|
لا تغمض يا ولدي عينيك ، لا تقُل أن المناظر ستؤذي مشاعرك المرهفة وأنك لن تقوى على مشاهدة الأشلاء الممزقة ، وأن رؤوس الأطفال المقطعة ستصيبك بالهذيان ، وأن مشاعرك الرقيقة لا تسمح لك أن تسمع أوترى أي مشاهد أو أخبار عمّا يُرتكب من مجازر مروعة في حق أهلنا في غزة ،
وأنك تريد أن تنام مرتاح البال ، لا مشهد يؤرق منامك ولا أحداث ، وأنك ستدير ظهرك عن كل ما يحدث من قبل وإلى الآن ، حتى لا تعكر صفو أيامك ، وتظل تقضي أوقاتك كما يحلو لك مابين الصحبة والخلان .
فأمُك اليوم تأمرك يا ولدي لا تغمض عينيك .
افتح يا ولدي عينيك. لا تقل ان إبادة شعب العزة لا يعنيك ، وأن أوجاع وصراخ الأطفال لا يضنيك ، وأن آلام الشعب الفلسطيني لا تؤذيك .
أفتح يا ولدي عينيك. ولتمعن بالتأمل لكل مشهد وكل مجزرة ارتكبها الصهيوني الجبان ،
حتى لا تنم عن وجع الأب الحامل أطفاله أشلاءً في أكياس ، عن أسرة بأكملها لم يبقى منها إلا الأطلال ، وعن المذابح المروعة في كل يوم ، وفي كل يوم يرتكب فيها المجرم ما هو أبشع بحق الطفولة والإنسان .
أفتح يا ولدي عينيك. ولتحمل أشلاء الأطفال الممزقة في قلبك ، ولتوقد بها بركاناً في صدرك ، ولتجمع بيديك كل رؤوس الأطفال و لتصنع منها جمرّاً متقدّاً من نار ، ولتزرع كل أوجاع الشعب المكلوم بين ضلوعك ، ولتحمل كل أكفان الشهداء بين ذراعيك ، ولتجعل كل الشظايا والأشلاء تتطاير أمام عينيك ، ولتبني من دمار وركام البيوت المهدمة صرحاً ، لتجعله منصة صواريخ وراجمات ومُسيرات، عنوانها لا خنوع ولا استسلام ، ولتفهم أن وعيك هو العنوان ،
و لتَبقي مسامعك تنصت لأنين الجريح وصراخ المحاصر والمسجون خلف القضبان ، لا ذنب له سوى أنه يريد أن ينتزع حقه في الحياة بحرية ، ويعيش دون أن تدنس الوحوش البشرية كرامة الإنسان ،
ولترفع يا فلذة كبدي رأسك، ولتربط يا قطعة من فؤادي جأشك ، ولتصنع مجدك ، ولتكن لبنة في صرح شامخ ، لا يعرف الاستكانة أو النسيان ، ولتعرف أن الوعي هو العنوان .
ولتجعل من دموع المجروحين لك بحرا، ومن جلود الجرحى شراعًا ، ولتُبحر لتصل إلى من صنعوا المجد لعروبةٍ كادت أن تطوى في ذاكرة النسيان ، لتشد يديك مع أياديهم ولتطلب العزة من ربك ، لتكن المدافع معهم عن كل الأمة وعن الماضي وعن الحاضر والمستقبل وعن الأوطان ، ولتطلب منهم أن يصنعوا من جسدك صاروخًا ، وليقذفوا بك قبل الجاني على الحقراء من العربان ، من ركعوا وجعلوا من بلدي العربية جسرًا ليصل بها الجاني المتوحش إلى الأوطان ، من فتحوا له بكل حقارة أبواب التطبيع ، من باعوا الأرض مع الإنسان ، ولتكن صاروخا على من جعلوا وجوههم مداسا لدول الاستكبار ، ولتكن مُسيراتٍ على من برروا وأباحوا للصهيوني الاستفحال بالإجرام .
ولتنصت لي يا ولدي ولتعرف أني أُمك وأنك أغلى من روحي ، ولكني أريدك أن تفهم أن تحيا عزيزًا على أرضك أو لا تحيا،
وأن يبقى دوما الوعي لك العنوان .
* نقلا عن :عن قناة https://t.me/alshahariasma
في الجمعة 27 أكتوبر-تشرين الأول 2023 08:10:27 م