|
سلسلة روائع الأدب اليمني.. (28) الشاعر عبدالرحمن مراد .. إعداد حسن المرتضى
مجموعة من روائع الشاعر عبدالرحمن مراد
(غزة وطوفان الأقصى)
ماذا أرى ؟ ..شجنا ووجدا ودما على الخدين يندى
أطفال غزة ..والسيوف نواهل ...جزرا ومدا
يا أيها الناس الكبار أتى الكبير بما استعدا
كيف السبيل ..؟ ولا طريق الى حماك اليوم أهدى
يا طفل غزة لن ترى مددا هنا يغشى وجندا
انت الذي قهر الحياة مقاتلا ... بذلا وكدا
(ذهب الذين نحبهم وبقيت مثل السيف فردا )
***
يا غزة الجرح المكابر في ضحاك نسجت عقدا
كيف السبيل الى الوصول أنا المعذب فيك سهدا
أنت التي بعذابها صنعت لنا في الليل مجدا
أنت التي بدموعها لطمت بكف النار خدا
سقط الدعاة وليتهم كانوا هم الحجر المفدى
وأنا هنالك لم أزل أستلهم الأعراب رشدا
بدموع أطفال يتامى في العراء حفرت لحدا
(ذهب الذين نحبهم وبقيت مثل السيف فردا )
***
قومي إذا عطش الوليد (تنمَّروا حلقا وقدّا )
عزفوا نشيد سلامهم وتفيْهقوا شجبا ووعدا
قمم الأشاوس قد ترى غير الوغى حلما وورْدا
قالوا وقد أزف الغروب تفرقوا رأيا وقصدا
في كل ثاكلة نراهم يحتسون الدمع شهدا
ألفوا الهوان وربما كانوا مع العدوان زندا
(ذهب الذين نحبهم وبقيت مثل السيف فردا)
***
"اليوم خمر" ..في غد هل يبذل الأعراب جهدا؟
قف حيث أنت مكابرا لا.. لا .. (تغا..)، أرجوك إهدا
تلك الدماء قنابل ومدافع يورثن حمدا
أرأيت (أمريكا )تقول سنزرع الآمال وردا
صبرا نرى العهد الجديد وما الذي يخفيه نجدا
يا طفل غزة لم نزل رغم الجراح نروم نهدا
(ذهب الذين نحبهم وبقيت مثل السيف )
(إذا ...)
إذا كنْتَ "صنْعاوي"، بحيّ ابْن سالمِ
فجاوزْ، ولا تخشى وكوْرَ المظالمِ
سَيدْنيكَ ماءٌ منْ قُباءٍ مُخاتلا ً
بنا ،عن مرايا الثائرات الكرائمِ
ننوْدُ مع الأشْجارِ ليلاً كأنّنا
مناشيْرُ شَرٍ عنْدَ سيْف ابْن حازم ِ
لنا الثَّغَرات البيض ، حُزْنٌ مُضَاعفٌ
عُيوْنٌ غَفَتْ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وهاشمِ
ومسْتَعْمِر أفْنَى عُصَارةَ دهْرِهِ
قديْمَاً ، وما جَاعتْ خُيُوْلُ الْحضَارمِ
على طاعةٍ، لوْ أنَّ أطْفالَ زاملٍ
عَمَدْنَ لهَا ، والْقَوْلُ قَوْلُ الْملازمِ
لكانَ زمانُ الْحَرْبِ ما يكفر ربّها
ويبْني ترابُ الأرضِ ،حُصْنَ الملاحمِ
وما صَهواتُ الْحَرْبِ إلّا مدافعٌ
على صوْتها ،حامتْ طيوْرُ الأشَائمِ
فإنْ تَكُ حَرْبٌ في ميادين عزّة
فلا عَطَسَتْ إلّا بحُمْرِ النّقائمِ
وما وقْفَةُ الأنْذالِ إلّا مكائدٌ
تلوْذُ بها حيناً ،فجاجُ الهزائمِ
تلوْحُ على وشْمِ الْحقيْقةِ ثُلّةٌ
وتطْغَى ، إذا لاحتْ بروقُ الدَّراهمِ
وما قيْمةُ الإنْسانِ إلّا مكارمٌ
يُلاذُ بها في الْمُعْضلاتِ الْعظائمِ
وما فتيةُ الإغواءِ إلّا مغَارةٌ
تغيْبُ، إذا لاحتْ شموْسُ التّخاصمِ
