يحيى اليازلي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
RSS Feed
يحيى اليازلي
كتاب سلطة المثقف والسياسي للدكتور محمدالحوثي
وقفة مع رياض الصايدي الشاعر الملتزم
مستويات الومضة المنظومة لدى أحمد بن زيد المحطوري
محمد العابد في هذا الغائب
قراءة في عناوين عبدالعزيز المقالح
قراءة في عناوين عبدالعزيز المقالح
الشاعر/ عبدالرحمن مراد ل « 26 سبتمبر » نحن في أشد الحاجة إلى تطوير أساليب تفكير العقل العربي
الشاعر/ عبدالرحمن مراد ل « 26 سبتمبر » نحن في أشد الحاجة إلى تطوير أساليب تفكير العقل العربي
قراءة ثانية لعناوين عبدالحفيظ الخزان
واحدية هنا أو هناك في قصيدة «ولكن بيتي معي» لابتسام المتوكل
المنظومة النصية الصمودية للشاعر باسم مساوى
كتاب «من الثورة إلى الوحدة» ل«أنس القاضي»
كتاب «من الثورة إلى الوحدة» ل«أنس القاضي»

بحث

  
«أبهى العرب» قصيدة في المديح النبوي للشاعر عبدالرحمن مراد
بقلم/ يحيى اليازلي
نشر منذ: سنتين و شهرين و 7 أيام
الجمعة 16 سبتمبر-أيلول 2022 07:22 م


الشاعر عبدالرحمن مراد مسكون بالتاريخ.. ليس لأن بين يدي مجموعته الشعرية «جئت من سبأ» والتي لاحظت فيها هذا البعد الإبداعي الهام.. ولكن أيضا أغلب نصوصه الشعرية مشحونة بفلسفة النص التاريخي أو بتاريخانية النص الشعري.. والتي سنتعرف عليها من عدة مداخل نصية مفعمة بسرديات التاريخ ورموزه وشخصياته ومجتمعاته وتياراته ومحطاته وثوراته ومآسيه وصراعاته. إن من يمسك بتلابيب فلسفة التاريخ.. سيمسك بتلابيب كل العلوم.. ولست في مسألة متواليات تاريخية وأحداث مرتبة تسلسليا ومترابطة بحسب وقوعها.. ولكن ثمة حضورا تاريخيا في معادلة النص الشعري كديالكتيك الروح والجسد.. جدلي وجودي كجدلية الجبل والأرض يمسكها أن تميد. إن هذا النوع من النصوص يجيء طويل المدى كالإلياذات.. غير أنه لدى عبدالرحمن مراد ناء نسبيا عما ليس حقيقيا.. من جانب ومن جانب آخر لا تستطيع إطالة مدى النص الشعري إلا من خلاله. لذلك نرى أن «محشر المقتضين» لعبدالله البردوني هي أطول نص في كل دواوينه بسبب بعدها التاريخي.. كبناء ملحمي أعاد فيه الشاعر البردوني تشييد وترميم صروح تاريخية مهمة وحشر فيها التاريخ بأبعاده الزمانية والمكانية والوجودية بمنطق معرفي وعرفاني.. ذلك القادم من ذات الوادي العبقري الذي يدعي أنه أب ومن ذات الشمس الحكيمة التي تدعي أنها أم.. هو نفسه هذا القادم من ذات المعنى ومن ذات المسند.
تقريبا نصوص المجموعة من بحر البسيط.. ما عدا نصين أو ثلاثة.. وهذا له دلالات.. منها أنه يشتغل على مشروع شعري واحد متعدد المواضيع واحدي الاتجاه.. وأن بحر البسيط مناسب جدا لهذا الاتجاه.. وكذلك صاغ عليه عبدالله البردوني أطول قصائده. البحر الذي يداهم الشاعر مراد كثيرا. وربما بدون ترتيب مسبق يجد نفسه في كل مرة يجر شباك القصيدة ليصطاد مجبرا على نظمها على ضفافه.. وكأنه ساحل القصيدة التاريخانية وكأن القصيدة التاريخانية حاضرة البحر.
