|
سبق أن قلنا: إن الخونة والمنافقين وسائر أدوات الاستكبار تحرص على جرنا إلى معارك جانبية لا طائل من ورائها، وليس لدينا وقت فائض لكي نضيعه في المهاترات الفارغة، والاستعراضات والتجاذبات والجدل العقيم، وعليه لا بد من التعامل مع كل ما يثيره الآخرون تجاه محور الجهاد والمقاومة من انتقادات بوعي واتزان، بعيداً عن التعالي والتعجرف والغطرسة، صحيحٌ أنهم يتبعون أكثر من أسلوب من شأنه أن يخرج الإنسان الحر عن طوره، ولكن علينا ضبط أنفسنا بقدر المستطاع، فليست مهمتنا أن نرد على كل شتيمةٍ بمثلها، ولو كان الأمر كذلك فما أيسره على الجميع، كباراً وصغاراً، عاميين ومثقفين!
إننا اليوم كما يقول بعض الباحثين والمفكرين الأحرار: في حربٍ مع الاستكبار العالمي بكل مكوناته وفروعه، وعلينا العمل على أن نخرج من هذه الحرب منتصرين، وقد حدد سيد المقاومة في خطابه الأخير معايير النصر، وهي؛ وقف العدوان على غزة، وانتصار المقاومة في غزة، بل وانتصار حماس بالتحديد.
إن باستطاعتنا أن نجعل من معركة «طوفان الأقصى» محطة للتأسيس لمرحلة جديدة بكل المقاييس، مرحلة قائمة على النباهة العالية، واليقظة التامة، والوعي الشامل، وذاك ما يوجب علينا أن نحرص على تحويل كل حوار أو جدال أو تهجم أو افتعال لنزاع أو اشتباك، أو أي محاولة لشق الصفوف إلى منصة لنشر الحقائق، وكشف الالتباسات، وبيان الشبهات، وإزالة الغموض في كل الأمور، وخلق الوعي وتعزيزه وتعميمه في أوساط الناس.
إن كل ما نشهده من مجازر فظيعة ودمار رهيب في غزة على أيدي الصهاينة المعتدين ما هو إلا وسيلة يهدف من خلالها هذا العدو إلى كي الوعي لدى الشارع العربي والإسلامي، أي إيصال الجميع إلى حالة من اليأس والإحباط والعجز والاستسلام أمام العدو، واعتبار أي محاولة لكسر غروره وعنجهيته، ودفع ظلمه وشره، وتطهير فلسطين ككل من دنسه ضرباً من الجنون والانتحار، وعليه يجب السعي إلى تحصين العقول، وحماية الروحية العامة من السقوط والانهيار، جراء كل ما تراه من مشاهد تشيب لشدة فظاعتها الرؤوس، ولا سبيل لتحقق التحصين الفكري، والحماية الروحية إلا من خلال زرع المفاهيم والقيم الحقة، والمبادئ والأهداف السامية، والتي تشكل أوقات الشدائد فرصة لزرعها في النفوس والضمائر، وتنميتها في الوجدان الجمعي، الأمر الذي يحتم علينا التخلص من حب الذات، والتخفف من أعباء وتبعات الأنا، والالتفات إلى خدمة القضية المصيرية التي تجمعنا جميعاً.
تلك في اعتقادي مهمتنا ككتاب وإعلاميين وباحثين ومفكرين وأدباء وفنانين وعلماء في زمن الطوفان، «طوفان الأقصى»، ولا يجوز لنا ترك القيام بحقها ومستحقها تحت أي ظرف من الظروف.
* نقلا عن : لا ميديا
في الإثنين 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 09:10:47 م