|
التربية في فكر الشهيد القائد"8"
بقلم/ د.حمود عبدالله الأهنومي
نشر منذ: سنة و 9 أشهر الخميس 23 فبراير-شباط 2023 08:07 م
الوهابية والتربية
في هذا السياق، شرَح الشهيد القائد كيف سيطر الوهابيون في اليمن على التربية والمساجد بتمويلٍ سعودي، لإيجادِ خلخلةٍ في الشعوب، ونشر عقائدَ ليست جيدة، حتى إذا كثروا، قالوا: هؤلاء إرهابيون وعندئذ يسهُلُ ضرْبُهم وضرْبُ الإسلام من خلالهم، وكذلك ضربُ الشعوب ومقدَّراتِها.
في هذا السياق شرح الشهيد القائد كيف يستخلص أن: الوهابية صنيعة استعمارية، تساعد الاستعمار، وتمكّنه من البلدان، وفيها قابلية له؛ لأنها تنسِف بعضَ المبادئِ التي تؤدِّي إلى بقاءِ المسلمين معتزِّين بولائهم، وبتاريخهم، وأعلامهم، لأنها تنسِف تاريخ المسلمين وأعلامَهم، ورموزَهم الدينية (لقاء المعلمين).
وعرض سيطرة الوهابيين على مفاصِلِ التربية وقنواتِها، حيث قال: «أفسحوا المجال للوهابيين ليدخلوا، من مكّنوهم من وزارة التربية والتعليم والأوقاف والمساجد وغيرها، ثم متى ما تحدَّثَ أحدٌ ضِدَّهم، أو خطب خطيبٌ ضِدَّهم، أو حصلت مشكلة في جامع معهم، انطلقوا ليسجنوا الزيديَّ، ويُطْلِقوا الوهابي.
الوهابي كان يستطيع أن يتصل مباشرة بـ(علي محسن الأحمر) قائد المنطقة العسكرية الغربية الشمالية الذي كان معنيا بدرجة أساسية لتمكين الوهابية في هذه المنطقة من اليمن، والزيدي لا يستطيع أن يتَّصل بأحد، لا يجيبه أحد حتى المحافظ، حتى إذا ملأوا الشعب من أولئك الناس، وجعلونا نقف عاجزين أمامهم؛ إذا بهم يقولون عنهم: إرهابيون؛ ليخرُجْ هؤلاء وسنأتي بنوعية أفضل! جاءوا بالأمريكيين ، أزالوا الوهابيين وجاءوا بالأمريكيين» (دروس من وحي عاشوراء).
الصنيعة الاستعمارية كانت تُرَبَّى لكي تكون الذريعة لضرب الشعوب الإسلامية، لتحقِّق أمريكا مصلحتها في المنطقة، يتساءل الشهيد القائد: «أليس هذا هو الآن ما يقال بأنه إرهابي ومراكز إرهاب ومنابع وجذور إرهاب؟ لكن من الذي دعم هؤلاء في البداية؟ ومن الذي مكَّنهم من أن يتغلغلوا في مؤسسات الدولة؟ فيأخذوا أهم المجالات داخل هذا الشعب؟».
ويجيب: «أمريكا هي المهيمنة، وأمريكا تسمع وترى، مخابراتها واسعة… وهي هي من أعطت ضوءًا أخضر لدعمهم، كما تقدم» (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن).
بيد أن ما يدعو للاستغراب هو أنهم دعموهم ليكونوا إرهابيين حقيقيين يوم كانوا يفرّقون كلمة المجتمع، ويضللونهم، ويرهبون المؤمنين، ولما ادّعوا أنهم يحاربونهم ذهبوا لاستهداف الشعوب بأكملها من خلالهم، وتغيير مناهج التربية والثقافة فيها (دروس من سورة آل عمران – الدرس الثالث).
وإجابة على سؤال: لماذا ضعفوا أمام الجنود الأمريكيين؟ ولماذا انهزمت طالبان الوهابية أمام أمريكا؟ قال: «لأنه إيمان من نوعية أخرى، ليس هو الإيمان الأصلي، بل هو (تقليد) – إن صح التعبير – ، فأولئك الذين ملأوا الدنيا بأصواتهم، وقالوا إنهم يربون الأمة تربية إيمانية فضحهم الواقع، أن إيمانهم ليس بإيمان، وتربيتهم ليست بتربية إيمانية» (في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الثاني).
كما لاحظ الوهابيون في اليمن أنهم كانوا أقوياء ولم يكونوا يخافون من سلطة حزب المؤتمر، وأنهم في الانتخابات «دخلوا بمنافسة شديدة، وحصل صراع، وحصل قتال في مراكز كثيرة، وفعلا أتعبوا المؤتمر بشكل ملحوظ، أرهقوه في الانتخابات، وكانوا يتكلمون، وكانوا صريحين في كلامهم في الانتخابات».
