|
«لا»تعبر الحدود إلى الأراضي المحتلة.. باحثون سياسيون فلسطينيون:
دخول اليمن الحرب ضد الكيان.. إقدام في زمن الجُبن
عادل عبده بشر / لا ميديا -
معادلات جديدة فرضها اليمن في إطار التحامه بملحمة «طوفان الأقصى»، حيث نفذ عدة عمليات عسكرية ضد الكيان المؤقت، استدعت تفعيل منظومة الاعتراض الصهيونية جنوبي فلسطين المحتلة. ليحاول كيان الاحتلال التعتيم عليها متكتماً على الأضرار التي تسببت بها الصواريخ والمسيّرات اليمنية.
وفيما حاول الكثير من المنضوين تحت المظلة الصهيونية، بنسختها العربية العميلة، التقليل من أهمية استهداف صنعاء لمدينة «إيلات» (أُم الرشراش المحتلة)، قررت القيادة الثورية والقوات المسلحة، الثلاثاء 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، إدخال البحر الأحمر في المعادلة، لردع الاحتلال وإجباره على إيقاف عدوانه على غزة والضفة الغربية.
حول هذا، التقت
صحيفة «لا» عبر الإنترنت بباحثين سياسيين من أبناء فلسطين الحبيبة.
الباحث المقدسي محمد هلسة:
وقوف اليمن مع فلسطين صادق وبعيد عن أي مصالح
«اليمنيون أصحاب النفس الوطني العروبي المساند والحاضر دائماً في الساحات مع فلسطين وقضيتنا المركزية». بهذا يبدأ الكاتب والباحث في الشؤون «الإسرائيلية» أستاذ اللغة العبرية في جامعتي القدس وبير زيت الفلسطينيتين بمحافظة رام الله، الدكتور محمد هلسة، حديثه مع صحيفة «لا» تعليقاً على تفاعل الشعب اليمني وقيادته في جغرافيا السيادة اليمنية، مع العدوان الصهيوني على أهلنا في غزة والضفة المحتلة بفلسطين.
وأوضح الدكتور هلسة أن الترابط الوجداني للشعب اليمني مع إخوانهم الفلسطينيين، يأتي «بفطرية وبصدق مشاعر وسلوك، بعيداً عن اعتبارات أو مصالح مختلفة»، لافتاً إلى أن هذا الترابط «لم يكن وليد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أو نتيجة المذبحة التي يتعرض لها شعبنا في غزة والضفة وفي كل مكان في فلسطين، إنما هو خط طويل ممتد لمسناه في إطار العلاقة التاريخية التي تربط الشعبين اليمني والفلسطيني، وهو يعبر عن نفسه في كل مرحلة من المراحل بأدواته المختلفة».
وأضاف الباحث المقدسي: «هذه المرة السلوك اليمني المساند لفلسطين ومقاومتها، ليس بغريب ولا منفصل عن سياقه القديم الحديث، وحضوره هذه المرة مهم جداً في إطار إعادة الاعتبار للروح وللهوية العربية الإسلامية الواحدة والجامعة، التي لعب الأمريكي والصهيوني عليها، للأسف مع بعض صُناعهم في المنطقة، وحاولوا تفتيت الجسد العربي الواحد».
وأكد الدكتور محمد هلسة أن الشعب اليمني، ومن خلال وقوفه إلى جانب إخوانه في فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني، «يُثبت أنه مازال ينبض بنبض فلسطين وبقضيتها، وهذا هو الأمل الدائم الذي نأمل أن تستعيده كل شعوبنا»، موضحاً: «هذا النبض الذي نعيشه في اليمن، نأمل أن يعني بركة هذا الدم وهذه التضحيات، أن تستعيده كل الشعوب العربية، وأن تقف هذه المواقف المشرفة التي يقفها اليمن بشعبه وبمقاومته وقواته وبكل الأدوات التي يمتلكها».
خطوة هامة
وأكد هلسة أن دخول اليمن الحرب مع الكيان الصهيوني «خطوة بالغة الأهمية؛ لأنه يشكل استنزافاً لجبهة المقارعة الصهيونية، وأيضاً -ضمن الأدوات المتاحة- يؤلم الصهيوني ويصرف جزءاً من انتباهه ومن قواته ومن فعله في متابعة الجبهة اليمنية، وما ينتج من هذا الفعل اليمني الفذ، بالتأكيد يستنزف الاحتلال ويخفف الضغط الحاصل على إخواننا في جبهة غزة».
