عبدالعزيز البغدادي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالعزيز البغدادي
حربٌ على الإرهاب أم تلاعبٌ بالعقول؟!
في طريق بناء الدولة المدنية
العدالة والأمن.. حق المواطن ومسؤولية السلطة
معرفة الحقيقة مفتاح العدالة الانتقالية
فتح الطرق وإنهاء الانقسام مسؤولية مَنْ؟
الإنسان بين الضآلة والجبروت!
الخطوة الأولى نحو تحقيق السلام والمصالحة الوطنية
الحرب النفسية والإعلام بين سلاح الصدق وآفة الكذب!
أساس بناء الكيان الصهيوني
من مبادئ المسؤولية في الحروب والأزمات

بحث

  
إصلاح القضاء.. بوابة مكافحة الإفساد الممنهج!
بقلم/ عبدالعزيز البغدادي
نشر منذ: 3 سنوات و 8 أشهر و 11 يوماً
الثلاثاء 04 أغسطس-آب 2020 07:42 م


الفساد مفردة مصاحبة للحياة وفي الحوار القرآني بين الله والملائكة إشارة واضحة إلى هذه الحقيقة ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) إلى آخر الحوار في الآية الكريمة (30) وما بعدها من سورة البقرة ، ولا ينبغي أن يفهم في هذا السياق أن الفساد قضاء وقدر يجب التسليم به، فالسياق عن حياة الإنسان وكل الكائنات وصراع الخير والشر ورسالته وسعيه للانتصار للخير في علاقته مع نفسه ومع الغير وهذا معنى الابتلاء (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).


من هنا كان على الإنسان تنظيم علاقته بغيره وبقية الكائنات لإثبات حرصه على اجتياز الامتحان بنجاح والذي يبدأ من سن التمييز وينتهي بزوال العقل لأي سبب ، ولهذا اهتدى إلى الاحتكام لرئيس العائلة فرئيس القبيلة ثم الملك أو رئيس الدولة وانتقل في مفهوم الولاية من أسلوب الخضوع للأقوى إلى أسلوب الاختيار للأعقل والأرشد إلى أن وصل إلى هذه الهيكلية الواسعة لتعدد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وربط السلطة بالمسؤولية والانتقال من السلطة المطلقة إلى السلطة المقيدة ، ووجود نظام للفصل بين السلطات فصلاً تكاملياً في الغالب أو ما يعرف بـ(التعددية في إطار الوحدة).
وفي ممارسة السلطات لواجباتها ظهرت الكثير من المشكلات أبرزها فساد هذه السلطات التي يفترض أن وجودها يهدف للقضاء على الجريمة ومنع اعتداء الإنسان على دم أخيه وماله وعرضه لتتحول من حام إلى معتد على حقوق الإنسان بكل تفرعاتها ، ولأن السلطة القضائية هي الحاكم لإيقاع العلاقة بين الفرد والمجتمع وكافة السلطات، فقد حرصت قوانين العالم على إعطائها الاستقلالية عن بقية السلطات حفاظا على مبدأ التوازن الذي يجب أن يسود بين كل الحقوق وكل الواجبات مع تقيدها بمبدأ سيادة القانون إلا أن هذه السلطة مع الأسف تبدو الآن أكثر فساداً من بقية السلطات.


ولذلك فإن من يطالبون باستقلال القضاء ويرفضون القضاء على أسباب فساده بل ولا يعترفون بوجودها إنما يريدون المحافظة على هذه الأسباب.


وقد اتحدت مصالح القضاة المفسدين مع مصالح غيرهم في بنية سلطات الدولة وكل عناصر الإفساد في المجتمع في ظل كل هذا الهيجان للمصالح المتوحشة المتضافرة والمتحالفة والتي تحرص دائماً على الإمساك بالسلطة وهي مصدر الإفساد أو ( الإصلاح ) الفعل وليس الحزب طبعاً، أو على الأقل تبقى مرتبطة بعناصر نافذة ولأن سلطة القضاء الشريف النزيه وليس الأداة والمليء بالانتهازيين الذين يركبون كل موجة ويخوضون غمار كل بحر ، ليجتازوا المراحل ويحركوا الملفات حسب التوجيه وبلا أدنى إحساس بالمسؤولية ويحكموا بلا ضمير ولا خوف من الله أو من الناس.


ليس من مصلحة الفاسدين في كافة سلطات الدولة تحقيق أي نصر في معركة إصلاح جاد في السلطة القضائية المؤجلة، لأن إصلاحها هو البداية الجادة لإصلاح بقية السلطات، ويترتب عليه قيام القضاء بدوره المحوري المفترض في مكافحة الفساد الذي تضعف معه قدرة المسؤولين تدريجياً في قول شيء وفعل ما يخالفه.


