حتى مطلع النصر
وديع العبسي
وديع العبسي

من الواضح أن الغطرسة الصهيونية أعمت قيادات كيان الاحتلال عن استيعاب اللحظة التي تحاصره من كل الاتجاهات.. لحظة استثنائية فعّلت محور المقاومة في سابقة لم تحدث من قبل، للرد على جرائمه في غزة، وإن لم تفعّل بعد كل إمكانات المحور.
المقاومة الإسلامية اللبنانية من شمال الكيان، والقوات المسلحة اليمنية من جنوبه، وفوق كل ذلك حصار بحري فرضته القوات البحرية اليمنية، ومعه بدأت أعراض الحُمى تظهر على جسد الكيان، ولا يزال يكابر.. الكثير من المستوطنين غادروا البؤر الاستيطانية، لوصولهم إلى القناعة بأن الأرض المحتلة التي يقيم عليها الاحتلال كيانه ليست بالأرض الآمنة فهي مهددة إما بالنار أو بالجوع.
ولا شك أن دخول اليمن معركة الدفاع عن الشعب الفلسطيني كان له تأثيره في صنع واقع الاحتلال الجديد، وفي صنع الأسباب الموضوعية لدفعه ومعه أمريكا إلى مراجعة مخطط الإخضاع للشعب الفلسطيني وقمع أي صوت أو تحرك مقاوم، فضلا عن أن التدخل اليمني نجح في إرباك الحسابات الأمريكية على مستوى كل المنطقة، وتحديدا مع إطلاق صنعاء معادلة البحر وباب المندب، وهو الجديد الذي فتح شهية التحليلات العسكرية والسياسية لوضع توقعات جديدة لمآلات الشيطنة الصهيونية الأمريكية.
فجّر اليمن مفاجأة صدمت العالم وكسرت كل التوقعات، حين أظهر استعدادا متكاملا، وواجه عدواً كالكيان الصهيوني الذي أرهب العالم، وحين نقول الكيان الصهيوني فإن الأمر يرتبط على نحو طبيعي بالكيان الأمريكي.
وبموازاة هذه المفاجأة ظهر في المقابل عجز أمريكي واضح عن تولي إدارة المعركة وتحويل النتائج لصالح التحالف الصهيوني الذي يجمعه بالكيان إلى جانب المانيا وبريطانيا وفرنسا وباقي الهوامش، وظهر هذا التحالف مشلولا عن القدرة في تحديد الردود المناسبة، والضامنة لاستعادة ما انهار من هيبته وكرامته.
فمنذ السابع من أكتوبر نشرت أمريكا بوارجها في بحار المنطقة، بقصد إرهاب الآخرين عن التدخل في معركة الكيان ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ثم ما لبثت أن بدأت تبحث عن شراكة مع باقي الدول لتشكيل تحالف بحري بزعم حماية الملاحة والهدف منه إرهاب صنعاء عن الاستمرار في عملياتها ضد اسرائيل، ومع تغليب الآخرين لصوت العقل وعدم الرغبة في المجازفة بمصالحهم، ذهبت أمريكا كالعادة إلى التهديد الأجوف لصنعاء بإحياء العدوان على اليمن، ثم بدأت فجأة بسحب بوارجها من الخليج وتحديدا المدمرة الشهيرة «ايزنهاور»، ليدلل ذلك على أن البيت الأبيض لم يعد أمامه إلا الفقاعات الارهابية لردع صنعاء عن الاستمرار في عملية استهداف السفن ذات العلاقة بالكيان.
وخلال اليومين الماضيين – ومع زيادة حدة التهديدات الامريكية، والتي رافقها محاولات تقييم لأثر هذه التهديدات بإغراء بعض السفن للتوجه إلى موانئ الكيان تحت حمايتها – جاءت الصفعة اليمنية مؤلمة، إذ زادت عمليات الاستهداف، وضربت الصواريخ والمسيّرات اليمنية خلال ثلاثة أيام أربع سفن صدّقت أمريكا وخالفت التعليمات وتجرأت على تجاهل التحذيرات، زائدا عملية جوية على مناطق حساسة في أم الرشراش.
هنا كان من الطبيعي أن تعلن واشنطن أمس أن تهديداتها لصنعاء كي توقف عملياتها ضد الكيان الصهيوني، قد فشلت، حسب موقع اكسيوس الأمريكي، وزد فوق ذلك إطلاق صنعاء عبر قواتها البحرية وعيدا بانتقال عملياتها إلى المرحلة الثالثة، ولا أحد يعلم فحوى هذه المرحلة لكنها ربما تكون أقسى من استهداف السفن بهذه الطريقة المهذبة التي راعت حياة طواقم السفن فلم يتعرض أحدهم لأذى، وللتحليلات أن تذهب إلى حيث تريد، فالواضح للعالم أن القوات المسلحة اليمنية تنفذ عملياتها بلا آية ثغرات قانونية تجعلها في موضوع المساءلة الدولية، وإلا لكانت أمريكا قد تصدرت مسألة الادانة والاتهام.
ومع تتابع العمليات اليمنية، صار على الكيان أن يزيل عن عينيه غشاوة الغطرسة وأن يدرك أن توالي الضربات قد لا تفرض عليه فقط رفع يده عن الفلسطينيين، وإنما مغادرة المنطقة نهائيا وإعادة الأرض إلى أبنائها.
وأما التوقف عن عمليات الاستهداف للسفن إلى الكيان المتغطرس، فإنها ثابت ومبدأ قالتها وتقولها الجموع اليمنية المليونية التي تخرج اسبوعيا لتحث القوات المسلحة على ألا تقف مكتوفة الايدي تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وحصار حتى من الحصول على شربة ماء نظيفة.

*نقلا عن :الثورة نت


في الإثنين 18 ديسمبر-كانون الأول 2023 01:04:19 ص

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=11895