|
قالوا بأن [الدشات] هذه كانت قبل فترة تصل إلى صنعاء وقيمتها حوالي مائة وثلاثون ألف، الصحن مع الجهاز يكلف مائة وثلاثين ألف، بعدها نزلت قليلا وصَلَت بثمانين ألف، ثم دُعمت من جانب إسرائيل، دعمت بدعم رئيسي لتخفض أسعارها جدًا للناس؛ لتنتشر في كل بيت، فأصبح أسعارها الآن إلى حدود خمسة عشر ألف، عشرين ألف الذي كان بمائة وعشرين ألف!
ما معنى الدعم؟ أن يقولوا مثلًا لأي شركة مصنعة صحون أو رؤوس، كم التكلفة؟ بكم تريدوا أن يباع؟ احسبوا علينا نسبة 70% من القيمة وأنزلوه الأسواق بالسعر الفلاني، ويسدد من جانبهم نقدًا للشركات في سبيل ماذا؟ في سبيل أن يصلوا بالفساد إلى كل بيت؛ لأنهم يعرفون أن الفساد في هذا البيت، وفي هذا الشخص في أي منطقة من العالم أصبح يخدم قضيتهم، أصبح يخدم هيمنتهم، وإلا لما بذلوا ملايين الدولارات في دعم الدشات هذه وتنزل من مائة وثلاثين ألف إلى عشرين ألف إلى خمسة عشر ألف.
هذه القضية معروفة لدينا، ولأنهم يحسبون ألف حساب لأي أسرة لا تزال صالحة، لأي شخص لا يزال صالحًا، لأن هذا الشخص الصالح، أو هذه الأسرة الصالحة يمكن أن يسري صلاحه إلى ما حوله ويتسع، والقرية الواحدة الصالحة يعتبرونها ما تزال قضية تحز في نفوسهم.. لماذا ما قد عممت وأصبحت مثل بقية القرى، وهكذا…
فالمسألة الآن أن الناس إذا ما فهموا سواء فيما يتعلق بفساد الأبناء، فيما يتعلق بفساد الأسر، أيّ فساد، سواء في أوساط الكبار أو الصغار، من الرجال والنساء، أنه في هذا الزمان ربما يصبح معصية مضاعفة.
والمعصية فعلًا تضاعف لاعتبارات أخرى كما أن الله سبحانه وتعالى حتى بالنسبة لنساء النبي {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} (الأحزاب30) بنفس المعصية التي لو حصلت من هذه المرأة أو من هذه المرأة تعتبر واحدة لكن تضاعف هنا لاعتبارات أخرى، فمِنْ هذه المرأة تعطى جزاءها الطبيعي، لكن هذه المرأة يضاعف لها العذاب لاعتبارات أخرى.
كذلك أن نسمع بأن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قال في قاتل الإمام علي بأنه أشقى الأمة، القتل نفسه جريمة كبيرة، القتل جريمة كبيرة، لكن أن يقتل هذا الشخص، هذا الرجل العظيم في مرحلة خطيرة، في وضعية هي تعتبر الأمة في أمس الحاجة إلى مثل هذا الرجل العظيم، تعتبر جريمة كبيرة جدًا جدًا جدًا، لدرجة أن أثرها يجلب الشقاء على الأمة، فسمي أشقى هذه الأمة، كما سمي عاقر ناقة ثمود أشقى تلك الأمة؛ لأنه جلب الشقاء على أمته كلها.
كذلك في قاتل محمد بن عبد الله النفس الزكية، يوجد خبر بأن عليه ثلث عذاب أهل النار؛ لنفس السبب ولنفس الاعتبار، هو قتل نفس محرمة، لكن قتل نفس محرمة ولاعتبارات أخرى اعتبرت هذه الجريمة كبيرة جدًا جدًا لدرجة أنه أصبح مرتكبها مستحقًا بأن يعذب كثلث عذاب أهل النار هو لوحده؛ لأنه قتله وهو شخص عظيم، في مرحلة خطيرة، في منعطف تاريخي كانت الأمة في أحوج ما تكون إلى مثل هذا الشخص يصحح، عندما انتهت الدولة الأموية بالإمكان أن تستأنف الأمة حياة أخرى جديدة على يد هذا الشخص ومن سيخلفه من أئمة أهل البيت، لكن قتل فتمكنت دولة بني العباس فأصبحت كدولة بني أمية بل أسوأ منها في أشياء كثيرة.
لنفهم بأن الفساد، بأن المعصية في أزمنة معينة، في أوقات معينة، لاعتبارات معينة تكون كبيرة جدًا جدًا، يكفينا سوءًا، يكفينا سوءًا أننا نصرف أموالنا، وتمشي أموالنا إلى جيوب اليهود والنصارى رغمًا عنا! هذه في حد ذاتها مصيبة علينا حقيقة؛ لأن كل الكماليات التي نشتريها، كل الضروريات التي نأخذها، الأموال هذه، ملايين الدولارات تمشي إلى جيوب أعدائنا من اليهود والنصارى، بترول المسلمين، خيرات المسلمين كلها تصب في جيوبهم!
