|
خبراءُ عسكريون أجانب: مساعي أمريكا لتأسيسِ تحالف بحري في البحر سيُهزَمُ كما هُزم تحالفُ العدوان الأمريكي السعوديّ طيلة 9 سنوات مضت
المرتزِقة ومليشيا الإمارات يلحقون برَكْبِ الصهاينة للتصدي لعمليات القوات المسلحة
التهديداتُ اليمنية انتقلت من حيِّزِ القول إلى الفعل..
المسيرة – هاني أحمد علي
تتخبَّطُ الولاياتُ المتحدة من يومٍ إلى آخر بشأنِ الأحداثِ المتسارِعةِ في البحرِ الأحمرِ؛ نتيجةَ تصاعُدِ العملياتِ العسكريةِ النوعية للقوات المسلحة اليمنية ضد الكيان الصهيوني؛ نُصرةً لإخواننا في قطاع غزة.
وتسعى واشنطن منذ أَيَّـام إلى تشكيل ما تسميه “تحالف بحري في البحر الأحمر”؛ بهَدفِ ما تسميه مواجهة “الحوثيين”، لكن التوصيفَ الحقيقي لهذا التكتل يأتي في إطار محاولة إنقاذ الاقتصاد “الإسرائيلي” الذي يعاني من مأزق خطير بفعل الحصار الذي يفرضه اليمن مع تطورات الأحداث في قطاع غزة.
ويستغربُ الكثيرون من لجوءِ الأمريكيين إلى الحديث في هذا الوقت بالتحديد عن إنشاء هذا التحالف، في وقت يمتلئ فيه البحر الأحمر بالبوارج الحربية والفرقاطات وحاملات الطائرات الأمريكية والفرنسية والبريطانية وغيرها، والتي وُجدت تحت مبرّر محارَبة “القراصنة”، ثم حملت أهدافاً أُخرى، أبرزُها مواجهةُ أنشطة “أنصار الله” في البحرَين الأحمر والعربي.
ويقلِّلُ الخبير العسكري اللبناني العميد أمين حطيط، من قدرة الإدارة الأمريكية على إنشاء تحالف بحري تحت مزاعم حماية الملاحة في البحر الأحمر، مبينًا أنّ “هذا التحالف في حال أنشئ فسيُهزم على يد اليمنيين كما هُزم تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي طيلة تسع سنوات”، مُشيراً في حديث له عبر شاشة قناة “المسيرة” الثلاثاء الماضي، إلى أنّ “امتلاك اليمن لمنظومة متكاملة من المراقبة والتعقب والقدرة على تنفيذ الإنذارات، يُلزم العدوّ على أخذ تحذيرات القيادة اليمنية على موضع التنفيذ”.
ويعلّق العميدُ حطيط على عملية استهداف القوات المسلحة اليمنية، أمس سفينة نرويجية كانت متجهة إلى كيان العدوّ، موضحًا أنّ “التهديدات اليمنية انتقلت من حيز القول إلى الفعل في جبهة البحر”، مُضيفاً أنّ “قرار اليمن بمنع مرور السفن المبحرة إلى كيان العدوّ، وحظر الملاحة البحرية التي تخدم هذا الكيان، لم يكن شكليًّا ولا لفظياً، وإنما كان قراراً للتنفيذ، وأنّ اليمن اتخذت الإجراءات المناسبة للتنفيذ”، لافتاً إلى أنّ “تنفيذ القرار بمنع الملاحة يكون على درجتين الأولى توجيه الإنذار لوضع القرار موضع التنفيذ، فإذا التزم المعني بالقرار بالتحذير يكون قد نفذ القرار وامتنعت الملاحة، وَإذَا أصر من وجه إليه الإنذار على تحدي القرار تكون النار في مواجهته”، منوِّهًا بتقيد القوات اليمنية بقواعد الصراع وتوفير الأمن والسلامة للسفينة المستهدفة؛ لأَنَّهم لم يهاجموا السفينة مباشرة بمُجَـرّد خرقها للتحذيرات السابقة بل سبق الإنذار ثم إطلاق النار، مبينًا أنّ “هذا الإنذار يُعتَدُّ به ليعرفَ من وُجِّه إليه أنّ هناك عيناً تراقِبُه وعليه أن ينصاعَ لهذه التحذيرات”.
