|
سلسلة روائع الأدب اليمني.. (14) الشاعر عبدالوهاب المحبشي .. إعداد حسن المرتضى
مجموعة من روائع الشاعرعبدالوهاب المحبشي
(اذا لم تكن أنت منا فمن ؟)
...
وحيدا وقفت لنصر اليمن
وواجهت كل نفاق الزمن
ولست تبالي وقد قلتها
سترخص في الحق غالي الثمن
لأنك أنقى النقاء الطهور
تواجه أسوأ ما في العفن
وتنشد في حب هذا الصمود
وحبك في كل شعر وفن
تطير الينا بهذا الأثير
ونحن اليك نخوض المحن
عرفناك في كل سطر هدى
وما كنت تدري بنا نحن من ؟
وها أنت تعرفنا يوم أن
تنكر للحم أهل السمن
وكفر شيطان نجد عليا
ليلصق بالفرس بن ذي يزن
فكنت لنا يوم لا ناصر
سوى الله تنطقها في العلن
فيا بن النبي وسبط الوصي
ونجل الحسين سمي الحسن
لأنك وارث علم الرسول
وأنت على دينه مؤتمن
وتعرف لله أسراره
وأن وليا له في اليمن
ونهجا هنا من صميم الكتاب
يهز قلوب عبيد الوثن
وتعرف حبك في كل قلب
نعبر عنه بلبس الكفن
وبذل النفوس بسوح الوغى
لتعشقك الروح يحيى البدن
عرفناك مذ كنت صنو الأمين
وليس عليك بذا الحب من
عشقناك حين ملأت العيون
وكنت تصحح زيف الزمن
تداوي بصوتك جرح القلوب
وتشفي ب حربك داء الوهن
سقانا حسين بن بدر هواك
وعنك روى كل ذكر حسن
فكنت نموذجنا في الجهاد
وكان لنا النور عند الفتن
سلاما عليك وفينا اليك
قلوب بحبك قد تفتتن
نحبك لله يا بن النبي
نحبك يا سيدا سيدا
ومن أبغضوك فمن بؤسهم
كما يبغض السؤدد الممتهن
وهل يعرف النور أهل العمى
فيسعد بالصحو عبد الوسن
أيا سيد النصر كنت المراد
ويا صادق الوعد صرنا معا
لنا الله مولى وأنت النصير
فكيف سنخشى عدوا اذا
اذا لم تكن أنت منا فمن ؟
أيا بن النبي ويا بن اليمن
(مشهد تحت الركام)
نظرت فتاهت نظرة في دفئها
فيما مضى في حضن أم أو أب
و بدا لها من بعد ذلك مشهد
تحت الركام و أي هول مرعب
و رأت أباها بعد ذاك و أمها
و جميع إخوتها جنائز موكب
لكنهم لاحوا لها من عالم
أحياء فابتسمت تثير تعجبي
و رأت وراء الغيب ثأرا قادما
لدمائهم فمضت لأرض الملعب
لسنا نرى ما شاهدت لذنوبنا
و براءة الأطفال من قلب النبي
(الصادقون مع الله)
أيا ثابتا في خطوط التماس
ثبوت الرواسي ، وثوب الفراس
لردع الغزاة ، وأذنابهم
إذا فكروا أو أرادوا المساس
بأمن العباد ، وخير البلاد
وحفظ الجميع من الافتراس
لك الله من مؤمن ، صادق
لبست بتقواك أرقى لباس
وبعت من الله بيعا صحيحا
فلا ريب فيه ، ولا التباس
ولله درك ، من فارس
بلغت من المجد ما لايقاس
عصي على الكسر والانحناء
بعيد المنال وصعب المراس
شموخك جاوز سقف السماء
وما مثل بأسك في الأرض بأس
أذقت الأعادي كؤوس الردى