وما نخْوةُ الأعْرابِ إلّا حبائلٌ
تفوْرُ على قِدْرِ الْغَوا والعزائمِ
وقدْ تكْتبُ الأيّامُ ،سيرةَ ثائرٍ
وقدْ تصْنعُ الأبْطَالَ ،سوْدُ الْملاحمِ
ومَنْ كانَ ميَّالاً الى طُرُقِ الْغَوَا
سقتْهُ الليالي مِنْ صَريْرِ الصّوارمِ
وقدْ يعْكِرُ الماءُ الزُّلال بكأْسِهِ
وهلْ يهْنأ الْمُحْتَال بحمر الْجَرائمِ ؟
أقوْلُ لِمَغْلُوْبِ الْعمالاتِ إنَّني
كبرْتُ على بوْحِ النّجوْمِ العواتمِ
إذا جَشَأَتْ نفْسي غُلالةَ خَائن ٍ
فلسْتُ بمأْخُوذٍ بِلَغْوِ الغمائمِ
إذا نحْنُ ناجينا الفظاعةَ لمْ نكنْ
رجالاً ، ودوْنَ الموتِ خَطُّ الأعاجمِ
ونرْقىَ إذا جئْنا الشّهادةَ سُلّماً
وما كلّ فرْدٍ مُرْتَقٍ في السّلالمِ
نثوْرُ على كفِّ الرّدَى بفضائلٍ
على مُرْهِبٍ غَاشٍ ذِمَارَ الْمَحَارمِ
نُعاتبُ إنْ جَارتْ سُيوْفُ ضغائنٍ
وجوْهاً نَمَتْ منْ طُوْلِ عَلْكِ الشّكائمِ
لنا سابغاتُ الْمجْدِ في كلِّ مَحْفَلٍ
تًسابقُ أبْطالاً لصنْعِ الْعظائمِ
ومنْ يجْعَلِ الْخيرَ الْعميْمِ مكاسباً
يُذمْ ، فالطّوى خَمْرُ القلوبِ الكواظمِ
***
( أولاد عرفجة *)
"أولاد عرْفج " إذْ شاءوا وما قدروا
الحرْبُ تعْصرُ في البيْضَاءِ ما عصروا
"ردْمَانُ " تعْطِسُ تاريْخاً ومعْركةً (1)
"وزاملُ الْحيدِ "(2) مبْهُوْراً بمنْ عبروا
قالوا : بخيط الثّرى أخْماسُ فاتنةٍ
كان الرمادُ على العينين ينتظرُ
تا هوْ ،وتاهتْ على الأقْمارِ ثاكلةُ
كالْجُرْحِ تثْمِلُ ..، في الخدِّينِ تنْتَحِرُ
قال الغيابُ : - وقدْ لاحتْ مغاربُهُ -
جدّدْ حضورك إنَّ القومَ ما سكروا
ما بال "عامر"(3) في الأحْرَاشِ مسْكنهُ
يمْشي على أثَرٍ عان ٍ ، فينْكسرُ
تلْهوْ البلادُ بنارٍ كان محْرقها
يسْعى حثيثاً الى ...، يدْنو فينْدثرُ
الليل يغْطشُ أوْ جاعاً تعاودهُ
والصّبحُ يأتي الى الدنيا وينْدحرُ
تبكي الهضابُ على الأطلال واقفةً
تأسى وتنْدبُ من كانوا ومن ثأروا
كان الزمانُ غريباً في مناكبها
بادتْ ولم يبْقَ من تاريخها أثرُ
وجه " المعافر" (4)في البيداءِ معتصمٌ
بحبْلِ كُثْباَنها ، والماءُ ينْهمرُ
قيلَ : "الْمَخَا"(5) نام في أحْضان عاهرةٍ
والسّوقُ يلْقفُ ما باعوا ، ويأْتمرُ
كم زمرةٍ في عباب البحر عالقة
وحْدي أقاومُ شدْقيْهَا وأنْتصرُ
هل " ثعْلَبَانُ "(6) على تمْثالِ معْبدنا
يا "دَوْسُ " حامتْ على أرْوَاحِنا سقرُ
ماجتْ على طللٍ الأخْدُوْدِ فاجعةُ
"إرْياطُ "(7) يهْتفُ في الرّاياتِ..، يحْتشرُ
والبحرُ يأْكل في الأمواج ثورتنا
هلْ نُطْفِئُ النّارَ ..،؟ أمْ نسْعى ونعْتذرُ ؟
ما بال "يوسف"(8) إذ بالتْ ثعالبه
يلْهُوْ ويشْرب كأساً ثم ينْفطرُ
يقول "دوْسُ " غبار الوقت يسْرقنا
وعاصفُ الْحُزْنِ لا يبْقِيْ ولا يذرُ
***
- هوامش :
* أولاد عرفجة الغبشي عنوان نص شعري للبردوني .