إن من ينكر وجود فساد صارخ في مؤسسة القضاء وارتفاع نسبة القضاة الفاسدين في جسم القضاء إما أعمى أو متعام، ومن يتهاون في التعامل مع التجاوزات الصارخة التي تتضمنها بعض الأحكام المنتهكة لأبسط شروط العدالة مستهتر بكل القيم الدينية والقانونية والأخلاقية ، ومن يجعل من نادي القضاة منظمة لحماية حقوقهم ولا يعير قيامهم بواجباتهم أدنى اهتمام إنما يعمل ضد القضاء وضد القضاة الشرفاء، لأن النادي بهذا الحال يتحول إلى أشبه بمنتدى لعصابة، مما يزيد الهوة بين قضايا المجتمع وهموم القضاة، فواجب القضاء كحارس لمبدأ سيادة القانون إعادة التوازن بين حقوق المنتمين للأندية والاتحادات نحو المنتمين إليها وواجباتهم إزاء المجتمع وهذا جوهر عملها المفترض.


حجم التذمر المجتمعي من أوضاع القضاء وفساده يستوجب اليوم على كل قاضٍ شريف المطالبة بمكاشفة علنية لما يطرح حول القضاء والقضاة ليتبين ما هو الحقيقي مما يطرح وما هو إشاعة وكذب، فالإساءة العشوائية للقضاء جريمة بحق العدالة والمجتمع.


وحاجة القضاة الشرفاء لتنقية القضاء من الفاسدين قد تفوق حاجة المجتمع كما أن مجلس القضاء ونادي القضاة لا بد أن يحرصا على المواءمة بين حقوق القاضي وواجباته بما يؤدي إلى التكامل وتقويم الاعوجاج وتنظيف بيئة القضاة ممن يسيئون لهذه الفئة التي يرتكز عملها على الدين والعلم والقانون وينبغي ألا تتحول هذه البيئة إلى أداة للعدوان على المجتمع، وهذه المعادلة لا يدركها ويؤمن بها ويعمل من أجل تحقيقها مع الأسف إلا أقل القليل.


واستقلال القضاء وحريته وفق هذه المفاهيم مرهونان بمستوى التزامه بالقيم العليا وبالقوانين.


هناك قضايا وأحكام وممارسات لبعض القضاة يندى لها الجبين وهي ما تفقدهم المكانة والهيبة ، ومع ذلك غالباً ما يتم نقلهم من موقع الى آخر لأن هناك من يحميهم في أعلى السلم القضائي أو في النادي بل وبعضهم ضمن هيئته الإدارية وبعض تلك الممارسات تصل عقوبتها في القضاء الذي يحترم نفسه إلى العزل على أقل تقدير.


الجدية في مكافحة الإفساد والفساد عموماً تتجلى إذاً من خلال الجدية في إصلاح أوضاع السلطة القضائية كسلطة قضائية مستقلة خالية من الإفساد الممنهج أو على الأقل وجود أغلبية داخل هذه السلطة تتوفر فيهم معيار الكفاءة والنزاهة مع وجود رؤية واضحة لكيفية تحقيق ذلك لما له من أهمية في تصحيح أوضاع كل سلطات الدولة وتخليصها من الإفساد الممنهج.


“من دم الشهيد ترتوي شعلة الثورة
ينبض قلب العدالة”

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
د.شعفل علي عمير
تصاعُدُ المقاومة وتقهقُرُ محور الشر
د.شعفل علي عمير
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
محمد حسن زيد
رد إيران.. هل كان قويا أو ضعيفا؟
محمد حسن زيد
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
محمد فرج
بهدوء.. من يلملم شظايا الردّ الإيراني المتناثرة؟
محمد فرج
مقالات ضدّ العدوان
شارل أبي نادر
عيد الجيش بين انتصار تموز والتحرير الثاني: ثلاثية تحمي الوطن
شارل أبي نادر
عبدالفتاح علي البنوس
عيدكم نصر وتمكين
عبدالفتاح علي البنوس
علي الدرواني
هل يلحق البريطاني غريفيث بسلفه الموريتاني ولد الشيخ
علي الدرواني
عبدالفتاح علي البنوس
آل سعود وتسييس الحج
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالرحمن أبو سنينة
هل يعيد اليمن بناء الخليج من دون هيمنة أميركية؟
عبدالرحمن أبو سنينة
د.حسن مرهج
بنيامين نتنياهو.. بين مطرقة التظاهرات وسندان حزب الله
د.حسن مرهج
المزيد