|
سلسلة روائع الأدب اليمني.. (6) الشاعر الحارث بن الفضل الشميري .. إعداد حسن المرتضى
مجموعة روائع شعرية للشاعر الحارث بن الفضل الشميري
( لَسْتُمْ وَحْدَكُمْ )
بَيَّضَ اللهُ وجُوهاً أطلقتْ
كُلَّ صاروخٍ على تَلِّ أبِيْبْ
سَجَّلتْ بالقصفِ هذا مَوقفاً
أسعدتْ كُلَّ صديقٍ وحبيبْ
وأغاظتْ نارُها مَنْ طَبَّعوا
والأعادي من بعيدٍ وقريبْ
قالها القائدُ:( لستمْ وحدَكم )
أملُ الأُمَّةِ فينا لنْ يَخيبْ
فَرَأينا القولَ والفعلَ معاً
ورفعنا رايةَ النَّصرِ المهيبْ
(النكبة)
سِتُّونَ عامًا والدمارُ الدمارْ
والقتلُ والتشريدُ والإنكسارْ
ستون عامًا مُرَّةً عشتُها
ممزوجةً بالذُّلِّ والإحتقارْ
ستون عامًا والمرايا بلا
ضوءٍ تعاني من حصارِ الحصارْ
حتى متى يا موت تبتزّ أحـ
ـزاني بألوان الهموم الكبارْ؟!
ستون عامًا خيَّمتْ في دمي
دارت رحاها فوق كل اعتبارْ
دارَ اللجوءُ المُرُّ في غربتي
دهرًا وما من سائل كيف دارْ
آثاره استلقتْ على نكبتي
قهرًا، ودارت بي على ألف دارْ
ستون عامًا يا دموعي وما
زلنا نعاني قسوة الانحدار
ستون عامًا والأشقاء يجـ
ـترُّون عارًا عاريًا بعد عارْ
ستون عامًا كل أيامها
مرَّتْ مرور السُّمِّ للانتحار
ستون.. لا ليلي بها طعمهُ
ليلٌ ولا حتى نهاري نهارْ
ستون عامًا نارها كلما
أطفأتها شبَّت على الفور نارْ
ستون عامًا فحَّمتْ مهجتي
فقرًا وقومي في الربا والقمارْ
ستون عامًا كل من حولنا
مَرُّوا وقومي بانتظار القطار
ستون عامًا والسجون التي
عانقتها أضحت لقلبي مزار
أطماعُ إسرائيل وحشيَّةٌ
تقضي على مستقبلي باقتدار
كل المآسي مزَّقتني بلا
رفقٍ ولم أفشل بأي اختبار
أبي أسيرًا مات واستُشهِدتْ
أمي، معَ من حولها من صغار
كانوا على الإفطار عند الضحى
حتى تلاشوا في وميض انفجار
من سوء حظِّي أنني لم أكن
من بينهم وقت اتخاذ القرار
من بعدهم أهديتُ للريح أشـ
ـلائي، وما استحليتُ طعم الفرار
لأن ثأرًا كامنًا داخلي
يغلي عليهم، كلما ثرت ثار
ستون عامًا والذي طار عن
أوطانه مستغربًا كيف طار
فاستوطنت أعشاشهُ حيَّةٌ
حاكت سلامًا شاملًا في إطار
إسقاطِ حق العودة الغير مشـ
ـروعٍ لمن لم يسجدوا للتتار
ستون عامًا يستخفُّ الصدى
فيها بأطروحات رأي الحمارْ
ستون عامًا حاورونا وحا
ورنا بلا معنى لحق الحوارْ
ستون عامًا ظلمها جائرٌ
لكنْ حذارِ من لظاها حذارْ
يا قدس مهما ضاق بي واقعي
ذرعـًا ومهما طال بي الانتظار
مفتاح داري لم يزل في يدي
وعائدٌ مهما استبدَّ الغبارْ
ستون عامـًا يا فلسطينُ والـ
ـزيتون يشكو الحظر والاحتضار
ستون عامًا ضاعفت حجم أو
جاعي وقوَّتْ هِمَّتي باختصارْ
(لبيكِ يا قدس)
لبيكِ يا قدسَنا لبيكَ يا أقصى
لبيكِ مهما علينا نصركِ استعصى
لبيكِ يا قدسُ إنَّا قادمون غدًا
بقوةٍ مِن جنودِ الله لا تُحصى
لبيكِ ليس ادِّعاءً إنَّما ثقةٌ
بِمَن عن النصرِ في قرآنِهِ نَصَّا
وهذه سورةُ الإسراءِ شاهدةٌ
في مُصْحَفٍ كاملٍ لا يَعْرِفُ النقصَا
٤٦٢٠١٤م
( ولادةُ الكون )
قصيدة مهداة إلى سيدي وحبيبي محمد بن عبدالله عليه صلاة الله عليه سلام الله في كل لمحةٍ ونَفَسٍ عدد ما أحاط به علم الله .
