|
لقد أعادت معركة طوفان الأقصى الحياة إلى القلوب والعقول والضمائر على مستوى العالم، وبدأنا بالفعل نلمس الكثير من التحولات الكبرى في الوعي لدى الناس، إذ سقطت كل الأقنعة عن الوجوه، وبات الأمر متاحاً لكل فرد في هذا الوجود ليرى كل شخصية أو دولة أو فئة أو حركة أو منظمة على حقيقتها، ويكتشف بنفسه مَن هم الأبطال والرموز والقادة والشرفاء والأحرار الحقيقيون محلياً وإقليمياً وعالمياً، كما أُزيحت خلال أكثر من شهر من العطاء والبسالة والفداء والتضحية والصبر والثبات المنقطع النظير للمجاهد الفلسطيني وحاضنته الشعبية جميع الحجب والحواجز والظلمات التي تحول دون معرفة الحق من الباطل، والصدق من الكذب، والإيمان من الكفر، ولم يعد من السهل بعد اليوم التضليل على الناس أو خداعهم، مهما اجتهد المضللون والمخادعون والكذابون والدجالون والمبطلون في الترويج لبضاعتهم، وابتكار طرق وأساليب شيطانية جديدة لإعادة الرأي العام العالمي إلى حضيرة التبعية، ومربع الخنوع والذلة والاستسلام لقوى الهيمنة والاستكبار، فقد تبين للجميع الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، فجر الحرية والثورة، فجر الانتصار للحق والحقيقة، فجر إعادة الاعتبار للكرامة الآدمية، والشرف الإنساني، فجر إقامة الموازين لكل شيء بعدل، وإسقاط كل ما هو باطل وشر وفساد وظلم.
نعم فالدم الفلسطيني، والصوت الفلسطيني، والبارود الفلسطيني والوجود الفلسطيني ككل أرضاً وإنساناً، والذي برز من خلال غزة الجهاد والمقاومة؛ استطاع أن يقسم الناس في كل بقاع الدنيا إلى صفين أو حزبين أو فئتين لا ثالث لهما، ولكلٍ من هذين الصفين اسم يُعرف به، وقائمة ينضم إليها؛ فإما أن يكون المرء إنساناً ينطلق من منطلق التزامه بالدين، أو أن يكون حراً في دنياه، وإن لم ينطلق على أساس ديني، فالمهم لديه هو أن يسجل نفسه في قائمة الشرف، ويصير معدوداً ضمن الأحرار والشرفاء؛ وإما أن يكون مجرد عبد خانع وذليل، لا دين يدين الله به، ولا فلسفة إنسانية ذات بعد فطري سليم ينطلق منها، لذلك لا ضير عنده إن صار معدوداً ضمن الخونة والسفلة المنحطين، عبيد البطن وما حوى، وبات مسجلاً في قائمة العار، وأي عارٍ هو؟!
إنه العار الذي لا ينمحي، ولا تقف تبعاته وآثاره ونتائجه على حياة الجيل الذي اقترفه، بل ستمتد إلى أولاد وأحفاد أحفاد ذلك الجيل، لذا فإن كل إنسان اليوم معنيٌ بتسجيل نفسه، وليس هنالك سوى قائمتين؛ فإما قائمة الشرف، وإما قائمة العار، وكلٌ يعمل على شاكلته.
* نقلا عن : لا ميديا
في الثلاثاء 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 09:31:24 م