أحمد عبدالرحمن
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
RSS Feed
أحمد عبدالرحمن
أين يقيم هادي؟
لجنة خبراء دوليين لا يعرف رئيسها شيئا عن إغلاق مطار صنعاء!!
خلل واضح في تفكير البعض!

بحث

  
عن الشاعر الكبير عبدالله هاشم الكبسي «ما يشبه الحب»
بقلم/ أحمد عبدالرحمن
نشر منذ: سنتين و 7 أشهر و 4 أيام
الأحد 19 سبتمبر-أيلول 2021 07:22 م


 
 
أكثر من 80 عاما من الحياة والشعر، عاشها الشاعر القدير عبدالله هاشم الكبسي (1936 ـ 2019)، بسيطا، قريبا من الناس، ملتصقا بهم، محاكيا همومهم المعيشية، ومعبرا عن قضاياهم اليومية، لاهجا بأحلامهم الوطنية، ومتغنيا بلواعجهم ومكنوناتهم الشخصية، بقصائد غنائية فائضة بالحب، وأخرى شعبية حافلة بالسخرية، وبطريقته "عبر عن نوازع الكثير بلغة الكثير، فكان خير من أنطق الواقع وأنطقه الواقع"، بتوصيف البردوني، في كتابه المهم "رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه".
"من العمودي العادي إلى الشعر الشعبي"، انتقل الشاعر الراحل عبدالله هاشم الكبسي. وهنا "نجحت العادية في شعره الشعبي جماهيريا"، يقول البردوني أيضا، وهو يؤرخ لظهوره كـ"شاعر شعبي أواخر ستينيات ومطلع سبعينيات القرن الماضي، وفي مدة ثلاث سنوات أثار أهم القضايا الاجتماعية والسياسية بجرأة وبتدفق شعري"، معلنا بدء تجربته ورحلته الشعرية التي ستتسع لاحقا، إلى فضاءات الشعر الغنائي الحميني، عبر قصائد حميمية عذبة في بساطتها وإغراقها في المحكية اليومية.
يتجلى ذلك حين نستمع مثلا للفنان الكبير محمد حمود الحارثي، في كلمات أغنية "رد السلام"، التي يقول فيها:
رد السلام، رد السلام واجب، رد السلام
واسمح بوقفة واحدة وجاوب داعي الغرام
وقفة قصيرة ربما تناسب تخلق وئام
فالحب سنة والحياة تجارب على الدوام!
***
يا خو القمر ما بش قمر ملثم، يا خو القمر
ما بش قمر مثلك رأيت تبسّم على درر
ولا قمر مثلك كحيل أحوم أو فيه حور
لكن لماذا لك لثام حاجب؟! هذا حرام!
أو حين نستمع إلى الفنان الكبير أحمد السنيدار، الذي شكل معه ثنائيا خاصا، في عشرات القصائد والأغاني الوطنية والعاطفية، منها أغنية "ياسين عليك"، التي يقول في مطلعها:
ياسين عليك ارزم يدك على العود
فالقلب باللحن الجميل مشدود
واسرح على معنى طويل ممدود
يرقّص الطير فوق كل عنقود
***
دغدغ بريشك قلبي المتيم
وارعش بعودك جسمي المحطم
شد الوتر يطلع نغم منظم
يهز أعصابي فالقلب مخمود
***
صوتك جميل زيد ارفعه شوية
شا سجله وارسله هدية
أجمل هدية أغنية طرية
سلام مخصوص للحبيب ومحدود.
... إلخ القصيدة الأغنية.
أو في أغنية:
أمانتك وانسيم تعزم وتتخبر
عن الحبيب الذي غاب له سنة واكثر
بلغ سلامي إليه وافعل معه محضر
وعاتبه بالنيابة ليش يتكبر
هكذا صبغ الكبسي قصائده المتنوعة بمعجم العاديين وبمفرداتهم المحببة والأثيرة، فسمعوها ورددوها، حتى أصبح بعضها أمثالا تجري على الألسنة، مثل:
اصبر وهي با تنجلي
من يشتي الحالي صبر
ومن غثي ساعة سلي
ساعات، كذا طبع البشر!
هذه المسحة أو الثيمة سنجدها في أغلب إن لم تكن في جميع قصائده المغناة وهي كثيرة. وإضافة إلى ما سبق، نتذكر: "حبوب حبوب لا تغضب"، و"ما بال الحب يعذبني"، و"أشكي بمن ولعوني"، و"ما راح في بالي أو كان في الحسبان.. إن انت يا غالي تتعمد النسيان"، و"سلام وأجمل تحية"...
