|
تعالوا نضع العداوات الحالية جانبا ونلقي نظرة مستقبلية بعيدة المدى، عندها سندرك أن اليمن بلد متنوع لا يمكن صبغه بلون واحد، وأن وجود مكونات سياسية قوية تمثل هذا التنوع وتديره يعتبر مكسب ومصلحة وطنية إذا ما أدير بالشكل الصحيح، لذلك نلاحظ أن العدوان يدرك هذه الحقيقة ويسعى لإستهداف كل المكونات السياسية وذلك بتبني شرعية منتهية الصلاحية مصادرة القرار وبالسعي لإنشاء مكونات بديلة مرتبطة بأشخاص قصيرة العمر ويسهل السيطرة عليها بشكل دائم لكي يحرم اليمن من فرص نهضته المستقبلية كما سبق ونجح في إعاقة نهوضه في الماضي والحاضر.
اليمن لديه عمق ديمغرافي واسع على مستوى الجزيرة والبلدان العربية وهذه ميزة اسنثائية، وبالتالي فإن تقوية موقع حركة الإخوان المسلمين إلى جانب بقية التيارات اليسارية والقومية في اليمن سيمكننا من استثمار ذلك العمق الديمغرافي القحطاني وتحويل اليمن إلى قبلة لكل التيارات لاستعادة دور اليمن التاريخي والحضاري.
وإذا ما أوجدنا البيئة التنافسية الصحية لنمو كافة المكونات في اليمن عندها سيتصدر اليمن المشهد بشكل تلقائي ويسبق إيران وتركيا كمركز ثقل جامع للدول والشعوب العربية والإسلامية لما يمتلكه من امتيازات فريده سنتحدث عنها لاحقا.
النظام السعودي يدرك خطورة العمق الديمغرافي لليمن في بلاد الحرمين ويدرك أن حزب الإصلاح هو المكون اليمني الأقدر على استثمار ذلك العمق بحكم الحضور القوي للفكر الإخواني على امتداد بلاد الحرمين.
لذلك نلاحظ أن النظام السعودي قد أثقل كاهل حركة الإخوان في اليمن بعبء شخصيات قبلية وعسكرية ودينية متحكم بها من وقت مبكر، كما كان يدفع الحركة للتصادم مع المكونات الأخرى لإفساد البيئة التنافسية حتى أصبحت قيادة الحركة في نهاية المطاف رهن الاقامة الجبرية في الرياض بدلا من وجودها الطبيعي في صنعاء كمرجع لكل التيارات الإخوانية ويكون نظام آل سعود رهينه بيدها وليس العكس.
في يوم من الأيام كانت مصر تمتلك مقومات قيادة العالم العربي والإسلامي كونها مسقط رأس حركة الإخوان المسلمين ومنشأ التيار القومي الناصري وقبلة لبقية التيارات القومية واليسارية والفكرية والثقافية. ولكن الصراع ذو الطابع الإفنائي للآخر حول مصر في نهاية المطاف إلى دولة مرتهنة من الناحية الاقتصادية لدول ذات منشأ استعماري مثل السعودية والإمارات وفريسة سهله لدولة صغيرة مثل قطر. ومن يتحمل مسؤلية هذا المصير البائس هي النظرة الضيقة لمختلف المكونات وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين التي بمجرد وصولها للسلطة تنكرت لمشروعها الثقافي وسحبت سفيرها من دمشق وبعثت بسفيرها لتل أبيب وطردت السفير السوري من القاهرة واعتمدت السفير الإسرائيلي مكانة وغادرت محور المقاومة لتلتحق بالمحور الأمريكي فانكشف ظهرها وتحولت لفريسة سهلة للضابط مجهول في الجيش المصري.
لنختلف مع بعضنا ونتنافس ولكن علينا ان ندرك أن هناك شيء اسمة البيت اليمني والبيت العربي والبيت الإسلامي وان أعمدة هذا البيت وإركانه هي المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية وان اي توجه لهدم أحد اعمدته أو أركانه سيؤدي لهدم البناء.
انا على ثقه بأن اليمن هو المخول لقيادة الأمة العربية والإسلامية وسيتصدر المشهد وهذه الثقة مبنية على شواهد الواقع وعلى النصوص القرآنية والنبوية والتي ساتناولها بشكل مفصل في منشوراتي القادمة.
في السبت 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 01:16:10 ص