ويؤكّـد أنّ “المسألةَ الأهمَّ هي امتلاك اليمن لمنظومة متكاملة من المراقبة والتعقب إلى التحذير والإنذار إلى المنع والتنفيذ، وهذه المنظومة الدفاعية تعمل بشكل منسق وتعمل على جعل قرارات القيادة اليمنية موضع التنفيذ باقتدار، وهذا من شأنه أن يلزم العدوّ بأن يأخذ التحذيرات التي تصدر عن القيادة اليمنية موضع التنفيذ”.
ويرى أنّ “توجيه الإنذار للسفن التي تخرق الحظر قبل استهدافها يدل على أنّ هناك دولة ذات نظم تحترم القانون وتحترم السيادة، وتبتغي من إجراءاتها تحقيق الغاية وفقاً لقاعدة التناسب والضرورة، وليست من تلك العصابات التي تذهب لتقتل ولا تذهب لتنجز كالعدوّ الصهيوني”.
ورداً على تعليق البحرية الأمريكية التي زعمت أنّ السفن الأمريكية لم تكن مرافقة للسفينة النرويجية، على الرغم من وجود تحذيرات يمنية مسبقة، يبّين الخبير العسكري حطيط، أنّ “استهداف اليمن للسفينة النرويجية أثبت قدرة اليمن على تنفيذ هذا القرار، وشجاعة اليمن في الأمر بإطلاق النار والاستعداد لتلقِّي العواقب”، مؤكّـداً أنّ “الحركة البحرية الجنوبية لكيان العدوّ تشكل من 70 إلى 75 % من حركتها العامة، ومرفأ أُمِّ الرشراش “إيلات” يصلُ كيان العدوّ بالشرق وبالشرق الأقصى”.
وذكر أنّ “المرور في باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب هو حاجة استراتيجية تمس بنية الاقتصاد الصهيوني، مُضيفاً أنّ اليمن عند اتِّخاذ هذا القرار مسكت الإسرائيلي من اليد الذي توجعه، وعقدت المشهد على الإسرائيلي ليس فقط من الجهة الأمنية بل من الجهة الاقتصادية والاستراتيجية”، منوِّهًا إلى أنّ “القرار اليمني تم اتِّخاذه على مراحلَ متدرجة؛ ما يدل على الذكاء اليمني؛ حتى لا يفاجأ المعني بالقرار بمفاعيلها فقد تنقل عبر درجات متعددة إلى أنّ وصل اليوم إلى منع كُـلّ الخدمات البحرية للعدو الصهيوني عبر باب المندب وبحر العرب والبحر الأحمر”، مؤكّـداً أنّ “إسرائيل” لا تستطيع كسر الإرادَة اليمنية إلا إذَا حاولت استخدام القوة العسكرية، واليمن قد أعدت لكل شيء حسابه”.
وكانت القوات المسلحة اليمنية، قد أعلنت، أمس الثلاثاء، تنفيذ عملية عسكرية نوعية ضد سفينة تابعةٍ للنرويج كانت محملة بالنفط ومتجهةً إلى كيان العدوّ الصهيوني، وذلك بعد رفض طاقم السفينة لكافة النداءات والتحذيرات الموجهة لها.
قدراتٌ عالية ومخزونٌ ضخمٌ من الصواريخ:
وحظيت العملياتُ العسكرية المتواصلة للقوات المسلحة في البحر الأحمر باهتمام دولي واسع، وتناولت هذه الأحداث عددٌ من وسائل الإعلام الدولية.
واعتبرت مجلة ذي إيكونوميست “البريطانية” أنّ هجمات صنعاء على السفن المتجهة إلى “إسرائيل” تمثل تصعيداً هائلاً في المخاطر التي تحدق بالشحن التجاري الإسرائيلي مع احتمال تطور شكل وكثافة الهجمات على السفن الغربية، مبينة أنّ قوات صنعاء نجحت في عملياتها في البحر الأحمر، وَأنّ اليمنيين يتصرفون من تلقاء أنفسهم وبمحض إرادتهم.