1- ردمان : مديرية في محافظة البيضاء .
2- زامل الحيد : زامل شهير قيل في منتصف القرن العشرين " يا درب ذي ناعم ويا حيد السماء ............."
3- عامر : هو عامر ابن عبد الوهاب أحد سلاطين الدولة الطاهرية .
4- المعافر : قبيلة يمنية قديمة .
5- المخا : مينا على البحر الاحمر وهو شهير .
6- دوس ذو ثعلبان : من أذواء نجران طلب عون الممالك على بلده بعد حادثة الاخدود الشهيرة .
7- إرياط : قائد الاكسوم في احتلال اليمن وأول حاكم أكسومي لليمن بعد احتلالها .
8- يوسف : هو يوسف ابن شراحبيل الملقب " ذو نواس " .
(شرف الماء)
لي فُؤادٌ، لا يَمِلُّ الْعِتَابا
وسُيُوْفٌ، لا تَمِلُّ الْخِضَابا
وبلادٌ، مِثْلُ ليْلَى وصالاً
تهْدِمُ الْوَقْتَ، وتبْني الْيبَابا
وترابٌ، قاتلٌ في صِراع ٍ
أحْمَرُ الْخَدَّيْنِ ، يَرْعَى السَّرَابا
وعُيُوْنٌ، كالْمَرَايا ،صَفَاءً
تعْصِرُ الْكَأْسَ دواءً وصَابا
وقِلَاعٌ، عامِرَاتُ الزَّوَايا
كبَغَايا ،قدْ نَبَذْنَ الْكتِاَبا
وحُرُوْفٌ، ضامِرَاتُ الْحَنَايا
فاضِحَاتٌ، قدْ رَسَمْنَ الْعَذابا
كلُّ وادٍ ،يَصْلُبُ الطَّيْرَ قَبْرٌ
في قضايا ، قدْ تُهِيْنُ الرِّقَابا
كَيْفَ شَالتْ مَنْ بَغَاها خِبَالاً
"ذُوْ نَوَاسٍ"، لا يُعِيْدُ الْحِسَابا
مَوْجَةُ الْبَحْرِ، تَقُوْدُ الْمَطَايا
بَعْدَ "كُوْلٍ"، قدْ صَنَعْنا الْخَرَابا
بَيْنَ وجْهِي، والشَّظَايا، بِلادٌ
مِنْ شُجُوْنٍ ، لا تَحُثُّ الرِّكَابا
وَغُصُوْنٍ، ذابلاتِ الزُّهُوْرِ
لَمْ تَرُعْ في بابِ غَاري الْقِبَابا
مَطَرٌ، في مَطَرٍ، مِنْ رزَايا
يَجْرِفُ الْغَوْرَ، ويُفْنِي الْهِضَابا
يا شَقَاءً، في عيُوْنِ النَّخِيْلِ
وعِقَاباً، كيْفَ أسْلُو الْعِقَابا ؟
صِرْتِ حُزْناً لَمْ يُزَمَّلْ بِوقْتٍ
وبلاداً، قدْ تَمُوْرُ اضْطِرابا
يَعْبَثُ الْليْلُ بِوَجْهِي، فَأَسْجُو
ويدي ،تَرْسُمُ جُرْحِي شِهَابا
أنا مَنْ يَعْلُوْ على النَّجْمِ فَخْراً
لوْ مَحَا الْكُوْنُ بِبحْرِي الْعُبَابا
وغَوَاشٍ، تَمْطِرُ الْليْلَ قَاراً
لمْ تَجَدْ في الْعادياتِ الْجَوابا
كلُّ جُرْحٍ، لا يُعادي، مَجَازٌ
مثْلُ صَوْتٍ، قدْ تَوَارَى وعَابا
