|
تُعدُّ عملية “طوفان الأقصى” التي شنّها المجاهدون من المقاومة الفلسطينية على كيان العدو الإسرائيلي في السابع من أكتوبر2023 م الضربة الأكثر قساوة منذ خمسة وسبعين عاماً مضت على قيام هذا الكيان الغاصب لأرض فلسطين.
كثيرةٌ هي المعطيات التي حملتها وتحملها عملية طوفان الأقصى التي طالت أكثر من عشرين مستوطنة واستهدفت أكثر من عشرة مواقع عسكرية وخلفت أكبر عدد من القتلى والأسرى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
ملحمة طوفان الأقصى كسرت هيبة إسرائيل وكشفت هشاشة جوهر هذا الكيان القائم على الأمن واسقطت نظريته المتكئة على تكنولوجيا الردع والقدرة على الحسم.
وكما كشفت ضعف العدو الصهيوني، أظهرت العملية حجم الدعم الغربي بقيادة أمريكا الذين لطالما اعتبروا إسرائيل الشرطي الذي لا يقهر في المنطقة، بدا ذلك واضحاً في الدعم الأمريكي العاجل وتزويد آلة البطش الإسرائيلية بالأسلحة المتطورة والقذائف القاتلة، التي تستهدف الأحياء السكينة وتخلف الكثير من الشهداء والجرحى، جلهم من النساء والأطفال، وما جريمة مستشفى المعمداني في قطاع غزة إلا دليل يظهر وجه إسرائيل القبيح ومن يدعمها ويساندها لارتكاب ابشع الجرائم التي يطغى عليها البعد الانتقامي، إلا أن هذا الصلف وهذه المجازر، لن تؤثر في تطويع الشعب الفلسطيني المقاوم ولا يمكن أن ترمم صورة إسرائيل التي ظهرت عليها في معركة طوفان الأقصى.
وبرغم التعاطي الإعلامي الغربي المنحاز للسردية الاسرائيلية حيال ما يقوم به كيان العدو من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، نجحت ملحمة طوفان الأقصى في إدارتها الإعلامية واسقطت زيف ونفاق الإعلام الغربي، فالمواطن بدا مشككاً في الرواية الاسرائيلية ولم تلقٍ قبولاً لدى الرأي العام، مقارنة بحجم ما انفقه كيان الاحتلال الإسرائيلي على هذه السردية، وهو ما تؤكده المسيرات والوقفات التضامنية مع الشعب الفلسطيني التي شهدتها مختلف المدن الأوروبية وحتى الأمريكية.
وتزامنت ملحمة طوفان الأقصى مع خطوات التطبيع واجراءاتها المتسارعة من قبل دول الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي مارست الضغوط على السعودية لإنجاز ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني، فكان طوفان الاقصى رداً ضرورياً وحاسماً على هذه المخططات، التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وبالمعنى الاستراتيجي للعملية، فإن فصائل المقاومة وخاصة حركة حماس، أظهرت تفوقاً كبيراً في التخطيط المسبق والعتاد ونوعية الهجوم، وذلك لا يمكن فصله عن الإطار الذي تضع حماس نفسها فيه كحليف أساسي في محور المقاومة، فقوّى محور المقاومة وفرت أعلى مستويات الدعم الفاعل والمؤثر للمقاومة في فلسطين، وحرّكت عناصر قوتها وقامت بتنفيذ ضربات موجعة للعدو في شريط عمليات يمتد من الداخل الفلسطيني ولبنان وسوريا والعراق واليمن التي دخلت معركة طوفان الأقصى بشكل رسمي، بعد إعلان المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية استهداف الكيان الإسرائيلي في العمق المحتل بالصواريخ والمسيرات، بعد تجاوز الخطوط الحمر للعدو التي قال عنها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه التاريخي نصرة لأبناء غزة والشعب الفلسطيني واستجابة لمطالب الشعب اليمني الأبي الصامد ومطالب الشعوب الحرة، وأكدت القوات المسلحة اليمنية استمرارها في تنفيذ المزيد من الضرباتِ النوعية حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي.
وكما أظهر الطوفان قوة محور المقاومة التي لم تؤطر في نطاق جغرافي معين، عكس واحدية الخطوات السياسية والمصير المشترك والاجماع الشعبي الذي عبرت عنه المسيرات الجماهيرية الحاشدة نصرة للقضية الأولى والمركزية ونصرة للشعب الفلسطيني ورفضاً لجرائم العدوان الصهيوني بحق أبناء فلسطين.
ما من شك أن “طوفان الأقصى” غيّرت المعادلات وأحدثت تحولاً استراتيجياً رسمه ويرسمه محور المقاومة وأثبتت أن قوى التحرر واعية وإرادة الشعوب حاضرة وأكدت أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الكيان الإسرائيلي هي لغة القوة، هذه القوة نراها اليوم تنهي عصر الجرائم الصهيونية وتفتح بوابة العبور لتحرير فلسطين كل فلسطين.
*نقلا عن :الثورة نت
في الجمعة 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 07:03:41 م