«ماءٌ من الحبِّ أمْ ماءٌ من الصَّبَبِ
جِئْتَ الْحَيَاةَ على وعْدٍ مِنَ السُّحُبِ
والْخَلْقُ في تعبٍ.. فقراً ومعْترَكاً
راموا الْحياةَ على هَدْيٍ مِنَ الْكتبِ»
استدعاء سرديات التاريخ في قصيدة «أبهى العرب».. وهي نص في المديح النبوي وفيه يستحضر التاريخ من خلال واقعات وأحداث مهمة هي من وجهة نظره مفاصل أو منعطفات مهمة في حياة الرسول وفي حياة الأمة لكون كل منها موجهة أو ضوءا سيسار عليه.. بينما أنا أرى فيها مداميك معمار شعري لتاريخ حقيقي بعضه احتاج تسليط الضوء وبعضه احتاج ترميم جدران تريد أن تنقض.. فالواقع الذي ولد وشب وبعث فيه النبي كان يبعث على الشفقة.. الظلم مستفحل والطغيان مستبد والرق يكاد يفتك بالمستضعفين ورأس المال يستحكم على رقاب الفقراء.. والاستعلاء الجاهلي هو المهيمن على بوادر الحكمة.. أسواق النخاسة واستثمار أجساد الإماء يكاد يفوق كل طغيان. من هنا كان في مجيئه الخلاص من كل ذلك البؤس.
«آخَى الْمُهَاجِرَ بالأنْصَارِ فاتَّحَدَتْ
رُوْحُ الْمَحَبَّةِ والإيمانِ والْحَسَبِ»
إن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار حدث مهم وفيه دروس تفصيلية لفلسفة الأخلاق النبوية الأنصارية التي كانت بمثابة النار التي ذوبت مفاهيم جشع المال أو المادية الصرفة في العقلية العربية وأعادت بناء المفاهيم الإنسانية في الوعي الإسلامي الفردي والمشترك واتخذ الضمير الإنساني حالة من تصفير الألم والمساواة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي.
«جاء الْمديْنةَ مِفْتاحاً ويثْرِبُهَا
نَخْلٌ تثاءَبَ في نَسْغٍ.. مِنَ الرُّطَبِ
أحْيَا لَهَا الأمَلَ الْمَفْقُوْدَ في دمِهَا
وأيْقظ البَحْر، أفكاراً مِنَ الصَّخَبِ»
قبل المؤاخاة هناك مدماك يرى فيه صورة يثرب المتعطشة للهدي في حالة الذبول وقد صار اسمها بمجرد وصوله إليها «المدينة» في لحظة انتقالة شعرية سردية خاطفة من مشهد أقفر أغبر إلى مشهد منعش وسار... والملاحظ ورود البحر في البيت التالي للدلالة على امتداد الحضور المديني على وجه استراتيجي.. ولأن للماء دلالات خاصة في نصوص الشاعر.. ضمن سياقات فلسفية لمفهومه للماء كجزء من النسيج التاريخي للمكان.. نجدها في مواضع أخرى له.
على أن وصفه النبي بمفتاح المدينة.. لأنها أول منتج حضاري أنطولوجي حقيقي.. في التاريخ الإنساني.. وتعتبر بمثابة «براديغما» مدنية مثالية ستنشأ على غرارها كل مدنيات العالم.
ثم بعد المؤاخاة.. نأتي على محطة مهمة.. وفي مضمونها وبتصرف نفي أخبار على شاكلة «بعثت بالسيف» و«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله».. في حين أنه مناقض لقوله تعالى «لا إكراه في الدين».
