لماذا يخافون ’المسيرة’؟
شارل أبي نادر
شارل أبي نادر

ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي يعمد فيها مَن يرهن بأمواله وبنفوذه ما استطاع من وسائل إعلام وأقمار فضائية، إلى حجب أي وسيلة اعلامية فاعلة، في سبيل التغطية على جرائمه والتعمية على فشله في الميدان وفي السياسة، وطمس حقيقة تأخره بعد أربع سنوات من عدوانه، عن تحقيق أي هدف من تلك التي وضعها، عندما شن هذا العدوان.

أمس الأول، وكما حدث عدة مرات سابقا منذ بداية العدوان على اليمن وحتى اليوم، تم حجب قناة “المسيرة” اليمنية عن القمر الصناعي نايل سات، بطريقة مخالفة لأصول ومبادئ وقوانين الاعلام بشكل عام، ولِعَقد التشغيل واتفاق البث بين القناة وإدارة القمر المذكور بشكل خاص، وتبرير الأخيرة لذلك كان أنها تتعرض لضغوط كبيرة من دول وأطراف العدوان على اليمن، لا تستطيع مقاومتها.

في الحقيقة، وبمعزل عن لا شرعية الحجب ومخالفته للقوانين بطريقة غير مهنية وغير أخلاقية، فقد اختارت دول العدوان على اليمن في حجب “المسيرة” عن النايل سات، السلاح الانسب ربما، والذي من الممكن أن يحدث بعض التأثير في المعركة بمواجهة الجيش واللجان الشعبية، بعد أن جربوا حتى الآن جميع أنواع الأسلحة، المحرمة وغير المحرمة، وحيث بقيت هذه الأسلحة جميعها عاجزة عن تحقيق بعض من أهدافهم، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه : كيف استطاعوا حتى اليوم تحمّل ما حققته وتحققه “المسيرة” في معركة مواجهتهم، في تغطية الميدان أو في اعلامها الحربي والسياسي.

لقد دخلت المسيرة مع أبطال الجيش واللجان الشعبية من ضمن مناورة الاعلام الحربي، الى مواقع العدوان ما وراء الحدود شمالاً، فصورت تلك المواقع عند مهاجمتها وبعد سقوطها، بالرغم من أنها كانت مدججة بالضباط والجنود وبالأسلحة والعتاد المتطور، ونقلت “المسيرة” في ذلك للعالم رسالة مفادها، أن العدوان مهزوم لا محال، وأن من يفشل في الثبات في تلك المواقع المحصنة مع هذه القدرات الضخمة والدعم الواسع، لن يفلح حتما في الفوز بأي معركة هجومية داخل اليمن.

لقد واكبت “المسيرة” ونقلت بصدق، مسيرةَ أغلب الوحدات الخاصة اليمنية التي اخترقت جبهات ما وراء الحدود، وصوّرت كيف يناور وينجح هؤلاء، وهم شبه عراة وبأسلحة ومعدات متواضعة، بمواجهة جنود ومرتزقة يضاهون بتجهيزاتهم العسكرية أحدث الجيوش في العالم، وحيث كان مصورو القناة مع الاعلام الحربي يسابقون أحيانا وحدات الاقتحام في مراحل المهاجمة الاخيرة على اهدافها، كانوا من خلال الصورة الحية التي ينقلونها، يبرعون في حبس أنفاس جمهورها وفي منحه لذة قتال الاعداء، وكأنه يشترك في مواجهة العدوان على تلك الجبهات.

لقد واكبت “المسيرة” بحرفية، مسيرة تصنيع واستعمال الصواريخ الباليستية والطيران المسير، منذ مناورات تجاربها الأولى وحتى مناورات معركتها الفعلية ضد أهداف العدو الاستراتيجية، داخل اليمن وخارجه، وكانت من خلال قدرة التأثير الاعلامي والمعنوي التي خلقتها، عبر تغطيتها الواسعة لتلك المسيرة الصاروخية والمُسيَّرة، وكأنها تزيد وتضاعف من مفعول الحشوات المتفجرة ومن قدرتها التدميرية على أهدافها.

لقد غطت قناة “المسيرة” جنبا الى جنب مع الاعلام الحربي، وبالصوت والصورة المباشرة، أشرس المواجهات وأعنفها في معركة الساحل الغربي “التاريخية”، والتي سخّر العدوان لها كمّاً هائلاً من الحشود والدعم والمساندة البرية والبحرية والجوية، وحيث التصقت عدسات مصوريها “المقاتلين” مع الصواريخ الموجهة على كامل مسارها، منذ إطلاقها وحتى انفجارها وتدمير أهدافها المدرعة والمؤللة، كانت تلك العدسات تتسابق بين بعضها البعض على نشر الصور المباشرة الأولى لآليات العدوان حين تصبح وبالمئات، كتلاً من النار الملتهبة، على ذلك الشريط الساحلي الذي أصبح مقبرة لها ولطواقمها.

لقد فضحت “المسيرة” بطريقة موضوعية، ادعاء العدوان بأن الحرب في اليمن هي حرب أهلية داخلية، وأثبتت بتقاريرها المهنية الموَثَّقة بالمستندات وبالوقائع الدامغة، أن الحرب في اليمن عدوانٌ خارجي اقليمي ودولي بامتياز، كما ونقلت القناة بأمانة وبتجرد مواقف وآراء وتوجهات أغلب أبناء اليمن، الذين أجمعوا على دعم ومساندة الجيش واللجان الشعبية في معركة المواجهة، واستطاعت بحرفية مراسليها والعاملين فيها، أن تثبت وتبرهن قيمة وأهمية هذا التضامن الواسع الشامل في صنع الصمود والانتصار.

لم تكن مسيرة “المسيرة” في كامل الحرب على اليمن، فقط عبارة عن عمل قناة اعلامية تنقل الخبر وتنشره وتحلله وتغطي مجريات الحدث فحسب، بل نستطيع أن نقول انها، ومن خلال ما غطته من معارك ومواجهات ميدانية، ساهمت في صنع الحدث، وذلك عبر دورها في فرض قدرة تأثير معنوية غير عادية على المرتزقة وعلى جنود العدوان، وعبر ما أمنته لمقاتلي الجيش واللجان الشعبية من مشاهد حية، استغلوها واستفادوا من تجاربها، فدَعَّمت مناورتَهم بمعطيات ووقائع ميدانية، كانت مُنتِجة لجميع معاركهم ومواجهاتهم الناجحة.

وأخيراً، مثلما فرضت نفسها بنجاح وبقوة مسيرةُ الجيش واللجان الشعبية، في مواجهة العدوان على اليمن، سوف تبقى “المسيرة” شعلةَ ومصباحَ هذه المواجهة، فصوتُها صارخٌ في وجه الظلم، قويٌ في وجه الغطرسة، مُوَجِّهٌ للأبطال ومُدَمِّرٌ للعدوان.

في الجمعة 30 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 08:46:54 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=1225