ولماذا نعادي إيران ؟ !
إبراهيم سنجاب
إبراهيم سنجاب
على الرغم من تعقد الأزمة اليمنية أكثر وأكثر إلا أنها بالفعل ليست سعودية ولا إيرانية، هذا هو الوهم الذى يأتينا مع كل برقية من وكالة أنباء عربية أو أجنبية ، ثم لماذا علينا أن نعادى إيران ، لا هو فرض عين ولا هو فرض كفاية ، ولا هو حديث متفق عليه ولا هو مما ضعفه جمهور العلماء !.

نفتخر بنور الله الذي جاءنا من جزيرة العرب، ولكن ذلك لا يستدعي أن نتمسك أو نتبنى أو ندافع عن كل ما يأتينا من الرياض لأنها مجرد عاصمة عربية لها استراتيجيتها وسياستها التي قد تتوازى أو تتقاطع مع سياسات واستراتيجيات بقية العواصم العربية والإسلامية , فهي ليست المدينة ولا مكة , حتى لو امتلكت جبالا من الدولارات وهضابا من الريالات توزعها هنا وهناك كما تريد هي وليس كما تقتضى مصالح شعوب الأمة الإسلامية أو العربية إن كانت هاتان الأمتان حقيقة كما يعتقد الطيبون وليستا وهماً كما يعرف الطيبون أيضاً .

تقول الرياض ما تريد وتفعل أبو ظبي ما تشاء وتتصرف الدوحة كما تشتهي، ولكن تبقى الحقيقة المؤلمة والتي لا تخص تلك العواصم المستحدثة فقط ولكنها تمتد لتشمل أولئك الذين يؤمنون بنظرية الأمن القومي الغربي والآخرين الذين يتاجرون بها منذ إطلاقها أول مرة، فقد أثبتت الأحداث أنها نظرية تتعلق بأمن الأنظمة العربية أو ليس كما ظن الطيبون والطيبات من العرب والمستعربين … لأ أعرف أول من استخدم هذا المصطلح الضخم – الأمن القومي العربي- على وجه اليقين، ولكني متأكد أن بريطانيا العظمى هي صاحبة فكرة إنشاء جامعة الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية 45 وقبل الاعتراف بإسرائيل 48 .

من هنا نبدأ .. نقول تل أبيب يقولون طهران

الذي ينكر أن إيران تتبنى مشروع نفوذ إقليمي يقوم أساسا على التمدد شرقا في المنطقة العربية فهو متحامق ينكر معلوما من السياسة بالضرورة، ولكن لماذا برقيات وكالات الأنباء العالمية وصحف العرب وفضائياتهم ونخبتهم بالأخبار لا تعمى عن المشروع التركي وهو أخطر وأكثر دموية في نفس المنطقة وقد ثبت يقينا أن تركيا هي مأوى وممر السلاح والمسلحين والارهاب والارهابيين , بل هي بالفعل تحتل أرضا عربية في سوريا والعر اق التي تتواجد فيهما إيران وتقاتل مع جيوشهما برغبة حكومتي البلدين وباتفاقات دولية . ألا يكفي العرب ما لحق بهم من الخزي وهم الذين مولوا وساندوا سرا وعلانية انفصال كردستان العراق عن بغداد، بينما إيران هي التي قتلت هذه الفتنة في مهدها ! ألا يكفيهم أنهم تركوا بيروت للمحتل الإسرائيلي حتى تقدمت إيران فأنشأت ودعمت حزب الله الذى مرغ وما زال أنف الصهيوني في الوحل ؟ إذن لا مجال لنظرية زائفة يقال لها – أمن قومي عربي – أما لو عدنا للخلف قليلا فلا تنسى احتلال بغداد وتهديد دمشق عاصمتي الخلافة، وقيام جامعة الدول العربية بنفسها دون وكالة باستدعاء حلف الناتو لتدمير ليبيا وتقاعسها بفعل فاعل خليجي في كارثتي سوريا واليمن.. الأمثلة كثيرة ….إذن مقرر الأمن العربي ولد وعاش ومات حلما لشرفاء القوميين العرب من المثقفين، وبسببه لقيت القضية الفلسطينية مصرعها حيث ترك الفلسطينيون أنفسهم للزعامات العربية من أجل وهم قضية العرب الأولى , حتى تنافست على اللقب عواصم عربية أخرى كانت يوما تتنافس على من يحرر القدس أولا !