يتكرر الأمر أيضا في قصائده الشعبية غير المغناة، وهي قصائد كثيرة، لسماعها منه حين يلقيها بطريقته الآسرة وبلهجته ولكنته الصنعانية اليمنية الآسرة، فيضفي عليها بتفاعله وأسلوبه الخاص، نكهة أخرى من السحر والجمال، بما فيها قصائده المغناة.. وقد استمعت مؤخرا لقصيدتين هما "حبوب حبوب" و"ياسين عليك". ورغم كبر سنه، ظل محافظا على روحه وألقه الخاص. ومازلت حتى اللحظة أتذكر صوته على الهاتف، وهو ينادي نجله الفنان بحميمية الأب والصديق: "فؤاااديي!". كان ذلك في إحدى المقابلات التلفزيونية مع "فؤاده" الذي يحبه، وكون معه علاقة استثنائية تجاوزت علاقة الأب بابنه، وهي علاقة تأسرني فعلا، وتحيلني إلى علاقة الشاعر القاضي عبدالرحمن الآنسي، بنجله الشاعر القاضي أحمد عبدالرحمن الآنسي، التي تجلت من خلال بعض القصائد المتبادلة بينهما، كأن يكتب الآنسي الابن إلى أبيه قصيدة:
يا حمامي أمانة ما دهاك
طرت من بقعتك حيث الأمان؟!
فيرد الآنسي الأب بقصيدة:
يا حمامي على داري ينوح
لا تزد في شجى قلبي الكئيب
أنت تبكي هديل من عهد نوح
وانا أدعي حبيب عهده قريب!
لا تبتعد كثيرا علاقة شاعرنا الكبسي بنجله الفنان الكبير، إلا من حيث الأدوار، فالكبسي الأب يكتب القصائد، والكبسي الابن يتلقفها ويغني، فسمعنا منه: "من حبك القلب ما افرق من هواه"، و"كلفت نفسي وقمت اهوى كحيل العين"، و"قالوا أتوب من حبك"، و"أشتي ارتاح"، و"خلوني ارتاح"، و"اصبر وهي با تنجلي"، و"مع الأسف غلطان"، و"أشكي بمن ولعوني"، و"اسأل عينيك اسأل"، و"تحرشني"، و"خلي الأمر عادي"، وهذه الأخيرة، كانت موجهة إلى "فؤاده" نفسه كما يبدو من كلماتها:
يا مسافر أمانة
قبلما اقول مودع
اطرح اطرح فؤادي
اتركه هو وشانه
لا تقل: لا، ولا: مع
خلي الأمر عادي!
هذه العلاقة الحميمية والملهمة تتمظهر حبا وشغفا على نحو أوضح في قصيدة الأب، على أنغام صوت وأوتار الابن، وفيها يحضه على التغني والترنم، فهو بالنسبة له بلبل الفن ولحنه، جدول يحيي النفوس:
أنا في دنيا من الألمِ
حائرٌ في حالك الظُلمِ
فترنم يا «فؤاد» فما
يذهب الآلام كالنغمِ!
هكذا إذن، فالغناء ضوء ودواء، ولا قيمة للحياة، بلا رحيق الفن والكلم:
أي معنى للحياة إذا
أصبحت في عالم العدمِ؟!
ليس هذا الكون غير رؤى
ومضت والعيش كالحلمِ!
ومن التساؤلات الفلسفية، ينتقل إلى أن يأمره بسقيه كأسا معتقة، تسكر نشوتها الألباب:
فاسقنا كأساً معتقةً
من رحيق الفن والكلمِ
تُسكر الألباب نشوتها
وبها يغدو البصير عمِ!
ثم يذهب إلى التغزل بلحنه وعزفه المنعش لما مات من همم:
لحنك الرقراق منطقهُ
أنطق الأوتار دون فمِ
جدولٌ تحيا النفوس به
منعش ما مات من هممِ!
ولأنه كذلك، فليدمه الله بلبلا شاديا:
دُمْ لهذا الفن بلبله
شاديا في أرفع القمم
رافعا للفن أعمدة
في الذرى خفاقة العلم!
فالسلام والرحمة لروحه، إنسانا وشاعرا وفنانا.
* نقلا عن : لا ميديا
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الجبهة الثقافية
نخب سياسية يمنية - عربية ل"السياسية": "الوعد الصادق" كسرت حاجز الخوف وكشفت ضعف "إسرائيل"
الجبهة الثقافية
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
طاهر محمد الجنيد
أبعاد المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل
طاهر محمد الجنيد
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
الجبهة الثقافية
من هم أعداءُ المراكز الصيفية في اليمن؟
الجبهة الثقافية
تحقيقات وسرد وحوار ضدّ العدوان
لا ميديا
في حوار مع «لا»..الأسير الفلسطيني المحرر ماهر الأخرس:إلى السيد عبدالملك الحوثي نحن بانتظاركم لتحرير القدس
لا ميديا
يحيى اليازلي
«كتاب الاحتضار» للشاعر عبدالمجيد التركي.. موميائية اللحظة واختمارات الصورة الشعرية
يحيى اليازلي
عفاف محمد
قراءة في مقال «الثأر والثورة»
عفاف محمد
الجبهة الثقافية
المظاهر الثقافية لثورة ال21 من سبتمبر
الجبهة الثقافية
خليل المعلمي
الشاعر عباس الديلمي.. شاعر الحب والانتماء إلى الوطن
خليل المعلمي
عبدالرحمن مراد
ثورة 21 سبتمبر بين جدل اللغة وقضايا المجتمع المعقدة
عبدالرحمن مراد
المزيد