|
لا شك في أن ما تعيشه “اسرائيل” اليوم على خلفية “طوفان الاقصى” الذي ما زالت تداعياته تنخر ذلًا وخسارة في صميم وعمق وجدان العدو، هو مستمر في مسار متشعب وواسع. أولًا، لناحية الاشتباك مع المقاومة الفلسطينية في غزة وعلى حدودها مع الغلاف والمستوطنات، على صعيد الأعمال القتالية المباشرة، وأيضًا على صعيد مناورة التدمير والاجرام غير المسبوق الذي تمارسه “اسرائيل” متجاوزة كل القيود القانونية والانسانية المعروفة، وثانيًا، لناحية الاشتباك مع أطراف محور المقاومة في نقاط تتعلق بانخراطها مباشرة ضد وحدات الكيان، أو في نقاط تتعلق بانخراط البعض الآخر من أطراف المحور ضد حلفاء الكيان وخاصة ضد الأميركيين.
في إضاءة على مسار عمل هذه الأطراف في محور المقاومة، لايران أولا الدور القيادي في ادارة هذا المحور في المعركة ضد “اسرائيل”، وهي، بقدراتها العسكرية والسياسية والاستراتيجية تلعب دور الداعم الأقوى للمقاومة الفلسطينية في هذه المعركة. والتحرك العسكري الاستثنائي للاميركيين نحو المنطقة، عبر حاملات الطائرات والسفن الضاربة المواكبة لها نحو شرق المتوسط أو نحو الخليج وبحر العرب وخليج عمان يصب في أكثر أهدافه لناحية مواجهة القدرات الايرانية، فيما لو تطورت المواجهة وتوسعت في المنطقة، بالاضافة طبعا للعب دور الداعم اللوجستي الطارىء للقوات الجوية الاسرائيلية، في تأمين ما ينقصها من صواريخ موجهة وقنابل ذكية، اِستُعمِلت أغلبها وتستعمل ضد المنازل والمنشآت المدنية والطبية والانسانية في غزة.
لناحية المقاومة العراقية، من الواضح أنها تجاوبت وبسرعة مع تهديداتها للوحدات الاميركية في كل من العراق وسوريا، وفي الوقت الذي استهدفت حتى الآن أغلب قواعد الاميركيين بين العراق وسوريا، في كل من التنف وعين الأسد وحرير قرب اربيل والمالكية شرق الفرات، بالاضافة لاستهداف قواعدهم في حقل العمر وفي كونيكو في شرق سوريا، يبدو أنها تحضر لرفع مستوى انخراطها ضد هذه القواعد الاميركية، وذلك تبعا لتطورات المواجهة في غزة ومستوى الانخراط الاميركي فيها.
لناحية حزب الله في لبنان، فهو يخوض معركة مواجهة مباشرة وبمستوى مرتفع جدًا، ضد الوحدات الاسرائيلية على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، وفي الوقت الذي فرض على “اسرائيل” اشتباكًا استثنائيًا على هذه الجبهة، استطاع أولًا أن يثبت قواعد الاشتباك المعمول بها مع العدو، وتمكن أيضًا أن ينجح وبنسبة كبيرة في فرض عملية إشغال للعدو على هذه الجبهة، أجبرت وحدات الأخير وقياداته العسكرية أن تعطي النسبة الأكبر من جهودها وقدراتها ووحداتها الخاصة لمواجهة أي عمل مرتقب لحزب الله على تلك الجبهة، الأمر الذي استفادت منه المقاومة الفلسطينية على جبهة غزة، خاصة أن حزب الله، نجح في عزل قدرات العدو المدرعة من خلال تدمير عدد كبير من مدرعاته على تلك الجبهة، ونجح أيضًا في تدمير وعزل كل أجهزة المراقبة وابراج الرصد الحدودية للعدو على جبهته الشمالية.
أما لناحية الدور اليمني وقدرته في التأثير على العدو في هذه المعركة اليوم، فلا شك أن المقاومة اليمنية تستطيع التأثير في اتجاهين. الاتجاه الاول، عبر التأثير المباشر على حلفاء “اسرائيل” وخاصة الاميركيين، مثل معركة المقاومة العراقية ضد القواعد الاميركية. الاتجاه الثاني، عبر التأثير المباشر على العدو، تمامًا مثل معركة حزب الله المباشرة ضد العدو، وهذا التأثير أو الدور اليمني المزدوج، يمكن أن نرصده حسب المعطيات التالية:
أولًا: موقع اليمن الجغرافي الاستراتيجي، يعطي المقاومة فيه قدرة وامكانية وفرصة استثنائية في استهداف أغلب السفن العسكرية الأميركية والغربية، والتي ستلعب دورًا مباشرًا في دعم “اسرائيل” في معركتها التدميرية لغزة بشكل خاص، وللقضية الفلسطينية بشكل عام، وامكانيات القوى البحرية اليمنية معروفة في قدراتها على استهداف هذا المسار البحري الاجباري للسفن الغربية وخاصة الاميركية، في البحر الأحمر وفي خليج عمان وبحر العرب، وتحديدًا في بقعة الروع أو الموت لهذه السفن في باب المندب ومحيطه القريب شرقًا نحو جزيرة سقطرة، وشمال غرب نحو عمق البحر الأحمر بمواجهة مرفأ الحديدة.
ثانيًا: لناحية التأثير اليمني المباشر أو الدور المباشر للمقاومة اليمنية بمواجهة “اسرائيل”، فإن هذا الأمر قد يكون الأكثر سهولة على القوى اليمنية، حيث تملك الامكانيات المناسبة لاستهداف عمق الكيان في فلسطين المحتلة، لناحية القدرات الصاروخية الباليستية المتميزة، وخاصة صواريخ قدس المتعددة النماذج، والتي سميت هكذا من ضمن مهامها ومسؤوليتها في هذا الصراع، أو لناحية المسيّرات البعيدة المدى، والتي وصلت خلال مواجهة أبناء اليمن لدول العدوان إلى مناطق تقارب في بعدها عن اليمن المسافة بين فلسطين المحتلة وبين اليمن، بالاضافة لقدرات متميزة لهذه المسيّرات، أثبتتها عدة تجارب حية في تلك المواجهة ضد دول العدوان على اليمن.
أيضًا، يمكن لأبناء اليمن ولمقاتليه الأشداء، فيما لو تطورت المواجهة ضد “اسرائيل”، المشاركة في القتال المباشر من داخل فلسطين المحتلة اذا تيسر دخولهم الى أي منطقة فلسطينية محتلة أو من دول المواجهة المباشرة في الجنوب السوري أو في جنوب لبنان، وهذا الأمر لن يكون مستبعدًا فيما لو فرضت المعركة مسار مواجهة قاسيًا وإجباريًا على هذا المستوى من القتال.
من هنا، يبقى لكل طرف من أطراف محور المقاومة دورًا أساسيًا وفاعلًا في هذه المواجهة، وبين من سيكون له من بين هذه الأطراف دور مباشر ضد العدو، وبين من سيكون له دور مباشر ضد حلفائه وتحديدًا الأميركيين، ستكون معركة متكاملة يخوضها كل أطراف محور المقاومة نصرة لفلسطين وللقدس وللمسجد الاقصى وللقضية الفلسطينية المقدسة.
*نقلا عن :الثورة نت
في الثلاثاء 24 أكتوبر-تشرين الأول 2023 08:55:56 م