لي عَلامَاتُ النُّهَى والْمَعَاني
مُشْرِقَاتٌ، لا تَهَابُ الذُّبَابا
كُلُّ صُبْحٍ غَادرٍ، كيْفَ يَحْلُوْ؟
والْمَرَايا ،لا تُقِرُّ انْتِهَابا
"صَافِرٌ " يَشْكُوْ "سُعَاداً"، و"ليْلَى"
تَمْتَحُ الْبِئْرَ ، تَعِدُّ الذِّئَابا
دارتِ الْكِأْسُ عِشَاءً، و"ليلَى"
تَحْمِلُ الْخُبْزَ ،فَتَلْقَى اقْتِضَابا
مَنْ يَعِشْ حُزْنَ الْبَرَايا ،هُمُوْماً
يَرْتَقِي فَوْقَ الْمَعَالي مُهَابا
شَرَفُ الْمَاءِ، إذا جَاءَ " نَخْلَى"
يَغْسِلُ الرَّمْلَ، ويجْتَازُ الصِّعَابا
***
صنعاء – 20/8/ 2022م
(على شَفَةِ الدّنيا)
على شَفَةِ الدّنيا ،وليس لها أمْرُ
وفي مقْلتي الْوسْنَى يَمْورُ بها الْبَحْرُ
رأيْتُ بها شعْباً يَثُوْرُ "رِغَالهُ"(1)
ويرْعَى على مَهْلٍ ، بليْلِ الْغَوى "عَمْرو"(2)
هي الْبلَدُ الأشْقَى، يُكَشِّرُ نابُها
كغابٍ بلا ماءٍ على هامِها نَسْرُ
أقولُ لها : ما بالُ ليْلِكِ جاثمٌ
وهذا الظّلامُ الغَرُّ..، ليْسَ لَهُ فَجْرُ
أيا جارةَ الْحِسِّ الْمُكابرِ.. ، بُرْهَةً
فقدْ أسْتعيْدُ الْأمرَ، لَوْ فاتني الْأمْرُ
لها مِنْ خيوطِ الشّمْسِ، وجْدُ مُحَاربٍ
ومنْ لوْعةِ الْأيّامِ، راياتُها الْخُضْرُ
أقولُ : إذا مَالتْ على خيْر ِ"حاتمٌ"(3)
حنانيْكِ.. قدْ أشْقَى ،إذا اسْتَفْحَلَ الشّرُ
طَحَا بكِ خَيْلٌ، في معاركِ حاقدٍ
وأنْتِ إذا مادَ الْهَوَى في فَمِي عُذْرُ
إذا جئْتُ وسْنَاناً ،رأيْتُ بكِ الْهَوَى
ينامُ على جُرْحِي ،وأنْتِ لَهُ سِتْرُ
أبيْتُ على الْمَسْعَى ،وطيْفُ خَيَالُها
على "بارقِ الْجَرْعَى"(4) كَمَدْمَعِهِ حَرُّ
على طَلَلٍ بَالٍ بَكيْتُ كقَاتِلٍ
تَبَعْثَرَ كالْأوْرَاقِ في حُزنِهِ الدّهْرُ
أعُوْدُ الى نَجْدٍ، بلَوْحِ كِتَابِنَا
كخَطٍّ على صَخْرٍ ، يَطُوْفُ بهِ صَخْرُ
وليْ مِنْ بقايا الْحُزْنِ لِوْحَةُ كاتبٍ
على شَرَفِ الْأقْلامِ، يَعْلُوْ بها الْحِبْرُ
تَثُوْرُ على مَوْجِ السَّنَابِلِ روْحُهَا
نهَاراً ، إذا اسْتَعْصَى على مثْلِهَا الصّبْرُ ؟
ومَا هَجْعَةُ الْخَوَّانِ إلَّا كَيَقْظَةٍ
يَضيْقُ بها الْمَعْنَى ،إذا انْتَصَرَ الْقَهْرُ
