هناك خطأ ما، وأمور تدور في الخفاء، كل يوم، والناس مشغولون بأشياء لا فائدة منها، وكأنهم مخدرون! أما مخدرات اليوم فأخطرها الإعلام، الذي بات أخطر من الأفيون والحشيش على الشعوب المستهدفة، فقد أصبح الإعلام بأنواعه وأدواته تجارة رائجة لا تقع تحت طائلة أي قانون، واتجه بالناس إلى أن يشتروا الكذب والأمور التافهة بأموالهم ليضلوا وتفسد نفسياتهم، ثم يتخلوا عن الأشياء المهمة فعلا، فتنهب أوطانهم وحياتهم وأمنهم ومستقبلهم وهم فاغرو أفواههم ببلادة!
لقد وجد الأمريكيون «اليانكي» موطئ قدم في الجنوب، وهم بالطبع وبعكس ما يعتقده الناس السذج لم يأتوا لنشر الخير والرفاهية للشعب، بل إن كل ما يهمهم هو أن يحتلوا وينهبوا ويغتصبوا، وليذهب الشعب في ستين داهية، فهذه طبيعتهم، وماضيهم في بلدان أخرى وعلى مر التاريخ يؤكد ذلك، ونحن ما نزال حتى اليوم نسمع شعوباً كثيرة تئن مما فعله بها «اليانكي» منذ أن حطوا أقدامهم الرجسة في تلك البلدان، فلماذا تعتقدون أن الوضع سيختلف معنا؟! المشكلة أننا لا نقرأ سوى النكات والطرائف والمعلومات التي لا تزيدنا إلا جهلا، ولذلك فنحن لا نعتبر بدروس التاريخ!
استراتيجية «اليانكي» تتكرر دائما، ودائما يزدادون ثراء بعد نهب ثروات الشعوب، بينما الشعوب تنزف دما وتزداد بؤساً لا ينتهي بخروج المحتلين من أرضهم، بل يحرص هؤلاء على تعيين من يحرص على مصالحهم ويتفنن وهو يسوم شعبه سوء العذاب، وهؤلاء «الوكلاء» المختارون لا يتم استبعادهم إلا إذا بدأ الناس يثورون عليهم، وهنا يأتي الأمريكيون بأشخاص آخرين لسرقة الثورة وتعيين وكلاء جدد!
أما السيناريو المعروف الذي يتكرر دائما، وينجح دائما، فهو: تحديد البلد المستهدف، دخول للبلد تحت مسمى «مصالح مشتركة»، تجنيد عملاء لجمع المعلومات، تعيين أشخاص في مراكز معينة، التدخل الرسمي في الشؤون الداخلية، مساعدات ومشاريع مشروطة لا فائدة حقيقية للبلدان من ورائها، افتعال مشكلة أمنية لتبرير زيادة العدة والعتاد العسكري في البلد، السيطرة على المواقع الهامة ونهب الثروات عبر شركات تابعة لهم، اضطراب البلد ودخوله في دائرة الفوضى والحروب الأهلية لشغل الناس عما يجري، إقامة انتخابات شكلية وتعيين مندوبين وحكومة انتداب، الانسحاب الشكلي بعد الاطمئنان لكفاءة المندوبين وبقاء البلد ضمن مخطط الفوضى واستمرار تدفق الأموال إلى الخارج... وهكذا تستمر المأساة!
الصمت لا يعني أن الأمور هادئة، بل يعني أن هؤلاء يسيطرون جيدا على تدفق المعلومات المتعلقة بالأنشطة التي يقومون بها، فهم اليوم يجتمعون بشخصيات بغرض تجنيدهم وتحريكهم، وينشرون معداتهم وأدواتهم (منها التنظيمات «الإرهابية» والجواسيس)، ويجمعون معلومات عن كل شاردة وواردة، ويوجهون عملاءهم للتحرك وفق مخطط يهدف لتمهيد الأرض لزيادة سيطرتهم، وينفذون أحداثا قد تبدو صغيرة ولكنك لو جمعتها كقطع «البازل» لاتضحت لك الصورة الكبرى لهذا المخطط الشيطاني اللعين.
أنت إنسان عاقل فلا تتصرف بغباء أو تسمح لهؤلاء أن يستغفلوك، فتعاني ثم تموت أو تقتل وأنت لا تعرف لماذا أو كيف أو متى! هناك أمور لا يمكن أن تتجاهلها، فهذا بلدك، وهذه أرضك، ومهما فعل هؤلاء فاليد الطولى لك (لو حركتها بالطبع!)، وتأثيرك أكبر، وكلما تحركت مبكرا كان زوالهم أسرع وأيسر، فلماذا تسكت؟! تحرك قبل أن يأتي وقت يمنعك فيه العملاء من أن تقول حرفا، وتحرك لأجل نفسك ولأجل من يهمك أمرهم، وتأكد أنك بذلك لن تكون مجرد فرد في قطيع الضحايا، وأن من حولك سيتذكرون أنك كنت في الموقف الصحيح منذ البداية... تبا لـ«اليانكي»!
* نقلا عن : لا ميديا