ورأت أنّ “الهجمات تجسد فرصة استراتيجية لليمن بعدة طرق:- الأولى: أنها اقتنصت الفرصة الأولى بربطها بالهجوم الإسرائيلي على غزة؛ فهم بذلك يعززون مكانتهم في العالم العربي، حَيثُ تبقى القضية الفلسطينية ذات شعبيّة كبيرة وهي توحد بين العرب جميعاً.
أما الفرصة الثانية: فهي أنّ اليمنيين يبعثون إشارة واضحة مفادها أنّ البحر الأحمر الآن بالتبعية، بات مسرحاً للمواجهة ضد الكيان الصهيوني، وأنهم على استعداد لاستهداف السفن الأمريكية والشحن التجاري الذي ربما تجمعه علاقة بإسرائيل، حتى وإن كانت علاقة ضعيفة”.
وأشَارَت المجلة البريطانية أنّ “اليمنيين يمتلكون عدداً ضخماً من الصواريخ المضادة للسفن والمسيّرات، كما يمتلكون ما لا يقل عن 10 أنواع من الصواريخ المضادة للسفن في ترسانتهم، بما في ذلك صواريخ تعتمد على تصميمات صينية شبيهة بصواريخ إكزوست الفرنسية الملامسة للماء، مثل صاروخ المندب 1 وصاروخ المندب 2، الذي يستهدف إشارات الرادار ويصل مداه إلى حوالي 120 كم”.
وأضافت أنّ “اليمنيين يمتلكون أَيْـضاً صواريخ كروز من سلسلة القدس z-0 وصياد، التي يصل مداها إلى 800 كم، بقدرات تتيح لها البحث عن الرادار والأشعة تحت الحمراء والأنظمة الكهربائية والبصرية؛ مِن أجل استهدافها، بالإضافة إلى ترسانة من الصواريخ البالستية المضادة للسفن التي تتنوع بين منظومات الصواريخ قصيرة المدى محلية الصنع، والصواريخ الأثقل ذات المدى الأطول، مثل صاروخ عاصف وصاروخ تنكيل ذي الوقود الصلب (الذي يعتمد على صواريخ فاتح ورعد 500 الإيرانية، التي تحمل رؤوساً حربية وزنها 300 كيلوجرام والتي صُممت لاستهداف سفن حربية على مسافة تصل إلى 500 كم)، مبينة أنّ الصواريخ الأصغر هي التي استُخدمت، حتى الآن”.
وأفَادت مجلة “ذي إيكونوميست” بأنّ “هذه هي القدرات التي تتمتع بها القوات المسلحة اليمنية، وهذا هو حجم مخزون الصواريخ المضادة للسفن الذي لديها، وهذا هو التنوع الذي يتمتع به هذا المخزون؛ مما يعطي لمحةً دالَّةً على الإمْكَانات التي لدى اليمن وعلى ما يمكنُه فعلُه في مضيق باب المندب، الذي يمتدُّ على طول الساحل اليمني، والذي يعد نقطة اختناقٍ في نهاية البحر الأحمر تمر بها نحو 10٪ من التجارة الدولية”.
ولفتت إلى أنّ “ما يضاعف من قوة هذه الترسانة هي مجموعة من المسيّرات الهجومية وبقدر ما تعد هذه المسيّرات التي أسقطتها المدمّـرة الأمريكية كارني مثيرةً للقلق، يعتقد الخبير “هينز” أنّ هذه المسيّرات كانت على الأرجح طائرات بدون طيار لأغراض المراقبة والاستخبارات، المستنسخة من الطائرة الأمريكية بدون طيار “آر كيو -21 بلاك جاك”، بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة، يملك اليمنيون أَيْـضاً سفناً مسيّرة وقدرات زرع ألغام بحرية”.
مواقفُ رخيصةٌ ومبتذلة :
وجاءت هذه الأحداثُ لتفضحَ المواقف المخزية للمرتزِقة ومدى انبطاحهم واستعدادهم لاتِّخاذ مواقف تخدم “إسرائيل” و”أمريكا”، فعلى خطى الاحتلال الإماراتي والسعوديّ، أعلنت حكومة المرتزِقة السير نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، وذلك برعاية أمريكية.
