محاربة الفساد واجتثاثه من جذوره واستئصال شأفته والقضاء عليه وتطهير مؤسسات الدولة من رموزه وأباطرته وأدواته ليست بالمهمة السهلة أو الميسَّرة كما يظن البعض وخصوصا خلال هذه المرحلة التي يتعرض فيها وطننا وشعبنا لعدوان غاشم وحصار جائر ، علاوة على تجذّر الفساد وتعمّقه في غالبية مفاصل الدولة نتيجة السياسة العقيمة التي اعتمدت عليها السلطات السابقة التي شكَّلت بيئة حاضنة للفساد ومشجعة وداعمة ومساندة للفاسدين ؛ ولكنها في الوقت ذاته ليست مهمة مستحيلة أو عصيَّة على التنفيذ وخصوصا إذا ما توفرت النوايا الصادقة والإرادة السياسية القوية التي تمتلك الرغبة في تطهير مؤسسات الدولة من مافيا الفساد ومصاصي دماء الشعب من أي طرف أو مكون سياسي .
محاربة الفساد يجب أن تتحول إلى برنامج عمل وثقافة وسلوك دائم لا يخضع لأي استثناءات أو انتقادات أو لتصفية حسابات حزبية أو سياسية أو شخصية أو تكون وسيلة لتبرير الإقصاءات ، لأن ذلك سيكون ضربا من ضروب الفساد من خلال الاستغلال السيئ للسلطة والنفوذ ، وإذا ما وصلنا إلى هذا المستوى من الوعي والثقافة والالتزام ، فإن محاربتنا للفساد ستؤتي أكلها وتحقق أهدافها بأقل الخسائر الممكنة ، وسيكون الجميع في مواجهة أي مظهر من مظاهر الفساد وتعرية كل من يثبت تورطهم في قضايا فساد أولا بأول ، وهو ما سيسهم في الحد من الفساد والفاسدين .
الفاسد عنصر شاذ في المجتمع ، عنصر ضار يستوجب كبح جماحه وتطهير مؤسسات الدولة منه ، وهو في المقام الأول لا يمثل إلا نفسه ، بمعنى أنه بمفرده من يتحمل جرم فساده وإفساده ، إلا في حال ارتباطه بخلية أو عصابة أو شلة تمارس الفساد المنظم ، ومن يقف مدافعا أو مساندا لفاسد فهو شريك له في فساده وعبثه بالمال العام سواء كان فردا أو حزبا أو مكونا سياسيا ، ولا يوجد أي مبرر منطقي يحول دون إخضاعهم للعقاب والمحاسبة إذا ما أردنا بناء الدولة اليمنية الحديثة ، فلا يمكن أن نحقق تقدما في مسار تنفيذ مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة ، في الوقت الذي ما يزال الفساد ينخر في جسد الدولة المثخن بالجراح ، حيث يعد الفساد إحدى أبرز العقبات والمعوقات التي تحول دون المضي في تنفيذ مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة، هذا المشروع الوطني الرائد الذي أعلن عنه الرئيس الشهيد صالح علي الصماد، رضوان الله عليه.
بالمختصر المفيد، على طريق الوصول إلى يمن خال من الفساد والفاسدين ، لا حصانة لفاسد ، ولا مقام للفاسدين في مؤسسات الدولة بعد اليوم ، الوطن قدَّم تضحيات كبيرة جدا ، ومن باب الوفاء لها نتطلع للحظة الفارقة التي يتم فيها الإعلان عن تطهير وتنظيف كافة مؤسسات الدولة من الفاسدين الذين أزكمت روائح فسادهم الأنوف وبات السكوت عنهم و(الدعممة) على فسادهم أشبه بعدوان داخلي لا يقل ضرره وخطره عن العدوان الخارجي ، وهذا ما يتعارض مع الأهداف الوطنية النبيلة التي قامت من أجل تحقيقها ثورة الـ21من سبتمبر والتي كان في مقدمتها محاربة الفساد والفاسدين.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.