أنا الطَّائرُ الشَّادي، بليْلٍ وغُرْبَةٍ
إذا عَطِشَ الْإنْسَانُ ،جَادَ بهِ النَّهْرُ
كَرِيْمُ السَّجَايا ،لا يُضَاهَى بِثَوْرَةٍ
يُغَادِي نُجُوْمَ الْليْلِ، مِنْ حُزْنهِ الْقَطْرٌ
ومَا حِيْلَةُ الْعَاني، إذا جَالَ جُرْحَهُ
على بَلَدٍ يِشْقَى ،وصَالَ بهِ الْفَقْرُ ؟
سِوَى أنْ يُغَالي في كَرَامةِ مَوْطِنٍ
وقدْ يصْنَعُ الْإنْسَانَ، مِنْ جُرْحِهِ الْفِكْرُ
***
صنعاء 13-8-2022م
- هامش :
- أبو رغال : كرمز للخيانة الوطنية والتعاون مع المستعمر .
- عمرو : عمرو بن عامر بن مزيقيا رمز تمزق الدولة " تفرقت أيدي سبأ " .
- حاتم الطائي رمز الخيرية والبذل .
- اشارة الى قول محمد ابن اسحاق: أيا بارق الجرعى هل الجزع ممطور ...الخ، وهو نص مغنى ومشهور .
***
( أغباش)
في سِدْرةِ الْخوْفِ ، أشْجَارٌ وأعْشَاشُ
في مُنْتَهى الْحزْنِ ،أطْلالٌ وأغْباشُ
في القلبِ مَنْ ؟ وترابُ الْحرْبِ مَلْحَمَةٌ
وبنْدُقٌ .. وعلى الرَّاياتِ رشَّاشُ
البابُ يبْحث عنْ نوْرٍ يسامرُهُ
وَمِقْبَضُ الْبابِ ، أوْزارٌ وأرْيَاشُ
أنا الْغَريْبُ ، وتلْك الرِّيْحُ كاذبةٌ
قالتْ : بأنَّ جَميْعَ النَّاسِ أوْبَاشُ
وعْدُ الْمدَائنِ في أحْلامِ سُنْبلةٍ
كانتْ تجوْعُ ، وذئْب الْغابِ غَشَّاشُ
بعْضُ الْحكاياتِ ،أعْنابٌ مُعَتَّقَةٌ
والْوقْتُ كالْحَرْبِ خَدَّاعٌ وخَدَّاشُ
لا حُزْنَ ..عِنْدِي لكي أُهْديهِ فاتنتي
فالْحُزْنُ في حَرَمِ الْعَيْنَيْنِ فَرَّاشُ
باتتْ مَضَاجِعَهُ في ليْلِ مَقْبَرَةٍ
والْحُزْنُ في صُحُفِ الْأَحْيَاءِ نَبَّاشُ
لا بَلْدةٌ هاهنا نَأْويْ مَحَاجِرِهَا
والْعُشْبُ في طَرَفِ الْغَاباتِ خَمَّاشُ
والْقَاتُ في تَرَفٍ تَلْهُوْ مَفَاتِنُهُ
كَأْسٌ تَعَتَّقَ في كَفِّيِهِ طَهَّاشُ
صارَ الْغيابُ على الْأَوْجَاعِ يَنْقُصُني
إذا اكْتمَلْتُ وما في الْقلْبِ نَقَّاشُ
في صَفْحَةِ الْمَاءِ أذْوَاءٌ.. وَمَعْرَكَةٌ
وَتُبَّعٌ في شِعَافِ التَّلِّ بطَّاشُ
لا تَنْتَظرْني على " التِّيْجَانِ " .. كَاتِبَهُ
كَصَاحِبِ السِّجْنِ ، عَصَّارٌ ورقَّاشُ
قِيْلَ الْقَمِيْصُ على العينينِ.. كَاشَفَهَا
سِرَاً تَقُوْلَبَ في فَوْدَيْهِ قَرَّاشُ