«ما قالَ يوْماً: طَرِيْقُ الفاتحينَ دَمٌ
مدَّ الصُّرَاطَ إلى عالٍ مِنَ الرُّتَبِ»
وضع الناس إبان مجيء الرسول وكيف أن الوضع العربي كان في حالة وجدانية واجتماعية صعبة لا تسر. يأتي مدماك الهجرة النبوية وأثرها على الواقع المدني في المنطقة والعالم. وهناك حدث مهم هو المؤاخاة كحالة تجديدية تتميمية للمنطق الأخلاقي والمبادئ الربوبية العليا. ثم ضمنيا ثمة غربلة للموروث.. وفي دعوة من الشاعر لإعادة بناء وترميم التراث الإسلامي بعد العبث المرعب فيه والذي أنتج أفكار التطرف والتكفير. فتح مكة هو الآخر ضوء مسلط على كيفية التعامل مع المدن في مسيرة الثورات وكيف أن لرموز النظام السابق تعاملا خاصا في حالة تسليمهم بالقيادة الجديدة. ثم المعراج. ثم مدماك مهم يعكس مدى إيلاء مكارم الأخلاق أهمية بالغة. ثم مدماك مضارعة النص لأحداث التاريخ وربطه بالواقع.. همومه وقضاياه وكيف أن على الثورة اتخاذ تلك السرديات التاريخية منهاجا.
وددت لو أن الشاعر عبدالرحمن مراد ذكر أهل الصفة وإنما ذكرتهم بالمناسبة في سياق إعجابي بمعمار شعرياته السردية التاريخية لتشكل مجتمع المدينة بكل فئاته باعتبار كل فئة هي لبنة أساس لنشوء تيارات فلسفية حقيقية ماتزال مؤثرة إلى زمننا.. ومنها الصوفية والكلامية وطبقة العمال وفئة ما يمكن أن نسميه اليسار الإسلامي.. لكنه بتناوله الجديد وبرمزية شعرية عالية دالة على فاعلية المكان وحضوره في دراما التاريخ وإن كان «القليب» أرضا دفن فيها أشلاء قتلى صناديد قريش في بدر.
«قال «القليْبُ» وفي العينين متكأٌ
جُرْحٌ مِنَ الْجورِ في ماضٍ مِنَ الْحِقَبِ
الظّلْمُ يفْنَى على دهْرٍ.. وإنْ عُصِرَتْ
كأْسٌ من الْخَمْرِ في حالٍ من الطّرَبِ»
أبهى العرب
ماءٌ من الحبِّ أمْ ماءٌ من الصَّبَبِ
جِئْتَ الْحَيَاةَ علي وعْدٍ مِنَ السُّحُبِ
والْخَلْقُ في تعبٍ.. فقراً ومعْترَكاً
راموا الْحياةَ على هَدْيٍ مِنَ الْكتبِ
قال «القليْبُ» وفي العينين متكأٌ
جُرْحٌ مِنَ الْجورِ في ماضٍ مِنَ الْحِقَبِ
الظّلْمُ يفْنىَ على دهْرٍ.. وإنْ عُصِرَتْ
كأْسٌ من الْخَمْرِ في حالٍ من الطّرَبِ
أضْحَى السَّلامُ كتاباً في بشائرِهِ
يسْعَى على الأرْضِ لا يخْشَى مِنَ العَطَبِ
جاء الْمديْنةَ مِفْتاحاً ويثْرِبُهَا
نَخْلٌ تثاءَبَ في نَسْغٍ.. مِنَ الرُّطَبِ
أحْيَا لَهَا الأمَلَ الْمَفْقُوْدَ في دمِهَا
وأيْقظ البَحْر، أفكاراً مِنَ الصَّخَبِ
آخَى الْمُهَاجِرَ بالأنْصَارِ فاتَّحَدَتْ
رُوْحُ الْمَحَبَّةِ والإيمانِ والْحَسَبِ
ما قالَ يوْماً: طَرِيْقُ الفاتحينَ دَمٌ
مدَّ الصُّرَاطَ إلى عالٍ مِنَ الرُّتَبِ
في يوْم مكَّةَ عَمَّ الْخيْرُ واتَّسَعَتْ
أَرْضٌ مِنَ الأمنِ في خَفْضٍ مِنَ الْغَضَبِ
كانِ الرَّسُوْلُ رشيْدَاً في تعَامُلِهِ
أهْدَى مِنَ الْحُبِّ في وادٍ مِنَ الْكُرَبِ
