|
عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
حرب الشوارع هي نوع من أنواع حرب العصابات. والعصابات هي جمع عصبة أو جماعة، تقوم بمواجهة الجيوش النظامية، وحرب العصابات تنفذها جماعة تمتلك قضية عادلة بمواجهة معتدي يملك قدرات عسكرية ومالية هائلة. وتختلف حرب العصابات عن الحرب النظامية التقليدية اختلافًا كبيرًا، فهي تعتمد على السرية والرصد والتخفي والكمائن والهجمات المباغتة ثم الانسحاب السريع والاختفاء، وهدفها ميدانيًا هو استنزاف العدو استنزافًا تدريجيًا لا حسم المعركة ميدانيًا من أول جولة.
ولكي تحقق حرب العصابات أهدافها أو كثيرًا منها، فلا بد من إيقاع الخسائر البشرية والمادية بالعدو بما يؤدي لاستنزافه تدريجيًا حتى تخور قواه لدرجة تُمكِّن المقاومين من تحصيل ما يريدون أو كثيرًا منه، فتحقيق الإنجازات خاضع لمهارتهم وقوتهم في إدارة تطورات الأحداث القتالية والمناورات السياسية.
من أسباب نجاح حرب العصابات (المقاربة الحالية لحرب الشوارع):
1- العقيدة (دينية أو غير دينية).
2- إرادة القتال وهي العامل المكمّل لعامل العقيدة.
3- البيئة الحاضنة، وهي عنصر الحسم الأساسي في توفير الملاذ الآمن وحرية الحركة للمقاومين.
4- التدريب عالي المستوى واكتساب مهارات الميدان، واستخدام الأسلحة المختلفة من كل المقاومين الى جانب التخصص.
5- الوصول إلى مستوى متقدم في قيادة العمليات من منظومة القيادة والسيطرة.
6- التمكن من استخدام وسائل الحرب الإلكترونية والسيبرانية.
7- الوصول إلى منظومة استخبارات داخلية وخارجية تؤمن للجسم المقاوم المعلومات الضرورية للتمكن من إصدار تقدير موقف دقيق يسبق اتخاذ القرار استنادًا إلى قواعد التحليل العلمي وبمصداقية عالية، كما المساعدة في تأمين مناخات مساعدة في مكافحة التجسس والتنبوء بخطوات العدو المحتملة، والقدرة على تضليل وخداعه.
8- الوصول الى إيجاد منظومة إعلامية تواكب عمل المقاومة وتبين للجمهور الصديق والعدو حقائق الصراع اعتمادًا على المصداقية بالدرجة الأولى.
9- التحضير الجيد للأرض، سواء كانت مناطق مفتوحة أم مأهولة، والاعتماد على قتال البقعة وهذا يعني تأمين احتياجات القتال ضمن البقعة نفسها من دون الحاجة إلى الاستعانة بإمكانات بقعة أخرى حتى لو كانت ملاصقة.
10- تنظيم شبكة اتصالات متماسكة ومترابطة على أن تكون غير قابلة للكشف (اتصالات سلكية).
11- الاعتماد على الأنفاق في حال الأرض المفتوحة المنبسطة (وضعية قطاع غزة).
هذه العوامل يجب أن تتوفر في الأنماط الدفاعية والهجومية، إلا أنها يجب أن تتوفر بشكل أكبر في الوضعية الدفاعية.
إذا توفرت هذه العوامل من المؤكد أن عمليات القتال ستكون صعبة ومعقّدة ومكلفة على العدو، وهي العوامل التي يدخل فيها عنصر الوقت عاملًا أساسيًا لإرهاق العدو والضغط على "مجتمعه" للبدء بالمطالبة بانهاء الاعتداء.
وأخيرًا؛ يمكن القول إن العدو قد يربح معركته بمواجهة جماعة مقاومة، وخصوصًا في بيئة قتال الشوارع في حالين فقط:
1- وجود عدد كبير من السكان في حال لا موالاة للجماعة المقاومة.
2- عدم وجود تنظيم دقيق ومتكامل للدفاع عن المنطقة المستهدفة بالهجوم.
وهنا يبرز السؤال الأساسي: هل يتوفر للعدو عاملي عدم الموالاة للمقاومة وعدم وجود تنظيم دقيق ومتكامل للدفاع؟
الجواب هو لا، ولذلك فإنّ معركة الدفاع عن غزة تميل يومًا بعد يوم لمصلحة المقاومة بشرط استمرار مستويات الجهد المنظم واستمرار السكان بمستوى التحمل والصمود نفسه.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري
في الأحد 17 ديسمبر-كانون الأول 2023 09:22:27 م