|
ينتابك الفخر والزهو والاعتزاز كيمني هذه الأيام، نتيجة ما تراه من توجه صادق، لترجمة ما نحمله من أفكار ومبادئ وقيم إيمانية أصيلة، ونعبر عنها بمواقفنا الثابتة تجاه قضايا الإسلام والمستضعفين، والتي كانت فلسطين ولاتزال أمها وأباها، ومصداقها الأبرز والأتم والأشمل، وقد شكلت معركة طوفان الأقصى بما اشتملت عليه من أفعال في الميدان؛ نقطة تحولٍ لم تكن أبداً في الحسبان، هذا التحول هو لا شك لصالح المشروع القرآني مائة بالمائة، إذ باتت كل دفعة من الصواريخ أو الطائرات المسيرة التي تنطلق لدك الصهيوني اليهودي المحتل والمجرم المتغطرس، وكل عملية بطولية في البحر الأحمر ضد سفنه وبوارجه التجارية والعسكرية؛ كتاباً ناطقاً بأحقية ومصداقية وعظمة ونقاوة وطهارة هذا المشروع القرآني، وعلامةً دالةً على سمو ونبل وإخلاص الشهيد القائد المؤسس حسين بدر الدين الحوثي، الذي ما ازداد مشروعه إلا ألقاً وحضوراً وفاعليةً في مختلف الميادين كلما تقادمت السنون وتباعدت الأيام عن فجر الولادة وما تلاها من مراحل جنينية، ومراحل فتوة وشباب، وصولاً إلى مرحلة ما قبل النضج، التي شكلت ثورة 21 أيلول المجيدة بواكيرها الأولى، ثم كانت معركة سيف القدس، ومعركة وحدة الساحات وسواها، وصولاً إلى معركة طوفان الأقصى؛ علاماتٍ على تنامي واتساع وتعاظم عوامل الإنضاج لهذه المسيرة القرآنية، التي كانت كل إنجازاتها وانتصاراتها وكل ما قدمته أو ستقدمه، وجميع ما فعلته أو ستفعله من أجل هذا الشعب، وصون كرامته، وتحقيق حريته واستقلاله وفرض سيادته، وانتزاع سائر حقوقه، والحفاظ على عقيدته ودينه وهويته وتاريخه وأرضه وثرواته، وحماية مكتسباته؛ في كفة، بالرغم من كثرة التحديات والأخطار والعقبات والعواصف وتكالب الأعداء التي ميزت كل هذه المراحل، بالإضافة إلى حجم التضحيات التي قدمتها الحركة بهذا الصدد، ومستوى البذل الذي كلفها خيرة أبنائها، والصفوة العظيمة المنتجبة النموذجية من خيرة رجالها وقادتها، وكانت ولاتزال معركة طوفان الأقصى بما قدمته وستقدمه هذه المسيرة القرآنية قيادةً وجيشاً وشعباً نصرةً لفلسطين، ودفاعاً عن مستضعفيها ومقدساتها؛ في كفة.. لماذا؟
لأن جميع الحركات الثورية والجهادية التي فشلت وسقطت وارتهنت للصهيونية والاستكبار كانت تنجح على مستوى الداخل والمحيط الذي نشأت فيه، وشكل مجتمعه الحاضنة الشعبية لها، وجاءت من تلك الحاضنة جيوشها وقياداتها ومثقفوها، لكونها انطلقت من الإسلام، وتبنت قيمه ومفاهيمه ومبادئه كمشروع عملي، وتغنت بشعاراته العظيمة، وملأت الدنيا أدباً وفناً ومؤلفات تحكي عن عالميته كدين إلهي، وتعبر عن تبني قضية فلسطين، لكنها سرعان ما كفرت بماضيها، وتنكرت لرموزها وتنظيرات وأفكار قادتها ومؤسسيها، وتناست شعاراتها، ولبست جلداً ووجهاً جديدين، بعد أن أعادت صياغة مشروعها الفكري والثقافي والتربوي بما يلبي حاجة السوق، وينسجم مع المصالح الدنيوية، ويضمن لها البقاء أطول مدة ممكنة على سدة الحكم، ويحقق لها القرب من المستكبر المحتل بكل أذرعته، ويسهم في بناء روحية محطمة مصلحية تجارية منزوعة الدين والشرف والكرامة والخلق، لا تتحدث عن فلسطين إلا لدغدغة العواطف، وإشاعة ثقافة الانهزامية، ولا تتبنى الإسلام إلا متى ما اقتضت الحاجة الدخول مع المختلف من أبنائه في معركة خدمةً لأمريكا والصهاينة لا غير.
وإذن هي مرحلةُ إثبات للقاصي والداني، وقبل ذلك لأنفسنا؛ أننا باسم الله وفي سبيله انطلقنا، وأننا لانزال في الطريق الموصل إلى رضوانه، لم ننحرف ولم ولن نميل أو نغير أو نبدل، وسيبقى الجهاد لتحرير فلسطين دأبنا وخطنا ووجهتنا، ومهمتنا الأساسية والأولى والأخيرة، ولو لم يبقَ في ساحة الدفاع عنها، واستعادة مقدساتها سوانا، بل حتى وإن تخلى عن فلسطين الفلسطينيون أنفسهم فلا يجوز لنا التخلي عنها.
هكذا قال النهج، وعليه سار سيد الثورة والأنصار.
* نقلا عن : لا ميديا
في السبت 09 ديسمبر-كانون الأول 2023 08:19:37 م