هذه مصيبة كبيرة، أما أن نخدمهم أيضًا من جديد فيما يتعلق بالإفساد، أو نصبح في حالة معينة متولين لهم، والتولي كما قال الإمام علي: ((الراضي بعمل قوم كالداخل فيه معهم)) أن ترضى بعمله ولو تحت عناوين أخرى، أن تجد في نفسك ميل إليهم، أو إلى أوليائهم، المسألة هي واحدة، تتولاهم أو تتولى أولياءهم؛ لأن من يتولهم منا يصبح منهم، فمن نتولى نحن ممن هو منا متولي لهم نصبح نفس الشيء منهم نعوذ بالله.
في أذهان الناس كلما يأتي موعظة، كلما يأتي حديث يتبادر إلينا الطاعات والمعاصي المعروفة، الطاعات والمعاصي المعروفة، وكأنه ما هناك أشياء أخرى، هناك طاعات وواجبات مهمة جدًا جدًا نحن مقصرين فيها، بل لا نتذكرها، يوجد عبادات اعتقادية، واجبات اعتقادية، أن تعتقدها كذلك نحن مهملين لها، لا نلتفت إليها، هناك معاصي خطيرة خارجة عن الأشياء التي نعتبرها قد هي مألوفة أنها معاصي هي في نفسها أيضًا خطيرة ونحن لا نلتفت إليها.
نحن بطبيعتنا اليمنيين بطبيعتنا فينا تحليل كثير للأحداث، ومع تخازين القات تقريبًا في أي بيت في أي مكان يحللوا كل الأحداث، ونبدأ من أمريكا إلى أقصى منطقة، حتى أني أذكر مرة ونحن مخزنين في صنعاء في بيت الشايف وكان عنده ضيف سفير عمان أيام تلك الأحداث بين الشطرين السابقة، أحداث ما بين علي عبد الله وعلي سالم، بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر، والناس ملان تحليل، ملان أخبار، ملان.. فقال: أنتم اليمنيين توجدون في نفوسكم قلقًا، وتوجدون في نفوسكم أيضًا رعبًا، وتحللون الأحداث بطريقة أحيانًا تكون معكوسة، يخرج الناس وهم يحملون همًا فيما يتعلق بحاجاتهم من [قمح] أو نحوه.. قال هذه طبيعة يلمسها في اليمنيين غريبة.
التحليل إذا كان تحليل إيجابي وفهم للأحداث على حقيقتها ليكون لي موقف منها، موقف إيماني.. لا أن أتلقى ما يقول الآخرون وأتأثر بالآخرين، أنا يكون عندي قدرة على أن أفهم الأحداث، وأن أفهم كيف أقف الموقف الإيماني منها، هذا جيد.
لكن عندما يكون الناس يتحدثون بما يتحدث به الآخرون، ويحللون تحاليل قلب يترتب عليها تأييد ومعارضة، تأييد ومعارضة، هذه هي نفس القضية الخطيرة، يخرج الناس من مجلس معين بعد تخزينة – وخاصة إذا هي بزغة جيدة وأذهان صافية والأريلات كلها تستقبل تأتي تحاليل – ويخرج الإنسان وهو ما يدري، قد هو متجه لأن يصلي صلاة المغرب والعشاء وفي علم الله قد يكون ممن قال: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ما معنى منهم؟ ألم يقل هناك: اليهود والنصارى؟ لا تتخذوا، جاء بالاسم لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، فعند ما يقول: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} يعني ماذا فإنه من اليهود والنصارى.
فيخرج واحد ولا سمح الله وقد هو يهودي – متجه إلى المسجد – من حيث لا يشعر، يهودي بغير زنانير، يهودي بغير زنانير نتيجة التحليلات الخاطئة والفهم الخاطئ وسهولة اتخاذ الموقف على حسب ما يسمع.
الشيء الذي لا بد منه أن الإنسان إذا ما تبينت له الأحداث يكون له موقف بأنه لا يتخذ من داخل نفسه تأييد أو معارضة إلا بعد أن يتبين له وجه الحق في المسألة، أو أن يرى ممن يثق بهم في فهمهم في تدينهم من قدواته لهم موقف من هذه المسألة فيقف موقفهم.
غير هذه تكون المسألة خطيرة، تكون المسألة خطيرة كما حكى الله سبحانه وتعالى قال: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ} (النساء140) ألم يقل مثلهم؟ يخوضون في القرآن يتحدثوا عن آيات في القرآن بسخرية أو بنقد أو بأي شيء من هذه، وأنت هنا تزعم أنك مسلم ومؤمن بالقرآن، لكن جلوسك معهم قد تتأثر، أو جلوسك معهم وأنت ساكت، يعتبر تشجيع لما هم عليه يحولك هذا الموقف الذي أنت تتهاون به إلى أن يكون حكمك حكمهم.
لاحظوا لخطورة المسألة كيف أن القرآن يتحدث: فإنه منهم، إنكم إذًا مثلهم، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون، يقول لك: أنت مثل هذا، مثل هذه الجهة التي أنت تقف موقفها، أنت مثل هذه الجهة التي تتولاها، أنت حكمك حكم هذه الجهة التي تطيعها ولو في مسألة واحدة مما هي معصية لله سبحانه وتعالى.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
الموالاة والمعاداة
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: شهر شوال 1422هـ
اليمن – صعدة
*نقلا عن : موقع أنصار الله
في الأحد 01 أكتوبر-تشرين الأول 2023 07:42:52 م