أوجب الله سبحانه وتعالى على المرأة المسلمة مسؤوليات وواجبات دينية وإنسانية وأخلاقية كما أوجبها على الرجل المسلم، فالقرآن الكريم يتحدث عن مجموعة من القيم والمسؤوليات التي يجب على المرأة المسلمة أن تسير عليها لتصبح مثالاً لغيرها من النساء هدياً وَزكاءً وَطهراً وعِفةً واستقامة، وقد وصف الله سبحانه المرأة المؤمنة والمسلمة بصفاتٍ متعددة تمثلت في صدقها وصبرها وخشوعها وعفتها وذكرها الدائم والكثير لله وحملها الله مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.
ولذلك فَـإنَّ المسؤوليات والواجبات التي تحملتها المرأة إنما تدل على أن لها مكانةً كبيرةً عند الله، فهو سبحانه لا يذكر شيئاً في كتابه العزيز ويُكرّره ويؤكّـد عليه إلا ليلفت انتباهنا لعظيم شأنه ومقامه وأنه سبحانه يقيم وزناً واعتباراً لذلك.
فشرفٌ عظيم جِـدًّا للمرأة ذِكرها في القرآن الكريم ناهيك عن ذكر نساءٍ مؤمناتٍ عظيمات بأسمائهن أَو الإشارة إليهن كمريم وفاطمة الزهراء وامرأة فرعون وخديجة -عليهن السلام- وهُنّ على استقامة ويقين بوعد الله الصادق لعبادهِ المؤمنين بأن العاقبة للمتقين وأن الله لا يضيع أجر المحسنين.
فقيمة المرأة وعظمتها في إقامتها لدينها وأخلاقها وَحفظها لبيتها وتربية أبنائها وصون زوجها وعونه على أن يسير على خط الأسوة الحسنة الأنبياء والصدِّيقين والشهداء والأولياء في قول الحق وفي معاملة الآخرين وفي مناهضة أعداء الله ورسله وأعداء الدين الإسلامي وأعداء الإنسانية والبشرية.
وهكذا كانت سيدات النساء يسودهن الشموخ والعزة والأنفة ويشعرن بالفخر بالانتماء إلى دين الإسلام فأصبحن مثالاً حياً للنساء المجاهدات الصابرات المحتسبات المربيات أبنائهن على التعاليم الإسلامية وَالقيم الإيمانية والأخلاقية وعلى الجهاد في سبيل الله.
ولذلك نرى كيف أن الإسلام كرّم المرأة وأعزها وجعلها مدرسةً تعلّم وتوجّـه وتقود وترشد وتربي وتُهيئ وتُعد الأجيال في سبيل بناء الأُمَّــة الإسلامية وصلاحها واستقامتها وذلك هو الهدف السامي من تربية الأجيال على سلوك الأعمال الصالحات وإعدادهم ليكونوا خير أُمَّـة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقف حصناً منيعاً من الكمال الإيماني الذي يواجه الظالمين والمستكبرين فأصبحت المرأة في مقامٍ ودورٍ تُحسد عليه من قِبل أدعياء الحقوق والحريات.
وما سوى التربية الإيمانية وذلك الكمال إلا انحرافاً وفساداً وضياعاً للأجيال في هذا العالم المليء بالثقافات الساقطة الدخيلة والتحديات ومن أهمها ما يقوم به أعداء الأُمَّــة “قوى الاستكبار والإفساد العالمي” من مخطّطات تسعى إلى أن يسلك أبناء الأُمَّــة مسلك الانحراف والتيه والضياع مستخدمين في ذلك المرأة وسيلة وسلعة لإفساد المجتمعات في العالم وبالذات العربية والإسلامية.
ومستغلين المرأة في أعمال تحت عناوين متعددة يعملون في إطارها بتنظيم ودقة ومسميات كالانفتاح والحرية والاختلاط الذي يفضي إلى الفاحشة وما يسمى بحقوق المرأة ومشاركتها للرجل في جميع الأعمال والمهام الإدارية والميدانية دون اعتبار لحياء أَو حشمة أَو حرمة، فتصبح بذلك كالرجال ليس ثمة فرق تختلط بهم وتجالسهم وتحدثهم وتختلي بهم وتسافر معهم في أعمالٍ ومهام لا تليق أَو تنسجم مع كونها امرأة.
ومما تجدر الإشارة إليه هو الحال والمستوى المنحط الذي وصلت إليه المرأة الغربية وغير المسلمة وقد أصبحت في وضعٍ سيئ من الابتذال والانحلال الأخلاقي وبالذات حين نشاهد السياسات والثقافات الغربية توجّـه المرأة نحو أعمال لا تحفظ كيانها وشرفها في أوساط مجتمعاتهم فتارةً تُستغل بتوظيفها كسلعة يُنتفع بها في الدعايات والإعلانات وفي الصور الفاضحة وتارةً يتم استثمارها في أعمال تمتهن كرامتها كبائعة منتجات كاشفةً بذلك أجزاء من جسدها لجذب الانتباه استغلالاً لأَنَّوثتها وترغيباً للشراء وتارةً أُخرى تسعى شركات إنتاج إلى بيع أزياء النساء من خلال أجسادهن في استعراضاتٍ ماجنة وأعمال إباحية، وبالتالي تصبح المرأة في وضع مذل في وحل المنكرات، وكل ذلك؛ بسَببِ الحرية المطلقة دون قيود وفي حالة تمردٍ سافر على أسرتها وَمجتمعها.
وإن كان الغرب يرى إنسانية وكرامة المرأة في عناوين وَاتّفاقيات وَصكوكٍ أممية وقراراتٍ دولية فَـإنَّنا نرى مقام وفضل المرأة المسلمة قد تجسد في قول الله سبحانه:
“مَنْ عمِلَ صالِحاً مِن ذكَرٍ أَو أُنْثى وَهُوَ مُؤمنٌ فَلَنحْيينَّهُ حَياةً طيِّبة ولَنجْزِينَّهُم أَجْرَهُم بِأَحْسن مَا كَانُوا يَعملون”.