|
تقرير : منى المؤيد
مثّـل السيد القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه أعظم رؤية تربوية إيمانية قرآنية لإصلاح الأمم، استنبطها من القرآن الكريم لتكون ثقافة قرآنية صحيحة تُصلح كل علّةٍ أو مرضٍ معنويّ يؤثّر في نفس الإنسان أو في قلبه أو مشاعره، وبهذا استطاع الشهيد القائد أن يبني أمّة مجاهدة قرآنية تتثقّف بأعظم ثقافة وأكثر إنجازاً، وأسمى روحاً، وأزكى وأطهر نفوساً من أيّ الأمم كانت.
لا شك أن ثقافة القرآن الكريم هي الأوسع والأشمل والأكمل في كل شيء، لهذا لم يخرج السيد حسين رضوان الله عليه عن منهجية القرآن -لأنه يدرك أن آياته هي إعلام على حقائق لا يمكن إنكارها ولا اختزالها في جزئيات بسيطة – ولذا جاء المشروع القرآني مؤثراً ومقنعاً وراقياً لا يعيش الباطل أمامه مهما كانت قوة الباطل.
أدرك شهيد القرآن أن سرّ الهداية في كل شؤون الحياة وما يجعلنا نموت ونبعث سعداء، هو عن طريق أن نتثقف بثقافة القرآن، ومما لا شك فيه أن ثقافة القرآن تنسجم مع الفطرة البشرية وتلامس واقع الإنسان وقضاياه في كل نواحي الحياة منها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، فهو مشروع تعبوي يرقى بهذه الأمم ويخرجها من الظلمات إلى النور، ومن الذل إلى العزة، ومن الجهل إلى النور.
أسمى أهداف المشروع القرآني
كانت النظرة الهامة الذي هدف لها الشهيد القائد من تقديم هذا المشروع هو أن تملك الأمة رؤية فريدة تجمع بين العمق والوضوح، تكشف زيف الأعداء ومكائدهم ومؤامراتهم، وان يجمع الأمة على كلمة واحدة وعنوان واحد هو (الإسلام) ليكون هو الأرضية الوحيدة وأساس المنطلق والابتعاد عن المشاحنات فيما بيننا والثغرات التي تخدم أعداء الأمة المحمدية.
فمن أبرز وأسمى أهداف المشروع القرآني :
– مواجهة الظلم والتضليل الذي يعاني منه المسلمون في مواجهة الأخطار
– مواجهة الهجمة الاستكبارية التي تسعى إلى السيطرة على المجتمعات لتصنع منها مجتمعات لا كرامة لها ولا عزة ولا شرف وتكون منقادة لأطماع اليهود وقوى الكفر في العالم.
– تأهيل الأمة إلى عدم الرضوخ والتسليم لأمريكا و”إسرائيل” ومواجهتهما بكل ما نستطيع لأنها هي من تدجّن الأمة في ثنايا الفساد والانبطاح والكفر لتكون أمة مسلوبة الإرادة، منزوعة القيم الإنسانية والدينية لتصبح وتمسي كالحيوانات بل أضل.
– تصحيح الجوانب الأخرى من الثقافات المغلوطة
– تصحيح واقع الأمة الذي أوجع السيد حسين بدر الدين الحوثي، كيف تغيرت، وتنصلت عن مسؤولياتها، والأمم خاصة المسلمة هي المسؤول الأول في تنوير أجيالها.
– تصحيح وعي الأمة وبصيرتها
– قراءة واقع الأحداث والمتغيرات بالنظرة القرآنية التي يريدها الله سبحانه.
– بناء أمة محصنة من الاختراق، لتواجه كل التحديات والأخطار دون خوف.
أبرز سمات المشروع القرآني
– مشروع أخلاقي تربوي أدبي يهدف إلى إعادة الأمة إلى قيمها، وأخلاقها، وصفاتها القرآنية-التي هي من أهم ما يستهدفها بها أعداؤها، والذي أوضحه القرآن الكريم، وأوضحها لنا السيد حسين رضوان الله عليه في أكثر من ملزمة.
– الحرص على تفعيل ثقافة القرآن بين أوساط المجتمعات بكل جدية، باعتبار أن القرآن الكريم وحده من يقدر على أن ينهض بالأمة ويرتقي بها عبر مراحل، ونقلات، ومواكبة المستجدات والأحداث لما يملكه هذا المشروع العظيم من نهضة حقيقية وواقعية بعيدة عن المثالية أو الخيال.
– تأصيل الهوية الإسلامية الثابتة، والعقائد الراسخة، وطمس الهويات القائمة على العرقية والطائفية والحزبية والفئوية.
– شعار الصرخة ضد المستكبرين والمقاطعة الاقتصادية للمنتجات الأمريكية و”الإسرائيلية ” من أهم الأسلحة القرآنية في مواجهة الأعداء
– إحياء روح المسؤولية الدينية والأخلاقية
– الارتقاء بالأمة، وبثّ نورالأمل فيها، وإعادتها إلى مسارها الفطري الذي يريده الله.
– تنمية ثقافة الجهاد والاستشهاد.
– السعي إلى تأسيس مرحلة تحررية نهضوية شاملة ترقى بالأمة، وتستعيد كرامتها ومكانتها الحقيقية، ومجدها المتجذر الأصيل.
– التصدي لكل ظواهر الحرب الناعمة للغرب وأدواته والتي غزت أبناء الأمة الإسلامية .