طارَ الْبُرَاقُ، وَرَفَّ الْكوْنُ مُبْتَهِجَاً
عَدْلٌ مِنَ الْحقِّ في ضوْءٍ من الشّهُبِ
نبْضُ الْهدَايةِ مُذْ جَاء الْهُدَى قدَراً
قَلْبٌ يُشَرْعِنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ واللَّهَبِ
سادَ البَريَّةَ.. أخْلاقاً ومَعْرِفَةً
شَرْعٌ مِنَ الله يمْحُو ظُلْمَةَ الْحِقَبِ
 بُشْرَى النُّبُوَّةِ كانتْ في مَلامِحِهِ
نُوْراً منَ الله في سِرٍّ من الْحُجَبِ
يا خاتم الرُّسْلِ..، نامتْ في مشَارِقِنَا
شَمْسٌ.. وبتْنا على أحْزَانِ مُنْقَلَبِ
ضاعتْ مبادئنا في ذلِّ مُتَّجَرٍ
نِمْنَا على الضَّيْمِ لا نلْوِيْ على أَرَبِ
والنَّفْطُ والْغَازُ..؟ أمْوالاً نُبعْثرُهَا
ضَرْباً مِنَ الْغيِّ.. في دنيا من الْعَجَبِ
قيلَ «البَسُوْسُ».. تُرَابَ الدَّهْرِ قَدْ أكَلَتْ
أحْيَتْ «بُعَاثَ» وأحْيَتْ كلَّ مُضْطَرِبِ
نادَتْ بكَ الْعَدْلَ.. أحْوَالٌ تشتِّتُنَا
مِنْ مَخْمَلِ الْوَقْتِ أوْ مِنْ لاهِبِ الْحَطَبِ
هذا «القَلِيْبُ» و«بَدْرُ» في مَدَامِكِهِ
رمْلٌ تحجَّرَ في أشْلاءِ مُكْتَئِبِ
نادَيْتَ حَقَّاً وكانَ الْحَقُّ في رهَجٍ
أَمَا وَجَدْتُمْ..؟ بَلَى.. حُزْناً ولمْ نَتُبِ
نَبْكِيْ مِنَ الْجَوْرِ أمْ نبكي تفرُّقَنا
هَلْ يُذْعِنُ الْحَقُّ مَطْوِيَّا على الْغَضَبِ؟
يا صَيْحَةَ الْبَعْثِ هُبِّي مِنْ مَرَابِضِنَا 
في يقْظَةِ الْغَارِ.. هُزِّيْ نَخْلَ مُحْتَقِبِ
حَمَامَتَان على غُصْنِيْ.. وغارهما
قَلْبٌ مِنَ الْحَقِّ لَمْ يُذْمَمْ ولمْ يَرِبِ
حمامتانِ.. وغارٌ في تَبَسُّمِهِ 
صَارَ النَّسيْجُ حُضُوْراً غَيْرَ مُنْشَعِبِ
صَارَ الْقَلِيْلُ كَثيْرَاً في تَدَفُّقِهِ
يا طِيْبَ أمْنِيةٍ في الرأْيِ لَمْ تَخِبِ
عمَّ السَّلامُ.. وسَادَ الْكوْنَ مَكْرَمَةً
لم يُرْهِبِ الناسَ.. ما اسْتَعْصَى على الطَّلَبِ
مُحَمَّدٌ.. ونفوْسُ النَّاسِ خَاشِعَةٌ
لبُّ الوجوْدِ على سِلْمٍ ومُحْتَرَبِ
عِطْرُ السَّلامِ وَرَوْضِ القلبِ أجْمَعَهُ
صَلاةُ ربِّي على الأبْهَى مِنَ الْعَرَبِ
 

* نقلا عن : لا ميديا

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
الجبهة الثقافية
كيف زادت وسائل الاعلام من خطورة قضية الموالاة والمعاداة
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية
المعصية لاعتبارات معينة تكون أكبر وأكبر
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية
النفوس الفاسدة تساعد العدو على ضرب الأمة
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية
طاغوت العصر امتداد للانحراف عن منهج الأنبياء
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية
لسنا مستعدين أن نرى أنفسنا جنودا لأمريكا
الجبهة الثقافية
الجبهة الثقافية
الرسول الأكرم كان نبيًا عظيمًا يتحرك بحركة القرآن
الجبهة الثقافية
المزيد