زينب عبدالوهاب الشهاري
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
RSS Feed
زينب عبدالوهاب الشهاري
في مواجهة كورونا
أسطورة العودة ..
لا تسألوا… كيف؟
فتح قريب ..
أهلاً بك
خروقات تهدئة... تطهير... و CH4
الجنوب في ذكرى الإستقلال
ترجمان الروح
أمل ..
وحدها من تصنع رجالاً

بحث

  
لحظاتُ وداعٍ
بقلم/ زينب عبدالوهاب الشهاري
نشر منذ: 7 سنوات و شهرين و 17 يوماً
الإثنين 30 يناير-كانون الثاني 2017 09:44 م



أدرَكَتْ حينَ رأتْ تلك العبراتِ تترقرقُ في عينيهِ أنه لا يمكنُ لأي شيءٍ أن يقفَ حائلاً دونهُمَا، رغمَ محاولاتِها هيَ و أبيهِ المتكررةِ في إقناعهِ بأنَّهُ لا يزالُ في السادسةِ عشرةَ من عمرهِ ، و هناكَ من يفوقُونَهُ سناً و أقدرُ منهُ على الذهابِ ، لكنَّ كلُّ محاولةٍ لهمَا باءتْ بالفشلِ ، و استيقنَا أخيراً بأنهما لن يكونَا حجرَ عثرةٍ بينَهُ و بينَ شيءٍ عشقَهُ حدَّ بذلِ الروحِ و التضحيةِ بها …
ها هي لا تزالُ تتذكّرُ عتابَها له كلَّ مرةٍ يعودُ فيها حافيَ القدمين ،، فيبتسمُ ابتسامتَهُ المعتادةَ و هو يقولُ بكلِ هدوءٍ : تركتُهمَا لمن هوَ أحوجُ مني…

لم يكنْ في نظرِهَا سوى طفلِهَا الصغيرِ ، رغمَ معرفتِها بأنَّ روحاً جبارةً تسكنُ ذلكَ الطفلَ ، و بأنَّ عقلاً يملُكُهُ يضاهي في الوعيِ من يفوقونَُه في العمرِ…

لا زالت تتذكّرُ نفسَهَا و هي تزجُرُهُ في كل مرة تعطيه المال فينفقه سريعاً و تلوحُ تلكَ الابتسامةَ الهادئةَ التي لا تفارقُ محياهُ قائلاً: كان ينقصُهُم كذا و كذا فأعطيتُهم…

لم تنسَ أبداً لحظاتَ الوداعِ الأخيرِ حينَ وقفَ أمامَها متوشحاً سلاحَهُ و هي تمازحُهُ و تقولُ : انظرْ إلى السلاحِ يبدو أكبرَ منكَ يا ولدي.. ، فيقبِّلُ يديها و تبرقُ تلكَ النظراتِ من عينبغيَ التي تحملُ كلَّ معاني الإباءِ و الرجولةِ ، فتجتاحُ كيانَها مشاعرُ الزهوِ و الفخرِ و العزةِ فيُسابقُ فؤادَها فمَها بالدعواتِ له بأن يحمِيهِ المولى و يرعاهُ…

في تلكَ اللحظاتِ أخذتْ ترددُ في نفسِها قائلةً : ها هو ابني كبرَ و حملَ همَّ دينهِ ووطنهِ ، ها هو يصبحُ من المسارعينَ في اللحاقِ بركبِ العظماءِ.. رجلي الصغيرُ ذو ال١٦ عاماً لم يرضَ أن يحجزَ مقعداً له بين المتفرجينَ، أبى إلا أن يكونَ من صناعِ تاريخِ وطنٍ ينتصرُ برجالِهِ، و يكونَ من إحدى معجزاتِ الثباتِ و النصرِ،، و أن يكونَ من أحدِ الأيادي التي كفَّت بغيَ المعتدينَ عن أرضهِ،،، رجلي الصغيرُ كان أسمى من أن يرضَ بحياةِ الموتى الأحياءِ على الدنيا ، و اختارَ حياةَ الخلودِ و ارتقاءِ الأولياءِ،،، ذهبَ رجليَ الصغيرَ ليواجهَ الطائراتِ و الصواريخِ و المدافعِ و المدرعاتِ و الدباباتِ بسلاحهِ الشخصيِّ و إيمانِهِ.. رجلي الصغيرُ ذو ال ١٦ عاماً ذهبَ ليردعَ الخطرَ عنِ المرجفينَ و المنافقينَ الذين لا همَّ لهم سوى الاستمتاعِ بالأباطيلِ و الأراجيفِ و الأكاذيب…ذهب ليمنعَ الموتَ عن القاعدينَ في بيوتِهِم المتنعمينَ بالنومِ على أسرتِهم…

ها هي اليومَ حين زُفَّ إليها خبرُ عرسِهِ نحو الجنانِ تقولُ :
رجلي الصغيرُ – لا بل رجلي “الكبير” – ذهبَ حيثُ لا يمكنُ إلا لأمثالهِ أن يذهبُوا،، و طابَ له المقامُ حيث لم يهنأ له إلا السكنَ هناكَ و نالَ مرتبةَ الشهادةِ .. بينما الكثيرُ غيرُه ممن يرونَ أنفسَهم رجالاً رضوا بأن يكونوا مع الخوالف .. فطبع الله على قلوبِهم .. ويالَلمُفارقةِ!!
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الجبهة الثقافية
"Trojan" .. أخطر عملية استخبارية ضد حماس
الجبهة الثقافية
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
رشيد الحداد
الإمارات «تنعى» السلام في اليمن: عودة التأزّم مع السعودية
رشيد الحداد
تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
زينب عبدالوهاب الشهاري
روح من دار الخلود..
زينب عبدالوهاب الشهاري
أسامة الموشكي
أبوحسن المداني .. بركان ثورة
أسامة الموشكي
سبأ القوسي
في محرابي الملوّن
سبأ القوسي
د.أسماء الشهاري
أبو هاشم .. الشهيد الذي جعل من أخلاقه سبيلا لانضمام ابناء نجران مع أبطال الجيش واللجان..
د.أسماء الشهاري
إيناس عبدالوهاب الشهاري
أردتم.. ولكن..!
إيناس عبدالوهاب الشهاري
إيناس عبدالوهاب الشهاري
أنا الأم اليمانية..
إيناس عبدالوهاب الشهاري
المزيد