ونقلت قناة الجزيرة القطرية، أمس الثلاثاء، عن مصدرٍ رفيعٍ في حكومة الفنادق، قوله: إنّ حكومة المرتزِقة أبلغت الولايات المتحدة موافقتَها على المشاركة في تحالف عسكري يقوده الكيان الصهيوني، في البحر الأحمر بذريعةِ “حمايته”.
وبحسب خبراءَ ومراقبين سياسيين، فَــإنَّ “التحالف الذي تسعى واشنطن لتشكيله في البحر الأحمر يسعى لضم المزيد من الدول العربية لدائرة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وتهدف من خلاله أمريكا لتأمين مرور السفن من وإلى الموانئ الإسرائيلية في البحر الأحمر، بعد أنّ تمكّنت القوات المسلحة اليمنية من فرض حظر بحري على إسرائيل ووقف أنشطتها التجارية وضرب اقتصادها؛ رَدًّا على المجازر وحرب الإبادة الجماعية المرتكَبة من قبل الصهاينة بحق أهالي غزة، بضوء أخضر أمريكي وغربي وأُورُوبي”.
وعلى الرغم من عدم امتلاك حكومة المرتزِقة أية قوة عسكرية على الأرض إلا أنّ إعلان مشاركتها في التحالف يأتي بتوجيه أمريكي سعوديّ ويهدف إلى توفير غطاء وشرعية للقوات الأجنبية باستهداف اليمن واستباحة المياه الإقليمية للبلد.
ويأتي إعلان حكومة المرتزِقة بعد تحَرّكات مكثّـفة للمليشيا التابعة للاحتلال الإماراتي بجناحيه (الانتقالي+ قوات طارق عفاش) تحت يافطة حماية الممر الدولي في البحر الأحمر، في محاولة أمريكية للضغط على صنعاء بأكثرَ من اتّجاه؛ بهَدفِ إيقاف عملياتها العسكرية المتصاعدة نصرة لإخواننا في قطاع غزة.
وكانت هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني الإسرائيلية قد كشفت قبل يومين أنّ المرتزِق عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، أبلغ الكيان الصهيوني استعداد المجلس أن يكون هو يد إسرائيل في اليمن لضرب قوات صنعاء، وذلك بشرط موافقة الأخير على الاعتراف بانفصال وتقسيم اليمن.
وفي هذا السياق استنكر الحراك الثوري مجاهرة ما يسمى المجلس الانتقالي ورئيسه المرتزِق عيدروس الزبيدي باستعداد المجلس القيام بحماية سفن الكيان الصهيوني وإعادة مرورها في البحر الأحمر وباب المندب ورفع الحصار البحري عن إسرائيل الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية، رداً على المجازر وجرائم الإبادة بحق أهالي غزة.
وقال يحيى محمد باراس -رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري في محافظة بحضرموت المحتلّة-: “إنه من المخزي ووصمة عارٍ أن يتشدقَ البعضُ بتمثيله في المحافظات الجنوبية وهم يعلنون التطبيعَ مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي الذي يبيد اليوم أبناءَ غزة”، مُشيراً إلى أنّ المرتزِق عيدروس الزبيدي، رئيس الانتقالي، يصرّح وبشكل علني حول التطبيع مع الكيان الصهيوني، في الوقت الذي يدّعي فيه زوراً وبهتاناً أنه يمثّل أبناء المحافظات الجنوبية الذي عرفه التاريخ مناصِراً مآزِراً للشعب الفلسطيني ومقاومته”، مُضيفاً “ولكنَّ الطيورَ على أشكالها تقعُ”.
وأكّـد رئيس الحراك الثوري، أنّ “أبناء المحافظات الجنوبية بريئون من الانتقالي ومما يدّعيه هو وأسياده الإماراتيون والسعوديّون والأمريكيون المحتلّون”، مبينًا أنّ “ما يحدث اليوم من قبل الانتقالي من مواقفَ خائنة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني يكشفُ حقيقة أنّ هؤلاء مُجَـرّدُ مرتزِقة زرعهم الكيانُ الصهيوني والمتصهينون العرب؛ ليكونوا خنجراً مسموماً في ظهر العروبة وفي ظهر يمن الإيمان والحكمة شمالاً وجنوباً.
*نقلا عن : المسيرة
في الأربعاء 13 ديسمبر-كانون الأول 2023 08:57:40 م