صَفِّقْ لِجُرْحِكَ.. إنَّ الْغَابَ مُنْتَصِرٌ
وَكَمْ تَنَّمَرَ في الْغاباتِ نَهَّاشُ
الْحُزْنُ مُكْتَمِلٌ ، تَدْرِيْ مَسَاجِدُنَا
كَمْ أرْهَقَ الْقَلْبَ ، قَوَّالٌ ونَعَّاشُ
ألْقَى الْكَلِيْمُ صُرَاخَاً في مَسَامِعِنَا
وَافْرِنْقَعَ النَّاسُ ، لا ماتوا ولا عَاشوا
فالْوَقْتُ نافذةٌ ..قالتْ مواجِعَهُ
طَيْرُ الْأبابيْلِ ، كالْأشْجَانِ رعَّاشُ
ألْقِيْ على شَجَرِ الْأيَّامِ عُشْبَتَهَا
وَعُذْ بِرَبِّكَ ، إنَّ الْليلَ فَتَّاشُ
وغَادِرِ الْحُلْمَ لا تَلْفتْ على وَجَعٍ
كلُّ الْمدائنِ في كفِّيكَ أحْرَاشُ
****
صنعاء يناير 2019م
( أبهى العرب)
ماءٌ من الحبِّ أمْ ماءٌ من الصَّبَبِ
جِئْتَ الْحَيَاةَ علي وعْدٍ مِنَ السُّحُبِ
يا مُصْطَفَى.. ورمالُ القيْضِ صارخةٌ
والنَّاسُ تُذْبَحُ في البطْحَا بلا سبَبِ
والْخَلْقُ في تعبٍ.. فقراً ومعْترَكاً
راموا الْحياةَ على هَدْيٍّ مِنَ الْكتبِ
قلْتَ الْكرامة في الأنسان مبدأنا
نبْنيْ على العدْلِ.. لا نبْنيْ على الكذبِ
قال "القليْبُ" وفي العينين متكئٌ
جُرْحٌ مِنَ الْجورِ في ماضٍ مِنَ الْحِقَبِ
الظّلْمُ يفْنىَ على دهْرٍ ..وإنْ عُصِرَتْ
كأْسٌ من الْخَمْرِ في حالٍ من الطّرَبِ
قِيْلَ الْمَحَبَّةُ في أنفاسنا نَصَرَتْ
رُوْحَاً تعذَّبَ في تابوته الْخَرِبِ
أضْحَى السَّلامُ كتاباً في بشائرِهِ
يسْعَى على الأرْضِ لا يخْشَى مِنَ العَطَبِ
جاء الْمديْنةَ مِفْتاحاً ويثْرِبُهَا
نَخْلٌ تثاءَبَ في نَسْغٍ.. مِنَ الرُّطَبِ
أحْيَا لَهَا الأمَلَ الْمَفْقُوْدَ في دمِهَا
وأيْقظ البَحْر ، أفكاراً مِنَ الصَّخَبِ
آخَى الْمُهَاجِرَ بالأنْصَارِ فاتَّحَدَتْ
رُوْحٌ الْمَحَبَّةِ والإيمانِ والْحَسَبِ
ما قالَ يوْماً : طَرِيْقُ الفاتحينَ دَمُ
مدَّ الصُّرَاطَ الى عالٍ مِنَ الرُّتَبِ
في يوْم مكَّةَ عَمَّ الْخيْرُ واتَّسَعَتْ
أَرْضٌ مِنَ الأمنِ في خَفْضٍ مِنَ الْغَضَبِ
كانِ الرَّسُوْلُ رشيْدَاً في تعَامُلِهِ
أهْدَى مِنَ الْحُبِّ في وادٍ مِنَ الْكُرَبِ
طارَ الْبُرَاقُ ، وَرَفَّ الْكوْنُ مُبْتَهِجَاً
عَدْلٌ مِنَ الْحقِّ في ضوْءٍ من الشّهُبِ
