قد يستاء البعض من قبول قيادتنا لهدنة الأمم المتحدة باعتبارها لم تتطابق مع مطالبنا ومبادرتنا بشكل كلي.
فمثلا نجد في هدنة الأمم أن فتح مطار صنعاء مشروط ومحدد فهو محدد برحلتين أسبوعيا فقط ومشروط بتوجه الرحلات الى الأردن ومصر فقط، وفي ما يخص ميناء الحديدة لم يتم رفع الحصار بشكل نهائي واكتفوا بالموافقة على إدخال 18 سفينة خلال شهرين وإطلاق السفن المحتجزة، بالإضافة الى فتح المعابر وتبادل الأسرى.
وفي الحقيقة القبول بهذه الهدنة كان قرارا صائبا وحكيما فأولا هي هدنة عبر الأمم المتحدة وليست عبر التحالف وبالتالي لم نتعامل مع التحالف كوسيط كما كان يرجو وإنما كخصم أساسي والوسيط هي الأمم المتحدة، ثم إن الهدنة توضح لكل من جهلوا حقيقة إجرام العدوان بأن التحالف هو السبب الرئيسي في كل المآسي والكوارث الإنسانية التي تجرعها الشعب اليمني منذ بدأ العدوان فها هو اليوم يوافق على إدخال سفن الوقود وفتح مطار صنعاء فيما كان سابقا يحاول أن ينفي ذلك ليتنصل من المسؤولية والتبعات الجنائية والمالية المترتبة على انتهاكاته ومخالفاته الجسيمة للقوانين الدولية سواء بشأن حرية الحركة والتنقل أو قطع شريان الحياة بمنعه دخول سفن الوقود، فقد كان سابقا يدعي عدم جهوزية مطار صنعاء وتارة يدعي استخدامه في أغراض عسكرية كما أنه افترى مرارا وتكرارا بوجود ألغام تملأ ميناء الحديدة وضغط بقوة لتحويل مسار الاستيراد الى ميناء عدن بشكل حصري ولم يعترف يوما بأنه يغلق المطار ويجمد الميناء ويمارس القرصنة على السفن وقبوله بتنفيذ ما ورد في الهدنة يدحض كل افتراءاته وأكاذيبه كما أنه يثبت جرائمه وانتهاكاته بغض النظر عن إعلان شرعية الفنادق موافقتها على إطلاق السفن وفتح المطار وكأنها هي من قررت احتجاز السفن وإغلاق المطار بينما ذلك لا يسقط حقنا ولا يعفي تحالف العدوان من تحمل المسؤولية الكاملة جنائيا وماليا فلا يوجد أي قانون في العالم يعفي المجرم من العقوبة لأنه ارتكب جريمته تنفيذا لقرار فلان وحكاية أن الشرعية المزعومة قررت والتحالف نفذ هذا كلام فارغ ولن تكون مآلاته إلا أن يتحمل جميع المعتدين على اليمن المسؤولية الكاملة كلا بحسب دوره.
ومن ناحية أخرى نحن لم نقدم أي تنازلات مقابل الحصول على ما ورد في الهدنة فمثلا لم نوافق على استمرار بقاء تحالف العدوان في المناطق المحتلة كما كانوا يرجون ولم ننسحب من المناطق المحررة مؤخرا كما طلبوا ولم ولن نتنازل عن سيادة واستقلال اليمن الموحد وهذا هو المعيار الذي يجب أن نبني عليه رؤيتنا.
التنازلات كلها قدمها تحالف العدوان ونحن بفضل الله عز وجل انتزعناها منه انتزاعا وهذا ملحوظ من خلال ما كان يهدف إليه وينادي به وما حققناه بفضل الله، فسقط العدوان بسقف أهدافه وطلباته من “لن نفاوضكم الى نتوسل إليكم اقبلوا الحوار معنا ومن سنجتثكم الى نرجوكم توقفوا عن ضرب منشآتنا ومن احتجاز كل السفن بشكل مستمر والإغلاق الكلي لمطار صنعاء والإمعان في إغلاق المعابر البرية الى إطلاق السفن المحتجزة والقبول بدخول 18 سفينة وقود خلال شهرين وهي كافية للتمويل لأكثر من عام كامل بالإضافة الى بقية السفن من غذاء ودواء ومستلزمات أخرى وفتح كافة المعابر البرية بشكل دائم”.
ولو لم يقبل الأنصار بهذه الهدنة لضج كثير من اليمنيين ولاعتبروه دليلا قاطعا على عدم رغبة الأنصار في السلام.
لذلك كان القبول بالهدنة قرارا حكيما لاسيما وأنها جاءت بالانفراج الجزئي في ظل قدوم شهر رمضان المبارك وهي أيضا تؤسس للانفراج الكلي والحل الشامل.
ولا ننسى أن الأسلحة التي أجبرتهم على تقديم هذه التنازلات مازالت موجوده بأيدي المؤمنين بل إنها تزداد عددا ويتم تحديثها وتطويرها باستمرار وإن عادوا عدنا كما أن الهدنة ليست اتفاقا نهائيا ولا طويلة الأمد وإنما تمهيد لمفاوضات قادمة ستتضمن جميع القضايا العالقة دون أي استثناء وسنخوضها من موقف القوي المنتصر بفضله تعالى وهو الموفق والمستعان، والقادم أفضل بإذن الله تعالى.
* نقلا عن : لا ميديا