لماذا نعادى إيران ؟

بحجة حرية الملاحة في باب المندب ذهب العرب إلى اليمن قاتلين سفاكي دماء مع أن احتلال إيران بالفعل لثلاث جزر اماراتية وتهديد الملاحة فعليا في مضيق هرمز لم يكن كافيا حتى لممارسة ضغوط سياسية عليها ولو للتفاوض بشأنها، ليس ذلك فقط ولكن قضية الاحتلال هذه لم يتأثر بها عدد الايرانيين في الإمارات وحجم استثماراتهم ولا قيام شركة موانئ دبى بتطوير ميناء بندر عباس الإيراني مثلا , والمطلوب منا نحن في كل العالم العربي الآن أن نصطف كالقطيع وراء الرغبة في معاداة إيران !

وبحجة وهم الصراع السني / الشيعي الذى رفع راياته الحمراء دعاة ومشايخ الوهابية يجب علينا أن نتجهز لقتال إيران، بينما نفس هؤلاء الدعاة والمشايخ كانوا يرقصون بالسيوف في أثناء زيارات شاه إيران الشيعي الصفوي للمملكة من قبل، أي شر يراد لنا ؟ وما هي مصلحتنا في أن نتحول إلى بيارق وخدم لمشروع ليس مشروعنا كمواطنين ودول وشعوب تحررت من المحتل الأجنبي ليحتل إرادتها حكام طغاة وتنهزم في عهودهم الأمة، إن كانت هناك أمة بالفعل !

وبحجة إقامة حياة ديموقراطية في سوريا وليبيا تهاوش علينا قادة وزعماء الخليج واختلفوا من ينهش جثث شعوبنا أولا ولكن كما قال كما قال حمد بن جاسم، أفلتت الصيدة في سوريا بعد أن تدمرت ولكنها ما زالت تتدمر في ليبيا. وبحجة إعادة شرعية مزيفة في اليمن أنفق الخليج 200 مليار دولار وحاصر 28 مليون عربي مسلم فلا عادت الشرعية ولا هي ستعود، ولا تضررت إيران ولا هي ستتضرر والمطلوب منا أن نسبح بحمد السعودي وأن ندعو للإماراتي في صلاتنا وأن نتقرب إلى الله بتقديم الشكر لأمير قطر ! وأن نصطف لقتال إيران !

أين تريدونا ؟
أجيال متعاقبة من الطيبين العرب عاشت على حلم تحرير الأقصى المبارك طاعة لسادتنا علماء الدين , وتأمينا على دعوات سادتنا مشايخ الوهابية على أحفاد القردة والخنازير في موسم الحج , وتفاعلا مع خطب زعمائنا الملهمين الطغاة الذين خدعونا على مدى الأعوام منذ نشأة إسرائيل، حتى فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحياءنا وأمواتنا بأن ما كان تحت الطاولة سيصبح في العلن ولو استمر لفضح أسرارا لم يصدقها الطيبون المغيبون … قالها راعي البقر الأمريكي لمواطنيه : إسرائيل كانت ستكون في ورطة كبيرة لولا وجود السعودية , هل تريدون لإسرائيل المغادرة ؟ وتردد صداها في صدور مئات الآلاف من عائلات شهداء الحروب العربية الاسرائيلية على مدى 90 عاما .. إذن لمن قدمنا شهداءنا؟ لقد نحرتم شهداءنا وساعدتم عليهم في صراع كاذب مع اسرائيل، كنا نقاتلها بينما أنتم تمولونها وتدعمونها بل وتتآمرون علينا ….. فهل ما زلتم تريدون أبناءنا ؟ وأين ستنحرونهم في المرة القادمة؟

في الأحد 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 07:55:19 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=1216