لكنه استغرب ضعفهم وكيف تبخَّر إيمانُ أهل جامعة الإيمان أمام الكفر البواح الذي مثَّلته أمريكا، فيسألهم: «يا من كنتم تقولون [إلا أن تروا كفرا بواحا] ألستم الآن يقال عنكم: إنكم إرهابيون، وأن أمريكا تطاردكم، وأن أمريكا تريد أن تضربكم، لماذا لم تثبتوا ولو يوما واحدا؟.
لماذا لم تستمر مواجهتكم ولو مواجهة كلامية في مساجدكم على المنابر؟ في المدارس في الجامعة؟ أين جامعة الإيمان؟ أين تبخَّر إيمان وهابية جامعة الإيمان بصنعاء؟. جامعة مملوءة بالإيمان بطوابقها كلها! تبخَّر كلُّه، وهم قوة لا يستهان بها فعلا.
ويخلص قائلا: «أليس هذا دليلا على أن أولئك لم تكن تربيتهم إيمانية، وأنهم يفتقدون إلى الأسس الصحيحة للإيمان، وأن جامعاتهم لم تكن إيمانية، وأنَّ معاهدهم لم تكن إيمانية، وأن ذقونهم لم تكن إيمانية، وأن شدتهم تلك لم تكن إيمانية؟» (في ظلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الثاني).
وبالفعل فقد أثبتت أحداث العدوان السعودي الأمريكي على اليمن – بداية من مارس 2015م – أنهم أولياء أمريكا والسعودية، وأنهم جنودهم المخلصون، الذين يقاتلون معهم في صف واحد ضد أبناء الشعب اليمني، وصاروا ينفذون أجنداتهم، كما توقع لهم الشهيد القائد.
التربية الوطنية
يرى الشهيد القائد جدوائية التربية الدينية القرآنية بخلاف التربيات الأخرى، فما يسمى بالتربية الوطنية، ثبت – كما قال – عدَمُ فاعليتها، ورأى أنَّ أكثر من يتحدَّثون عن الوطنية هم مَنْ يخونون أوطانَهم، وهم مَنْ يبيعون أوطانَهم.
يقول في (دروس سورة البقرة – الدرس التاسع من دروس رمضان): «والتربية للجيش تربية وطنية بحتة: من أجل الوطن، من أجل الوطن، من أجل الوطن، هذه المسألة بدَتْ بأنها ليس لها قيمة في الواقع، وجدنا ممن يهتفون بها هم ممَّن يبيعون الأوطان فعلاً، ممن يبيعون الأوطان».
لقد لاحظ السيد بعض المظاهر الاجتماعية التي لا تشير إلى نجاعة هذه التربية الوطنية في المجتمع اليمني، حيث لم يلمس من الناس في الأسواق وفي التعاملات في ما بينهم الاحترام المتبادل الذي ينبئ عن محبة الوطن وأهله، فقال: «فسدت العلاقات فيما بين الناس، فأصبحوا في حالة لم يعُدْ أحدٌ يهتم بالآخرين، ولا يعطف على الآخر، ولا يبالي بالآخر، وبالتالي فإنه غير متوقَّعٍ أن يأتي أحدٌ من الناس يُضَحِّي من أجل الآخر، وهو يحمل هذا العنوان فقط: وطن.. يأتي ليضحي من أجلك ومن أجل التربة».
وأضاف أن البعض يحلف يمينا فاجرة لأخذ قليل من التربة على مواطن آخر، فكيف سيضحي بدمه مَنْ كان على هذه الشاكلة؟.
لكنه لما تحدَّث عن علاقة المتَّجهين إلى الله بالوطن قال: «الناسُ الذين يتجهون في سبيل الله، ومن أجل الله، هم الناس الذين تعتبَرُ الأوطانُ غالية لديهم، وتعتبر الأعراضُ عزيزة لديهم، وتعتبَر الممتلكات هامة لديهم، فعندما ينطلقون في سبيل الله لا يعني: بأنهم لا يبالون بالوطن، أو أنها على حساب الوطن، أو على حساب الأعراض، أو حساب الناس أبداً». وهذا ما أثبتته أحداثُ العدوان على اليمن، فأولئك الذين أصاخوا أسماعنا وهم يتحدثون عن الوطن والوطنية هم فعلا من وضعوا أرجلهم في رياح البيع لأوطانهم، وهرولوا إلى أعداء هذا الوطن، ليضربوه، ويدمروه، ويقتلوا أبناءه، وأطفاله، ونساءه.
والسيد هنا لا يلغي التربية الوطنية، ولكنه يصارح بواقعها حين لا تعتمد على أساسٍ متين من التربية الدينية، ولو أن التربويين ركّزوا على أساسها من التربية الدينية لوجدنا من يتربونها لن يفرطوا في شيء من أوطانهم. |
|
|