وبحسب هلسة فإن «من المهم جداً في إطار اشتعال الجبهات أن تكون الجبهة الجنوبية والجنوبية الشرقية حاضرة في الميدان وتكلف الصهيوني نفسياً وعسكرياً واجتماعياً»، إضافة إلى أن «الحضور اليمني مهم، أيضاً، في بُعد المسافة الفاصلة بين اليمن والأراضي المحتلة، فالعدو الصهيوني، رُبما، لا يستطيع إحداث ردة فعل للهجمات اليمنية، من خلال الوصول المباشر إلى اليمن، كما يفعل في غزة والضفة الغربية، أو في شمال فلسطين على الحدود اللبنانية».
وجوه سافرة
وعوضاً عن إنهاك صواريخ ومُسيّرات صنعاء لجيش الاحتلال، في ظل بُعد الأراضي اليمنية عنه، أشار الكاتب والأكاديمي محمد هلسة إلى أن العدو الصهيوني عمد إلى وكلائه في المنطقة من الأنظمة العربية لاعتراض الصواريخ والطائرات المُسيّرة القادمة من اليمن، لافتاً إلى أن حرب الإبادة التي يشنها كيان الاحتلال على غزة وما يحدث، أيضاً، في الضفة الغربية، «هي حرب فاضحة كشفت الوجوه السافرة للأنظمة المتساوقة مع الكيان والحامين بشكل أو بآخر لأمن الاحتلال».
ويؤكد الباحث المقدسي أن المواجهة التي تجري مع العدو الصهيوني، في أكثر من جبهة ومن بينها جبهة اليمن والعراق وجنوب لبنان، «تخدم حالة امتداد محور الممانعة والمقاومة، ليس فقط في إطاره النظري وإنما في الإطار العملي والفعلي، حيث يُثبت أنه إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وقد تداعى الأهل في اليمن والإخوة في العراق وفي شمال فلسطين المحتلة، وهذا أيضاً يثبت مرة أخرى أننا قادرون على أن نحدث فرقاً في إطار مواجهتنا مع هذا الاحتلال».
واختتم الكاتب والباحث في الشؤون «الإسرائيلية» الدكتور محمد هلسة، حديثه مع «لا» بالقول: «ربما لا تكون هذه جولة فاصلة؛ لكن بالتأكيد هي في الوعي العربي تراكم نقاط لمصلحة انتصار كل القضايا العربية وكل المظلوميات العربية، بما فيها قضية اليمن التي تقارع الشر هي الأخرى؛ لكن بصور وأوجه مختلفة عن أوجه الشر في فلسطين، وكلها سموم هذا الاستعمار الغربي الاستيطاني الصهيوني، وإن تعددت وجوهها».
الباحثة السياسية الغزاوية ميس القناوي:
هذا ما تخشاه «إسرائيل» من إعلان صنعاء
الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية ميس القناوي، شددت في حديثها مع صحيفة «لا» على أهمية دخول اليمن الحرب مع الكيان الصهيوني، دعماً وإسناداً للمقاومة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني في غزة وجميع الأراضي المحتلة.
وقالت القناوي: «اليمن هو الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت، كنظام عربي رسمي، أنها جزء من معركة طوفان الأقصى في مواجهة الكيان الصهيوني، فرغم المشاركات المتعددة من محور المقاومة في المنطقة، إلا أن مشاركتها جاءت ضمن سياقات قوى المحور، بينما اليمن دخل المعركة كدولة عاصمتها صنعاء، وكان إعلان ذلك باسم القوات المسلحة اليمنية، وجميع البيانات للعمليات الهجومية ضد كيان الاحتلال، لا تصدر إلا من المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية».
وقَسمت الباحثة السياسية الفلسطينية مشاركة صنعاء في الحرب مع الكيان إلى عدة محطات، قائلة: «تدرجت القوات اليمنية في مشاركتها الإسنادية لغزة عبر عدة محطات، فكانت المحطة الأولى باستخدام الطائرات المُسيّرة، ثم باستخدام المُسيّرات والصواريخ البالستية والمجنحة نحو ايلات والجنوب الفلسطيني المحتل، وأما المرحلة الثالثة والتي تشكل نقلة نوعية في العمل اليمني المقاوم، فتتمثل في إعلان السيد القائد عبد الملك الحوثي، ومن ثم إعلان العميد يحيى سريع وتأكيده على ما جاء في كلمة السيد القائد، عبر الانتقال لمرحلة حيوية جديدة لاستهداف سفن الكيان الصهيوني في البحر الاحمر وباب المندب».