وهاهم على حافة الانتكاس
ستبقى وإن لم تكن بيننا
قرين القلوب ونبض الحواس
ورمزا نباهي البرايا به
وتشدوا بنصرك جن وناس
سلاحك ، ميراث أجيالنا
ونعلك ، تاج على كل رأس
(فَـــرَّ نحو البحر)
ذُوْ نَوَاسٍ جَالِسٌ فِيْ قَصْرِ حَدَّهْ
رَمْزُهُ كَانَ حِصَانًا
عِنْدَهُ لِلْحَرْبِ عُدَّهْ
أَمَرَ اللهُ بِأَنْ يَعْبُدَهُ
فَاخْتَارَ أَنْ يَعْبُدَ عَبْدَهْ
شَنَّ فِي القُرْبَى حُرُوبًا
حِيْنَ أَوْصَى اللهُ فِيْهِمْ بِالْمَوَدَّهْ
ذُوْ نَوَاسٍ ثَارَ مِنْ أَجْلِ الْيَهُوْدِ
وَاعْتَرَتِ الرِّعْدَةُ جِلْدَهْ
شَدَّ فِي أَعْدَائِهِمْ أَكْبَرَ شَدَّهْ
ذُوْ نَوَاسِ الْحِمْيَرِيُّ فِي دِيْنِهِ يُشْبِهُ جَدَّهْ
ذُوْ نَوَاسٍ مِثْلَهُ حَقَّقَ وَحْدَهْ
ذُو نَوَاسٍ مِثْلَهُ أَفْنَى خِيَارَ النَّاسِ عِنْدَهْ
ذُوْ نَوَاسٍ مِثْلَهُ صَبَّ عَلَى الأَطْفَالِ حِقْدَهْ
نَزَعَ الدِّيْنَ مِنَ الشَّعْبِ لِيَبْقَى مُسْتَبَدَّهْ
جَاءَهُ غَزْوٌ مِنَ الْغَرْبِ
فَمَنْ يَسْطِيْعُ صَدَّهْ.. فَهُوَ لَنْ يَصْمُدَ ضِدَّهْ
أَيْنَ مَنْ كَانُوْا رِجَالَ الْمَوْتِ فِي سَاعَةِ شِدَّهْ
أُحْرِقُوْا يَوْمًا بِأُخْدُوْدٍ لِكَيْ يَرْضَى الْيَهُوْدْ
بَيْنَ نَجْرَانٍ وَصَعْدَهْ
آهْ.. لَوْ كَانُوْا هُنَا
مَا اجْتَازَتِ الأَعْدَا الْحُدُوْدْ
إِنَّ مَنْ يَصْمُدُ ضِدَّ الظُّلْمِ يَعْتَادُ الصُّمُوْدْ
لَيْسَ يُثْنِيْهِ العَتَادُ الضَّخْمُ
أَوْ تَعْنِيْهِ أَعْدَادُ الْجُنُوْدْ
* * *
ذُوْ نَوَاسٍ أَحْرَقَ الأَبْطَالْ
ذَا نَوَاسٍ كَيْفَ أَحْرَقْتَ الرِّجَالْ
قَالَ إِذْ أَحْرَقَهُمْ مَا كَانَ بُـدَّهْ
ذَا نَوَاسٍ! مَنْ يَذُوْدُ الْيَوْمَ عَنْ شَعْبٍ وَقَدْ قطّعْتَ زِنْدَهْ
ذُوْ نَوَاسٍ هَلْ تَرَى يَسْطِيْعُ أَنْ يَهْزِمَ نِدَّهْ
أَسَدٌ..
يَصْطَادُ مِنْ إِخْوَانِهِ كُلَّ الوَرَى تُحسن ُصَيْدَهْ
لَنْ يَرَى فِيْ سَاعَةِ الشِّدَّةِ أُسْدَهْ
ذُوْ نَوَاسٍ لَمْ يَجِدْ مِنْ جُنْدِهِ مَنْ سَلَّ حَدَّهْ
وَالْحِصَانُ الرَّمْزُ مَا زَالَ عَلَى أَكْمَلِ عُدّهْ
***
ذُوْ نَوَاسٍ فَرَّ نَحْوَ الْبَحْرِ كَيْ يَطْلُبَ نَجْدَهْ
وَإِذَا بِالْبَحْرِ قَدْ أَخْلَفَ وَعْدَهْ
حَرْبُهُ هَزْلٌ مَعَ الأَعْدَاءِ، وَفِيْ الأَهْلِ يَجِدُّ الْحَرْبَ َجِدَّه
ذُوْ نَوَاسٍ وَالْحِصَانُ
قَبْلَهُ بَحْرٌ عَدُوٌّ
وَعَدُوُّ الْبَــرِّ بَعْدَهْ
لَمْ يَجِدْ مَنْ خَطَّ عَودَهْ
هَلْ سَيَلْقَاهُمْ كَمَا لاقَى الْحُسَيْنُ الْمَوْتَ وَحْدَهْ
لَمْ يَرِدْ مِنْ جَأْشِ آلِ الْبَيْتِ وِرْدَهْ
مِثْلَهُ لَيْس لهَ قَلْبٌ
لِكَيْ يَصْنَعَ مَجْدَهْ
مِثْلَهُ يَهْزِمُ نَفْسَهْ
مِثْلَهُ يَهْزِمُ جُنْدَهْ
مِثْلَهُ مَنْ يَرْتَمِيْ خَوْفًا مِنَ الأَعْدَاءِ فِيْ الْبَحْرِ
فَيَأْبَى أَنْ يَكُوْنَ الْبَحْرُ لَحْدَهْ
هَكَذَا يَخْتِمُ عَهْدَهْ
كُلُّ مَنْ يَنْكُثُ عَهْدَهْ
( إلى السماء )
سواكم يذهبون إلى الفناءِ وأنتم في الحياة بلا انقضاءِ
تظل الأرض تأكل من بنيها وأنتم تسقطون إلى السماءِ
وفي الفزع الكبير لكم أمان ٌ وقد جئتُم جوار الأنبياءِ
سقى أرضَ الشهادةِ كلُّ ماءٍ وطيّبَ كلَّ ذراتِ الهواءِ
فلم تنبت بغير العز أرضٌ وقد سُقِيت بشلال الدماءِ
عن الشهداء إن حدثت إني مدحتُ بذكر فضلِهُم ثنائي
نعيشُ اليومَ في أعمار قومٍ قضوا نحباً لنحضى بالبقاءِ
لهم دينٌ بما بذلوا وضحوا وليس لنا سبيلٌ للقضاءِ
نزور مقابرَ الشهداء حباً ونحن نذوب من فرط الحياءِ
لهم عهدٌ أمامَ الله نحمي أمانتَهم بأرواح الفداءِ
ويبقى فضلُهم بذلوا نفوساً وقاسَوا كلَّ انواع البلاءِ
وهاهم حاضرونَ بكل نصرٍ فإن النصرَ من فيضِ العطاءِ
لتثبيتِ البراءةِ هم تفانوا ونمضي نحن في عقدِ الولاءِ
براءتُنا من الكفار دينٌ كمثل ولائِنا للأولياءِ
وليسوا من يُقال لهم وداعاً ولكنا نقولُ إلى اللقاءِ
قصيدة (النفس الطويل)
(1)
يا أيها النفس الطويل وأيها الزمن الجميلْ
يا نور هادٍ للمسافر في متاهة ألف ميلْ
يا يوسف العرب المغيث لهم من العيش الوبيلْ
روح النبي وحيدر حلّتك فانتصر القليلْ
وتجلت الآيات فيك فكل ما تأتي دليلْ
العرب ضمأى للكرامة فاسقهم يا سلسبيلْ
يا سيد الأحرار.. يا قائد الثوار.. يا أبا جبريلْ
(2)
من أي مدرسة خرجت فتلك مدرسة الحسينْ
وبأي آيات نطقت فعندك الذكر المبينْ
(3)
يمن تنفس عزةً مذ صرت قائده الأمينْ
وتطلعت كل الشعوب إليك من جور السنينْ
حشد اليهود عليك كل الزيف يا حق اليقينْ
بدأوا نهايتهم فأنت النصر والله المعينْ
نظرت إليك عيون هذا الكون فانشرح الحزين
واستنهضت أفواج أمتنا وكانت تستكين
وكأنها قيلت إليك بأنك اليوم المكين
هذي فلسطين تحن إليك قد طال الحنين
(4)
إنا لصبرٌ في الحروب .. ونحن صدق في اللقا
يا سيدي فاضرب بنا.. أنّى تشاء لك البقا
قسماً بربك سيدي.. عهد يميناً صادقا
فلنحنُ سمٌ للعدا .. ولنحن شهد الأصدقا
بالنصر أصبح واثقاً .. شعبٌ لديك تألقا
مذ قدته كي يرتقي ..يوماً بيومٍ فارتقى
وغدا له في عالمٍ.. قاسٍ مكاناً سامقا
بالله قوتنا وفي .. القرآن موردنا النقا
وعد الإله وكان حقاً .. نصره لمن ارتقى
(يا سبط النور)
أملبي توجيه الإعداد
عن معنى معنى لغة الضادْ
يا مَنْ قرأ القرآنَ على
