|
– منذ العام 2000 والمعادلة العبقرية لقائد المقاومة السيد حسن نصرالله تقضّ مضاجع قادة كيان الاحتلال، «إسرائيل» أوهن من بيت العنكبوت، قالها السيد نصرالله ولا زالت عالقة كشوكة في حلوقهم، خاضوا حرب تموز 2006م وحلمهم رفع علم الاحتلال في ساحة النصر في بنت جبيل، حيث قالها علهم يتحررون من وطأتها، فجعلتها حرب تموز معادلة استراتيجية راسخة، فخاضوا حرب غزة ودبّروا الحرب على سوريا وحرب اليمن وفي عقولهم وخطط مفكريهم، التحرر من عقدة بيت العنكبوت، وها هم الآن يعودون بصفقة القرن وتسمية القدس عاصمة أبدية لكيان الاحتلال بكل الدعم الأمريكي والتطبيع الخليجي، وبالإشهار عن أن دولتهم قومية يهودية، ويخوضون حربهم على غزة، فماذا يقول التاريخ وماذا تقول الوقائع؟
– حربهم الأخيرة على غزة التي توقفت في منتصف الطريق كانت تأكيد المؤكد بأن كيانهم وجيشهم أوهن من بيت العنكبوت، فالميدان اليوم له أسياده، ولم يعد جيش الاحتلال مَن يرسم المعادلات فيه، الكورنيت حسم السيطرة في البر، والقدرات الاستخبارية للمقاومة أعادت لهم جثث كبار ضباطهم بدلاً من الإنجازات، والصواريخ أسقطت قبتهم الحديدية وسقطت على رؤوسهم، والتهديد بالتصعيد جاءهم بالتهديد المقابل بالمزيد، الصواريخ الدقيقة والعالية القدرة والبعيدة المدى ستنزل إلى ساحات النزال، وترعد فوق تل أبيب.
– في السياسة تقول الحرب في سوريا والحرب في اليمن، إن الأهداف الإسرائيلية سقطت، وإن الذراع الإسرائيلية مغلولة، وإن مشروع صفقة القرن يسقط بالضربة القاضية، غياب الشريك الفلسطيني، لأن الشعب الفلسطيني رسم خطوطه الحمراء، مَن يتنازل عن القدس مقتول مقتول، فماذا تقول لهم خطواتهم التي ترعاها واشنطن في الخليج وضم القدس وإعلان يهودية الدولة؟
– مرّ كيان الاحتلال بأربع مراحل من التعامل مع مرجعياته في مقاربة السعي المحموم نحو التطبيع، في المرحلة الأولى لم يكن يعرض سوى تطبيع تقيمه دباباته حيث يحتل الأرض ويضمّ الجغرافيا ويفرض على السكان الرضوخ لذل الاحتلال، وهي صيغة التطبيع التي تتناسب مع مشروع «إسرائيل» الكبرى القائمة على منهج الاحتلال ورسم حدود الكيان بالقوة، وقد سقطت في الجولان العربي السوري بانتفاضة أهله وتمسكهم بهويتهم العربية السورية، وتكرّس سقوطها منذ عام 2000 بسقوط مشروع التوسّع، وفشل الكيان بالاحتفاظ باحتلال جنوب لبنان وتالياً فشله بالاحتفاظ باحتلال غزة.
– في المرحلة الثانية كانت «إسرائيل» العظمى هي البديل الاستراتيجي، وعنوانها مقايضة الأمن بالهيمنة، ومحورها التطبيع الاقتصادي لحجز مقعد المدير الاقتصادي للمنطقة، مقابل القوة العسكرية القادرة على التدمير، لكن شرطها تظهير قدرة الردع، فجاءت حرب تموز 2006 وتكفلت بما بقي منها. وفي المرحلة الثالثة كانت «إسرائيل» الفضلى هي البديل الاستراتيجي الجديد وعنوانها إعادة صياغة المنطقة من خلف الستار وفقاً للمصالح الإسرائيلية، وأداتها التطبيع مع تنظيم القاعدة والفكر التكفيري بأدواته ومرجعياته الخليجية، وكانت الحرب على سوريا أداة تطبيق المشروع، والإعلان عن أن جبهة النصرة كنموذج لهذا التطبيع شريك في الأمن الاستراتيجي لكيان الاحتلال، وقد سقط آخر ما تبقى من هذا التطبيع الذي شمل العلاقات التحالفية المعلنة مع حكام الخليج بالضربة القاضية في جنوب سوريا.
– تطل المرحلة الرابعة، وعنوانها «إسرائيل» الصغرى، وشرطها الانكفاء خلف الجدار، والاكتفاء بالاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، وإشهار يهودية الدولة، وهي ثمرة التسليم بسقوط فرص التسوية مع محور المقاومة، وسقوط فرص ضربه وإضعافه، وسقوط فرص إيجاد شريك فلسطيني بقياس المصالح الإسرائيلية لمضمون التسوية، وشكل التطبيع الذي يتناسب مع بدء أفول الكيان وقوته وقدرته على رسم الخرائط، هو التطبيع الذي نشهده مع حكام الخليج، لتوظيفه في إزالة الذعر الذي يعيشه المستوطنون في الكيان القلقون من مستقبل كيانهم، غير الواثقين بغدهم، في ظل ذعر استراتيجي عنوانه أن وجود الكيان صار مطروحاً على بساط البحث، ومثل هذا التطبيع يسهم في نشر ثقافة الاطمئنان بأن «إسرائيل» كيان طبيعي معترف به في المنطقة، حتى لو كان من يعترفون ليسوا من تخشاهم «إسرائيل» وتعتبرهم التهديد الاستراتيجي لوجودها، وهم من يتسبب لها ولمستوطنيها بهذا الذعر الاستراتيجي، فهو تطبيع بيت العنكبوت، كما باتت الحروب حروب بيت العنكبوت.
في الخميس 22 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 07:54:35 م