عباس الديلمي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عباس الديلمي
شفاعةُ غَزَّة اعتذار للرسول الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم- عن كبوةٍ تداركناها.. عباس علي الديلمي
شفاعةُ غَزَّة اعتذار للرسول الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم- عن كبوةٍ تداركناها.. عباس علي الديلمي
الخدعة بالتهدئة والحوار
اليمن ورفض الهيمنة
عندما تَنْحَبِس الكلمات
حرصاً على صيف سيء
“إسرائيل السُّنية”
سيدي أنت..
هؤلاء هم شرارنا وأسوأنا
شكرا ترامب
الخيانة الأعظم

بحث

  
لعنة الادب
بقلم/ عباس الديلمي
نشر منذ: 4 سنوات و 6 أشهر و 3 أيام
الأربعاء 16 أكتوبر-تشرين الأول 2019 07:49 م



“ ليتني ما اصبحت كاتباً, ليتني تعلمت صنعة مفيدة” واشتغلت نجاراً ولم تصبني لعنة الأدب”

لست قائل هذه المقولة, ولن تسمعوا مني مثلها حتى وإن عشت على الكفاف وإن دعوت الله سبحانه كما كان يدعوه السيد المسيح بقوله “ خبزنا كفافنا اعطنا اليوم” ومن صدرت منه هذه المقولة هو واحد من أشهر الأدباء العرب, انه الروائي السوداني الطيب الصالح.. واعتقد أنها قد صدرت منه لسببين, أولهما أنه أراد التعبير عن معاناته تحت وطأة ظروف قاسية, وأما الثاني فيكمن فيما دفعه لأن يصحح المقولة العربية المتداولة منذ القديم والقائلة “ لقد ادركته حرفة الأدب” اي أن من يحترف الأدب لا مناص له من أن يدركه الفقر والتعاسة والخصم القادر على إيذائه..

فأراد الطيب صالح أن يجعل منها لعنة تلاحق صاحبها كلعنة الفراعنة الاسطورية فاستبدل كلمة “حرفة” بـ “لعنة” لتصبح هكذا “ لقد ادركته لعنة الأدب”.

إن مقولة : لقد ادركته حرفة الأدب لم تأت من فراغ او تندر بل من تجارب وأمثلة مستمدة من معاناة غالب من يشتغلون بالأدب – بكل فروعه- وما يتعرضون له من متاعب ومضايقات وسوء حظ .. إلخ, وما اكثر الأمثلة على ذلك.

ولكن نشير هنا إلى كيف كان الناس يستغربون أو يستنكرون إذا ما رأوا مشتغلاً بالأدب وقد تحسنت أحواله أو ظهرت عليه علامة من علامات النعمة وحسن الطالع, وكيف كان هذا الأديب يضطر إلى تبرير ذلك والدفاع عن نفسه..

فهذا الحريري صاحب أشهر المقامات العربية “ هو أبو القاسم محمد الحريري عاش ما بين القرنين 12,11ميلادية عندما استغرب الناس علامات النعمة التي ظهرت عليه يبرر ذلك بقوله “ لو احتجنا بصلة ما الفنا مسأله” بمعنى أنه ما احتاج شيئاً وإن كان يسيراً, لما استطاع ان يتفرغ لما ابدعه في كتابه “المقامات” وكأنه يشير بذلك إلى الشاعر الذي سئل عن سبب توقفه عن الشعر فقال “ أغنى عن الشعر الشعير” أي سعيه لطلب القوت.. هذا قديماً اما حديثاً فنستشهد بشيء مما تركه لنا الأديب النابغة زكي مبارك وكذلك العملاق عباس العقاد, يقول زكي مبارك: لقيني الشاعر عباس العقاد يوماً فقال لي: قد نفيناك عن فردوس الأدب يا زكي , قلت له وما سبب هذا النفي يا حضرة الاستاذ فأجابني لأنك بنيت بيتاً في مصر الجديدة والأدب لا يعرف مثل هذا الثراء فاعتذرت له عن ذلك وقلت له: إن شهرتي بالأدب هددت سمعتي المالية, فكان من واجبي ان ابني بيتاً ولو بالتقسيط لتحسين سمعتي.

بهذه العبارة الطريفة التي لا تخلو من سخرية يبرر الأديب زكي مبارك ما طرأ عليه من علامات الثراء أو تحسن الحال, وإنه ما اراد إلا ان يحسن سمعته لدى من لا يثقون في القدرة المالية لمن ادركته حرفة الأدب, وهذا ما نجده حتى عند الشعراء الذين جالسوا ومدحوا الملوك ونالوا شيئاً من عطاياهم كأمير الشعراء أحمد شوقي الذي وصل به الحال ان يكتب قصيدة لأبنه علي ينصحه فيها ألاّ ينحو منحى والده أو ألاّ يحترف الأدب وقد جاء فيها:

لا تقل كان أبي إياك ان تحذو حذوه أنا لم اغنم من الناس سوى فنجان قهوة

هكذا قال شوقي لابنه وهناك الكثير من شواهد هذا الامر فهل كان الطيب صالح محقاً عندما جعل من النحس المصاحب لحرفة الأدب لعنة تلاحق الأدباء حتى من تبسم له الحظ منهم من وجهة نظري ارى ان الامر كذلك وارشد من يخالفني الرأي ان يقرأ سير الأدباء والشعراء من ابي الطيب المتنبي إلى عباس المطاع ويحيى البشاري وسيعرف لماذا قال الأديب الروائي الطيب صالح مقولته الآنفة الذكر “ ليتني ما أصبحت كاتباً..”.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
محمد حسن زيد
رد إيران.. هل كان قويا أو ضعيفا؟
محمد حسن زيد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
عبدالفتاح علي البنوس
سلاح المقاطعة والوعي المجتمعي
عبدالفتاح علي البنوس
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
محمد محسن الجوهري
هل خسرت السعوديةُ مكانتَها الإقليمية لصالح إيران؟!
محمد محسن الجوهري
مقالات ضدّ العدوان
عبدالفتاح علي البنوس
أمريكا وتعزيز قواتها في السعودية
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالرحمن مراد
محاولة أولى لفهم السياسي اليمني
عبدالرحمن مراد
مطهر يحيى شرف الدين
“وقُل جَاءَ الحقُّ وزَهقَ الباطِل”
مطهر يحيى شرف الدين
عبدالرحمن مراد
ثورة اكتوبر.. سؤال يتجدد
عبدالرحمن مراد
محمد عبدالقدوس الشرعي
اليمن.. أعظم معركة على وجه الأرض!
محمد عبدالقدوس الشرعي
عبدالفتاح علي البنوس
برع يا استعمار من أرض الأحرار
عبدالفتاح علي البنوس
المزيد