يا صَرْخَةَ الْحَقِّ جَاءَ الْبَعْثُ فانْتَصَرَتْ
جَماعةُ الْحَقِّ ..،أضْحَتْ أمَّةُ الْعَرَبِ
نبْضُ الْهَدَايةِ مُذْ جَاء الْهُدَى قدَراً
قَلْبٌ يُشَرْعِنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ واللَهَبِ
سادَ البَريَّةَ ..أخْلاقاً ومَعْرِفَة ً
شَرْعٌ مِنَ الله يمْحُو ظُلْمَةَ الْحِقَبِ
لمَّا أطلَّ وكانَ النّاسُ في رهَجٍ
لَمْعٌ من البرْقِ في عِزٍ مِنَ اليَلَبِ
بُشْرَى النُّبُوَّةِ كانتْ في مَلامِحِهِ
نُوْراً منَ الله في سِرٍّ من الْحُجِبِ
محمدٌ..و كَتَابُ اللهِ حُجَّتَهُ
صَوْتُ اليقينِ على بَحْرٍ من الرِّيبِ
يا خاتم الرُّسْلِ ..،نامتْ في مشَارِقِنَا
شَمْسُ.. وبتْنا على أحْزَانِ مُنْقَلَبِ
ضاعتْ مبادئنا في ذلِّ مُتَّجَرٍ
نِمْنَا على الضَّيْمِ لا نلْوِيْ على أَرَبِ
والنَّفْطُ والْغَازُ ..؟ أمْوالاً نُبعْثرُهَا
ضَرْباً مِنَ الْغيِّ ..، في دنيا من الْعَجَبِ
قيلَ "البَسُوْسُ" ..تُرَابَ الدَّهْرِ قَدْ أكَلَتْ
أحْيَتْ "بُعَاثَ" وأحْيَتْ كلَّ مُضْطَرِبِ
نادَتْ بكَ الْعَدْلَ ..أحْوَالٌ تشتِّتُنَا
مِنْ مَخْمَلِ الْوَقْتِ أوْ مِنْ لاهِبِ الْحَطَبِ
يا مُصْطَفَى ، ولَهِيْبُ النَّارِ يلْفَحَنَا
صَرْعَى مِنَ النَّارِ ، في صَرْعَى مِنَ الْكُرَبِ
هذا "القَلِيْبُ " و "بَدْرُ" في مَدَامِكِهِ
رمْلٌ تحجَّرَ في أشْلاءِ مُكْتَئِبِ
نادَيْتَ حَقَّاً وكانَ الْحَقُّ في رهَج ٍ
أَمَا وَجَدْتُمْ ..؟ بَلَى ..حُزْناً ولمْ نَتُبِ
نَبْكِيْ مِنَ الْجَوْرِ أمْ نبكي تفرُّقنا
هَلْ يُذْعِنُ الْحَقُّ مَطْوِيَّا على الْغَضَبِ؟
يا صَيْحَةَ الْبَعْثِ هُبِّي مِنْ مَرَابِضِنَا
في يقْظَةِ الْغَارِ ..،هُزِّيْ نَخْلَ مُحْتَقِبِ
حَمَامَتَان على غُصْنِيْ ..، وغارهما
قَلْبٌ مِنَ الْحَقِّ لَمْ يُذْمَمْ ولمْ يَرِبِ
حمامتانِ ..وغارٌ في تَبَسُّمِهِ
صَارَ النَّسيْجُ حُضُوْراً غَيْرَ مُنْشَعِبِ
صَارَ الْقَلِيْلُ كَثيْرَاً في تَدَفُّقِهِ
يا طِيْبَ أمْنِيةٍ في الرأْيِ لَمْ تَخِبِ
عمَّ السَّلامُ ..، وسَادَ الْكوْنَ مَكْرَمَةً
لم يُرْهِبِ الناسَ ..، ما اسْتَعْصَى على الطَّلَبِ
مُحَمَّدