|
بعدما فشلت منظومات الدفاع الأميركية في حماية إسرائيل من ضربات قوات صنعاء، طرقت واشنطن باب الوساطة العُمانية في محاولة منها لوقف الهجمات اليمنية بالصواريخ والمسيّرات ضدّ العدو. أتى ذلك في وقت لم تجد فيه القوات الإماراتية حرجاً، في عز حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، في تأكيد وجود قواعد وقيادات عسكرية إسرائيلية في جزيرتي سقطرى وميون اليمنيتين الاستراتيجيتين.
وللمرة الثانية في غضون أيام، أجرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، أول من أمس، اتصالاً هاتفياً بسلطان عمان، هيثم بن طارق. وذكرت وسائل إعلام عُمانية رسمية أن بايدن عبّر عن أمله بقيام السلطنة بدور إيجابي في منع توسّع رقعة الصراع في المنطقة، مضيفة أن السلطان، من جهته، طالب واشنطن بوقف الحرب على قطاع غزة لمنع توسّع كهذا، فيما ذكر البيت الأبيض أن بايدن أثنى على الوساطة العمانية في اليمن. وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد أجرى اتصالاً بنظيره العماني، بدر البوسعيدي، الخميس الماضي، جرت خلاله مناقشة احتواء التصعيد في المنطقة، وجهود التسوية في اليمن. كما وعد بلينكن بتحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وجاء اتصاله هذا بعد ساعات على إسقاط قوات صنعاء طائرة أميركية مسيّرة من نوع «أم كيو - 9»، الأربعاء الماضي، خلال قيامها بعمليات تجسّس لمصلحة إسرائيل فوق المياه الإقليمية لليمن.
ويتزامن السعي الأميركي لاحتواء هجمات صنعاء على الكيان الإسرائيلي، مع محاولة تحريك أوراق ضغط سياسية في الاتجاه نفسه. وفي هذا الشأن، كشفت صحيفة «جويش إنسايدر» الأميركية، عن توجّه أميركا لإعادة تصنيف حركة «أنصار الله» منظمة إرهابية، وقالت إن 40 نائباً من الحزبين الجمهوري والديموقراطي انضموا إلى حملة تهدف إلى إعادة هذا التصنيف، بسبب الهجمات المتكرّرة بالصواريخ والمسيّرات من اليمن على إسرائيل. ولا يستبعد مراقبون في صنعاء لجوء واشنطن إلى هذا الخيار بالفعل، بهدف «شرعنة» أيّ عمليات انتقامية قد تشنّها بالوكالة عن تل أبيب، بعدما فشلت في حماية إسرائيل عسكرياً. وسبق لواشنطن أن بعثت برسائل تهديد إلى صنعاء، إلا أن تلك الرسائل قُوبلت بالتصعيد من الأخيرة. لكن بعد اتساع السخط الدولي المناهض لجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين العزّل في قطاع غزة، بعثت الولايات المتحدة برسائل غير مباشرة إلى «أنصار الله» قالت فيها إنها تعمل على وقف الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن. وقالت مصادر سياسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن «كل تحرّكات واشنطن السياسية عبر الوسطاء الإقليميين أو الدوليين تهدف إلى تأمين جنوب فلسطين المحتلة من ضربات القوة الصاروخية والطيران المسيّر اليمني»، مشيرة إلى أن «صنعاء التي تتهم واشنطن بإدارة هذه الحرب، اشترطت وقفاً كلياً لإطلاق النار على قطاع غزة، وفتح معبر رفح، والسماح بدخول المساعدات الغذائية والدوائية العاجلة، مقابل وقف عملياتها ضد الكيان».
وكانت هجمات صنعاء غير المعلنة قد تصاعدت ضد أهداف حيوية في جنوب الكيان خلال اليومين الماضيين. وقال الناطق باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، أثناء سرده تطورات المعركة، إن «الجيش الإسرائيلي يتعقّب باستمرار مع الشركاء، الهجمات الحوثية». ورد نائب مدير التوجيه المعنوي في القوات المسلّحة اليمنية، العميد عبد الله بن عامر، على ذلك بالقول إن «صنعاء تعرف كل شركاء إسرائيل في جرائمها، بمن فيهم من وصفهم الناطق الإسرائيلي بالآخرين». وقال مراقبون في صنعاء إن واشنطن تكفّلت بقواتها العسكرية البحرية المنتشرة في المياه الإقليمية لفلسطين المحتلة في البحر الأحمر، بتعقّب وصدّ الهجمات التي تستهدف الكيان من اليمن، غير أن كثافة هذه الهجمات حملت واشنطن وتل أبيب على دفع بعض الدول العربية إلى المشاركة أيضاً في رصد الطائرات والصواريخ اليمنية التي تقصف الكيان الإسرائيلي، ومن أبرز هذه الدول السعودية والأردن، والإمارات التي أقرّت، أمس، بوجود قوات عسكرية للاحتلال الإسرائيلي في جزيرتَي سقطرى وميون. وقال المقدّم في القوات الإماراتية، أحمد البلوشي، في منشور على منصة «إكس»، «إننا لا ننكر وجود قيادات عسكرية وقواعد إسرائيلية في سقطرى وميون»، مضيفاً «أننا نعمل معاً ضمن تحالف مشترك، وإشراف أميركي، في تأمين البحر الأحمر وباب المندب».
بعثت واشنطن برسائل غير مباشرة إلى «أنصار الله» قالت فيها إنها تعمل على وقف الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن
إلى ذلك، تحت مبرّر المخاوف من ردة فعل إسرائيلية - أميركية على هجمات صنعاء، عبّر رئيس «المجلس الرئاسي» الموالي لـ"التحالف"، رشاد العليمي، في كلمته أمام القمة العربية والإسلامية الطارئة التي عقدت السبت في الرياض، عن رفضه مشاركة قوات صنعاء في الحرب على الكيان الإسرائيلي. إلا أن المتحدث باسم حركة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، الذي دعا القادة العرب والمسلمين إلى مراجعة مواقفهم تجاه الكيان، أكد في منشور على منصة «إكس»، «استعداد اليمن لتحمّل أي تكاليف، في سبيل استمرار الاضطلاع بالمسؤولية تجاه الشعب الفلسطيني». وفي هذا الإطار، يرى الخبير العسكري، مجيب شمسان، في حديث إلى «الأخبار»، أن «أي رد أميركي - إسرائيلي على الهجمات المشروعة والمسانِدة للشعب الفلسطيني سيُقابَل برد فعل مواز. وفي حال حدوث ذلك، لن تكون هناك أي خطوط حمر أمام الجيش اليمني». وأشار إلى أن «الوجود الأميركي والإسرائيلي في البحر الأحمر سيكون ضمن قائمة أهداف قوات صنعاء. وفي حال وصول الأمور إلى هذا المستوى من التصعيد، فإن كل عبور بحري عسكري للكيان والأميركيين في البحر الأحمر وباب المندب يمكن أن يكون موضع استهداف».
*نقلا عن :الأخبار اللبنانية
في الإثنين 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 09:17:21 م