وتؤكد الكاتبة الفلسطينية ميس القناوي أن هذه الخطوة «هي التي يخشاها الصهيوني بشدة، لأنها ستعطل ثلثي التجارة الخارجية للكيان، واليمن بهذه الخطوة سيزيد من الضغط على الكيان ومن خلفه الولايات المتحدة، وفي هذه الخطوة إسناد حقيقي للمقاومة الفلسطينية».
الباحث والمحامي أبو عزة:
معادلة باب المندب خطوة استراتيجية لردع الكيان ولجمه
«كنا على ثقة بأن اليمن لن يخذل الشعب الفلسطيني ومقاومته من جهته». يقول المحامي والباحث السياسي الفلسطيني صالح أبو عزة، لصحيفة «لا». ويضيف: «منذ اللحظة الأولى لطوفان الأقصى والخطاب الأول لقائد الثورة اليمنية، السيد عبد الملك الحوثي، ورسمه لمجموعة من الخطوط الحمراء والمواقف اليمنية المعلنة التي تضمن الدور اليمني في إسناد المقاومة الفلسطينية وتثبيت انتصارها الذي تحقق منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان هناك رضا شعبي فلسطيني من الخطاب، وأن اليمن ممثلاً بقيادته وشعبه وجيشه وقوى المقاومة لن تخذل الشعب الفلسطيني ومقاومته، فكنا على الموعد الأول لانطلاق المسيّرات والصواريخ البالستية والمجنحة، حيث أعلنت قوى العدوان تصديها لها قبل الإعلان الرسمي اليمني، ومثلت هذه الخطوة إشارة مهمة إلى أن الفعل اليمني سيسبق إعلانه في ترجمة حقيقية للمشاركة الفعلية اليمنية في معركة طوفان الأقصى نصرةً لغزة ولمقاومتها».
وأضاف أبو عزة: «استمرت العمليات بهذا المستوى نحو الجنوب الفلسطيني المحتل، وشاهد شعبنا وأمتنا انفجارات الصواريخ اليمنية في بعض المقاطع التي سُربت من المستوطنين في إيلات، ومع زيادة الوحشية الصهيونية والإبادة الجماعية لشعبنا في غزة، انتقل اليمن إلى مرحلة جديدة من المشاركة، والانغماس بالطوفان تأكيداً للموقف اليمني بأن عمليتها ليست لرفع العتب، وإنما لإحداث فارق حقيقي يردع الاحتلال ويلجمه، فكان الخطاب الثاني للسيد القائد عبد الملك الحوثي والذي فيه من وتيرة المشاركة اليمنية وتحدي صنعاء للغطرسة الصهيونية الأمريكية، ورفضها كل أدوات الترغيب والترهيب التي مورست ضدها، لتعلن موقفاً استراتيجياً جديداً يطال عصب التجارة الخارجية للكيان الصهيوني وطرق إمدادها وعبورها في البحر الأحمر وباب المندب».
ويؤكد المحامي الفلسطيني أبو عزة أن «هذه الخطوة، تُعد من الخطوات الاستراتيجية الكبرى التي تضغط على كيان الاحتلال، في محاولة يمنية جادة لردعه»، متطرقاً إلى الدور اليمني في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 73: «كان لليمن في عام 1973 دور هام وجوهري في فك الحصار الصهيوني عن الجيش المصري الثاني، باستخدام سلاح إغلاق باب المندب، ولم يعترف الكيان الصهيوني حينها بخسائره الكبيرة جراء هذه الخطوة، إلا أن تدخلاً أمريكياً من وراء الباب قدم طلب فتح باب المندب مقابل فك الحصار عن الجيش المصري الثاني».
ويختتم أبو عزة حديثه مع «لا» قائلاً: «إذا تكررت هذه التجربة مرة ثانية على يد القوات المسلحة اليمنية واستطاعت رد سفن الكيان الصهيوني المتخفية، فسنكون أمام أكبر خطوة إسنادية للمقاومة الفلسطينية النشطة حالياً في غزة ولفك الحصار عن غزة مستقبلاً كإحدى الحلول السياسية الناتجة عن انتصار غزة ومحورها في طوفان الأقصى، واليمن أحد محاوره الهامة».
في الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 02:45:19 ص