلية الحربية في العام 1995, وتخرّج فيها بعد ثلاثة أعوام من التحاقه.
كان الشهيد أبو صلاح أباً لثمانية أبناء، بينهم أربعة من الذكور، استشهد أكبرهم صلاح.
تقلّد العديدَ من المناصب العسكرية آخرها رئيساً لعمليات اللواء 83، ليرتقيَ بعد ذلك إلى منصب المجاهِد في سبيل الله ونُصرة المستضعفين, المدافع عن الحرية والعزة والكرامة.
يعتبر أحدَ أبرز ضباط الحرس الجمهوري الذين انطلقوا لمواجهة قوى الشر والضلال منذ بداية العدوان على اليمن، ومعه الشهيد العميد الركن حسن الملصي.
عُرف بالنزاهة والشرَف طيلة حياته في السلك العسكري. شكل مع زميليه العظيمين الشهيد “أبو حرب”، والشهيد أحمد العزي، ثلاثياً لطالما لقّن الأعداء في نجران دروساً عسكريةً قلبت موازينَ المعادلات الحربية رأساً على عقب, فقد جعلوا من البندقية بأساً أذاب المدرعات والدبابات، ومن القذائف حِمماً تساقطت غضبا وفتكا بأعداء الحياة.
وتظهر شخصية الشهيد “أبو صلاح” في مسيرته النضالية التي اجترحت الملاحمَ والبطولات، وجسّدت ثقافة أصيلةً معبرة عن الهُوية اليمنية الإيمانية الحقيقية، في الولاء لله والبراء من أعداء الله والأمة، والتي كانت خلفَ شجاعته وبطولاته التي تضافُ إلى بطولات الشعب الأبي الصامد، وسيتغنى بها اليمانيون عبر الأجيال.
تشع كلماته بشموخ الرجال الأفذاذ الذين انصهروا بأعباء وشرف مهنتهم. يقول: “انطلقنا بداعي الغِيرة، بداعي الوطنية، بداعي الواجب، لأنك ضابط وانت أقسمت بالله وحلفت. عتكذب على الله؟!”.
يلتقي برفيقه الشهيد الملصي ويدور بينهما حوار فيكتشفان أن تفكيرهما يكاد يتطابق. ويبدآن بالتنسيق لكيفية الوصول إلى الجبهة.
توجّها إلى أحد مراكز أنصار الله في صنعاء. “قالوا لنا نحن بندوركم، أين انتوا من اول. الآن نسلم لكم الأسلحة والسيارات وكل المجاميع واوقعوا أنتم القادة. قُلت قادة مه؟! بنقول لكم نشتي تصريح نسير الحدود… قالو عَنَدّي لكم السيارات. قلنا معانا سيارات. قالو ندّي الأسلحة. قلنا معانا أسلحة، نريد التصريح فقط”.
استشهد يوم الأربعاء 18 نيسان/ أبريل 2018 في أطراف محافظة صعدة على الحدود اليمنية السعودية.
* نقلا عن : لا ميديا