في ذكرى مولده النبوي ١٤٣٧هـ
هاجرتَ بالنور مِن غارٍ إلى غارِ
ليلاً فهاجرَ مِن دارٍ إلى دارِ
حتى غدا يملأ الدنيا برمتها
تهديه أمصارها حبًا لأمصارِ
يا خير نورٍ لخير المرسلين أتى
من خير أرضٍ عليها خير أنصارِ
ملأتَ قلبي إيمانًا ومعرفةً
بالله تقضى بها في الحُبِّ أوطاري
*****
قصائد الشعر ما عانقتُ أحرفها
إلاَّ وجدتك يا طه بأفكاري
ولا استمعتُ إلى الأوتار تعزفني
إلاَّ وجدتك فيها لحنَ أوتاري
ولا جلستُ إلى قومٍ أسامرهم
(إلاَّ وكنت حديثي بين سُمّاري)
*****
واليوم ميلاد نور النور أُطلقُها
قصائدي تملأ الدنيا بأشعاري
أهديكها باقةً من وحي عاطفةٍ
جيَّاشةٍ بشذا وردي وأزهاري
*****
ولادة الكون كانت يوم مولدكم
فكان يومًا بأسماعٍ وأبصارِ
ولادة عامها للفيل نسبتهُ
وما سواها من الأعوام للفارِ
*****
ولادة الحُبِّ في عينيكَ ينقلها
نحو القلوب تجلي نورك الساري
فأنت يا سرَّ نور الله تبعثها
أشعةً فوق ما في وسع أقماري
فإن أتيتُ أهني عيد مولدكم
فحُبكم يا حبيبي نور أنظاري
*****
ولدتَ.. أشرقَ نور الله في مهجٍ
كانت تدين لأخشابٍ وأحجارِ
ولدتَ.. فرَّ ظلام الظلم منكسرًا
عن كاهل البائع المغبون والشاري
عن الرقاب التي كانت تجاملُ مَن
يمشي على لحمها القاني بمنشارِ
*****
ولدتَ.. دقَّت على أبواب عالمنا الـ
ـمسجون في صمته أجراسُ إنذارِ
ولدتَ بالحُبِّ تلقي عن كواهلنا
عبء الخضوع لكفارٍ وفجَّارِ
****
دانت لإسلامك الدنيا برمَّتها
والنور من فيكَ غطى كُلَّ أقطارِ
نورٌ ينير ممرات القلوبِ على
نورٍ يطلسمُ أسرارًا بأسرارِ
ولا يذوقُ سنا الإقلاب عاشقها
إلاَّ بإدغامِ إخفاءٍ وإظهارِ
*****
وهذه أُمّةُ الإسلام ظامئةٌ
وقد سقاها قرونًا نهرُك الجاري
ولا يزالُ, ولكن غيّرت فمها
وقلبـُـها صار مسكونًا بأغيارِ
باعت بنيها بلا مالٍ لسارقها
واستبدلتهم بدجّالٍ وسمسارِ
تدعو لتغيير ماضيها وحاضرها
ونفسُها لم تغيِّر طبعها الساري
مثلي سئمت جمودًا ظل يلبسني
حينًا ولا زال يغريني بتكراري
غريبةٌ كل أطواري ولي وطنٌ
يشكو يقول غريبٌ حال أطواري
لأننا واحدٌ يا موطني وأنا
فورًا عرفت لماذا ثأركم ثاري
*****
وقد أتيتُكَ يا طه على خجلٍ