إذن لا غرابة ولا عجب في أن هذا المشروع القرآني جاء لينقذ الأمة من حالة الذل والهوان والخنوع لأعداء الله، ويرتقي بها إلى التولي الصادق لآل بيت رسول الله وأعلام الهدى، وهذا ما لمسه الشعب اليمني عندما كان في حالة ضياع وتيه، وسار به هذا المشروع إلى برّ الأمان الحقيقي – صراط الله المستقيم – بعيداَ عن الخنوع لأعداء الله، وكل ذلك ملموس في قدراتنا العسكرية المستدامة، والمواجهة المباشرة مع الشيطان الأكبر أمريكا بروحية جهادية وعزة وكرامة وافتخار.
من هو الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي؟
ولد الشهيد القائد في منطقة الرويس بمديرية ساقين في محافظة صعدة – والده السيد المجاهد العالم الرباني / بدرالدين بن أمير الدين بن الحسين بن محمد الحوثي سلام الله عليه.
عُرف عليه السلام بتقواه وإحسانه وخدمته للناس وعمله الدؤوب على إعلاء كلمة الله، ومواجهة أعداء الله من المجرمين والجبابرة، فقد غرس أباه كل هذه القيم في أولاده جميعاً ومن بينهم إبنه الشهيد القائد الذي تحمل المسؤولية الجهادية والإيمانية، والعمل على إعلاء كلمة الله، وخدمة الضعفاء من بداية مراحل حياته الأولى.
كما عُرف الشهيد القائد – رضوان الله عليه – عندما كان عضواً في مجلس النواب برؤيته الحكيمة ونظرته الثاقبة وبلاغته وفصاحته العالية، وقوة شجاعته في مواجهة الباطل واستشعار المسؤولية بقضايا الأمة الاسلامية وفي مقدمتها مظلومية الشعب الفلسطيني…وعُرف أيضا بنزاهته وعزّة نفسه ومبدأه الثابت ضد الظالمين والطغاة.
نشأة المشروع القرآني
السيد حسين الحوثي رضوان الله عليه سليل بيت النبوة، عاش مع القرآن الكريم واستبصر به، واهتدى بآياته، وتمعن في تفسيره، وما إن أدرك فهم القرآن الكريم وتوجهاته تحرّك بكل مسؤولية وجهد ليغيّر ذلك الوضع المظلم في هذه الأمة، فقام بتقديم المحاضرات تلو المحاضرات والتي نسميها اليوم (الملازم)، فكيف لهُ أن يسكت أو يتنصل، وهو يرى جحافل اليهود والنصارى ومؤامراتهم الرهيبة تتداعى على أبناء أمته في وقتٍ يتملّكهم الخذلان والهوان، وتعتصرهم الفتن، ويعيشون أسوأ مراحل الذل والشتات والتفرقة، فلم تدع من خيار أمام الشهيد القائد سوى أن يتحرك مستشعراً مسؤوليته أمام الله، لينطلق متوكلاً عليه ومعتمداً وواثقاً به سبحانه وتعالى.
ولأن الشهيد القائد كان ارتباطه بالقرآن الكريم ارتباطاً وثيقاً وحاضراً بشكلٍ كبير في منطقة وأسلوبه وحججه، فقد كان يتابع باهتمام ما يحدث في هذا العالم من متغيرات وأحداث تطرأ على الأمم الإسلامية، وكيف تتحرك الصهيونية العالمية للسيطرة على العالم، فيتأمل بروحية عالية وهو يحمل همّ هذه الأمة ويعمل جاهداً على إنقاذها من المستنقع الخطير الذي تعيش فيه وسيعيش بعدها أجيال من البشر، فأدرك حينها أن الذي ضرب الأمة هو ابتعادها عن القرآن الكريم وجعله ككتاب رصيد لرفع درجات لا غير، ولم يجعلوه كتاب هداية في كل مجالات الحياة.
إنقاذ الأمة
عندما غزت الأمة الإسلامية الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة، قدمت لهذه الأمة المسلمة بديلاً عن القرآن الكريم، بديلاً من خارج الثقلين كتاب الله وعترة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك ما جعل الشهيد القائد إلى أن يتحرك بكل مسؤولية وإخلاص ليعلن مشروعه القرآني انطلاقا من (الصرخة في وجه المستكبرين)، وتحرك بعدها لبناء أمّة قرآنية تتحرك بثقافة القرآن وتسجّل مواقفها الإيمانية الجهادية ضدّ الظلم والمستكبرين.
كان الشهيد القائد كثيراً ما يتصدى للتمدد الوهابي المدعوم من قوى الاستكبار أمريكا و”إسرائيل” ودول الخليج وبعض الدول الغربية، هذا التمدد الذي أطاح بالأمم والشعوب العربية والاسلامية وفي مقدمتها اليمن، ولأن الخطر أصبح محدق على هذه الشعوب ومنها اليمن قام الشهيد القائد بكشف ضلال الوهابية ودجلهم وأكاذيبهم التي لا تنتهي، وعمل على استنهاض العلماء والمفكرين ورجال الدين من أبناء اليمن لتحمل مسؤولياتهم، وتوعيتهم بمدى خطورة المد الوهابي التكفيري في المنطقة وخارجها.
الشهيد القائد أتى بمشروعه القرآني لينقذ الأمة الإسلامية ويضيء العالم، ويمحو منه ضلال العبودية التي رسخها الغزو الفكري لدول الاستكبار وأدواتهم كالوهابية وغيرها، فكان هذا المشروع المتمثل بالتحرك الديني والثقافي لتحصين المجتمع بالفكر السليم المستمد من القرآن الكريم وقرنائه.
نقلا عن : السياسية
في الثلاثاء 06 فبراير-شباط 2024 11:50:23 م