مُكْثٍ وبناءَ الجيلِ أجادْ
هل كان بوسعك أن تُغضـي
عمَّا في الدنيا من إفسادْ
بل كان بوسعك أن تقضـي
عمرك للأهل وللأولادْ
أم كان بوسعك أنْ تتحا
شـى مثل سواك أذى الإجهادْ
بل كان بوسعك أنْ تغفو
فالأمةُ غارقةٌ برقادْ
معجزة كنت وها قد عد
ت لمن جهلوك بجيل جهادْ
يا موقظَنا من غفلتنا
يا موجدَنا بعد الإيجادْ
يا تاليَ ذكرِ الله لنا
لنراك به ولقوم هادْ
يا نافخَ روحِ الدينِ بنا
ومراد الحق وخير مرادْ
كنا عطشـى والماءُ هنا
والمصحفُ تشكيلاتُ مدادْ
فأتيتَ لتفتحَ أعينَنا
وتحرِّكَنا والناس جمادْ
فغدا القرآنُ لنا نهجًا
وبه وعيًا وهدىً نزدادْ
يا سبط النور أما ارتاحت
نفسك إلا بالاستشهادْ
تمضـي كحسينٍ وكزيدٍ
ويزيدٌ يمكثُ وابنُ زيادْ
كلا يا رافعَ صـرختِنا
كسفًا لتدمرَ ذا الأوتادْ
افتح عينيك ترى أممًا
خرجت لتراكَ بكلِّ بلادْ
لو سمعت منك لما انتظرت
عشـرا تتضورُ في الأصفادْ
نصـرتْ من ساق إليها المو
ت ليقتل معطيها الميلادْ
ترياق كلامك يشفيها
لو نبذت عنها طبع عنادْ
دمُك الزاكي قد فجرَّها
بركانًا ضدَّ الاستبدادْ
وأعاد الروح إلى أممٍ
ماتت بسيوفٍ في الأغمادْ
لتلوذ بأحمد وعليٍّ
وبسبطي أحمد والسجادْ
راياتك والتكبير بها
سيربي الأبنا والأحفادْ
ليعم الدنيا قرآنٌ
بقيادة هادٍ نحو رشادْ
عَلَمٌ يقفوك ولا يألو
جهدًا فيما يأتي وجهادْ
ليظل هتافك ميعادًا
لأذانٍ في أرض الميعادْ
(يا عالِماً عَلّمَ العالَما)
أيا صاعداً لم يطأْ سُلّما
ويا عالِماً عَلّمَ العالَما
ويا بارقاً شِيءَ أن ينطفي
ولكنه ألهَمَ الأنجُما
وعلّمتَ في الأسطر الخالدات
مبادئَ نبني بها الأنظمَا
وأسقطَتَ كُلَّ الهوان الذي
أراد لنا أن نبيحَ الحِمَى
وأحرجتَ مَن آمنوا بالهوى
وبالغرب في نهجه مُلهما
فعزَّزتَ في الناس إيمانَهم
بأنَّا سنبني ولن نُهزما
أيا شاهداً للحُسَين الذي
روى منهجَ الله واستلهما
ويا ناصرَ الحق لما بدى
على كفِّ هادٍ يزيلُ العمى
بكل التفاني تشُدُّ العُرَى
لترفعَ رايتَه قائما.
وتقرأ فيه سطورَ الخلاص
كما كنت تنشدُها دائما
وَها هو ينجز كُلَّ الوعود
ويرفع بالعزِّ من سَلَّما
ويبعث آمالَ مستضعفين
وقد طال ما عذبوا طالما
لرؤياك تأويلها سيدي
ويبقى لغيرِكَ أن يحلُما
أما كنتُ تعشق كُلّ الورى
فمن هم ترى أغرقوك الدما
وأيُّ الوحوش ترى أعدموك
فوحش الفلا فيك ينهى الفما
تغادرُنا سيدي إنما
ستبقى بقانيك ترعى النما
لأن البلادَ تعاني الظما
قطعت مفاوزَها صائما
سقيت بما فاض عنك الوهاد
وغادرت تمنح حظَّ السما
*نقلا عن : المسيرة نت
في الأحد 24 ديسمبر-كانون الأول 2023 09:17:02 م