مما اقترفتُ بأنيابي وأظفاري
فقلتُ والشعر يلهو بي ويرحلُ عن
شفاه قلبي المعنى دون إشعاري
ما دام ربي عليمٌ بالذي اقترفت
أيدي العبادِ فما جدواه إنكاري
*****
إني ادَّخرتك يا طه لتشفع لي
شفاعةً تعتقُ العاصي من النارِ
فقد حملتُ دنوبًا كالحصى عددًا
وضعفها يا حبيب الله أوزاري
والله لم أقترفها عن معاندةٍ
مع الترصُّد أو عن سبق إصرارِ
غِرٌّ متى عانقتْ عينَيَّ معصيةٌ
فوضتُ شيطانها في فك أزراري
وليس لي ملجأٌ من هول ما كسبتْ
نفسي سوى عفو غفَّارٍ وستَّارِ
وحبكم يا حبيب الله لي أملٌ
به ألوذُ وحُبُّ الخالق الباري
*****
ولن أغادر شُبَّاك الحبيب بلا
شفاعةٍ يومها تُجلي لأكداري
فكيف أنجو؟ ولا منجى سواكَ ولا
محجى ولا ملتجى للجائعِ العاري
ومَن سواك جديرٌ أن يلاذ به
يوم الزحامِ وقد خانتني أعذاري
*****
طه, وطار شعاعٌ من فمي وإذا
قلبي يقيم لطه نصبَ تذكارِ
تركتُ نفسي وجئت اليوم منكسرًا
أدقُّ في نعشِ عشقِ الذاتِ مسماري
مِن بعد ما كنتُ طبلاً للحسان لقد
أوقفتُ طبلي على طه ومزماري
بدايتي إن تكن في الشعر محرقةً
فاختم إلهي بمدح النور مشواري
*****
طه.. الصلاةُ على مَن في الصلاة على
جنابه تاجُ أورادي وأذكاري
طه الذي طار بي في طي فطرته
شعرًا به في البرايا زاد مقداري
وقد كتبتُ وحال الشعر يقبضني
حينًا ويبسط حينًا صدر إعصاري
قصيدةً جاء عصفوري يُقدِّمُها
والعفو هذا الذي في وسع منقاري
******
(الأشرفُ القُدسي)
مغادرًا بغدادَ نحو النّجفْ
الأشرف القدسيّ روح الشرفْ
لكي أزورَ المجدَ في قبرِ من
له من الإجلالِ شعري وقفْ
قبّلتهُ صلّيتُ أسمعتهُ
سرًا على خدّي حوار النطفْ
والحشرجاتُ السودُ إيقاعها
في الحلقِ يُدمي من شدا أو عزفْ
بغدادُ حزني حزنُ شيعيّةٍ
تبكي (عليًا) وابنهُ والسّلفْ
في كربلاءَ كربنا واحدٌ
يزدادُ يا شعبانُ في المنتصفْ
ألفُ وثلثُ الألفِ عامًا وما
زالت تغطّينا دموعُ الأسفْ
من دمعنا النّهرانِ سالَ وكم
نُحْنَا ولم نعرفْ لنصرٍ طرفْ
بغداد من يبكي على من إذا
من باع جهرًا للمباعِ اعترفْ
خانوك من خانوا (عليًا) ومن
باعوا (الحسينَ) السبطَ في المنعطفْ
*نقلا عن : المسيرة نت
في الجمعة 01 ديسمبر-كانون الأول 2023 11:49:05 م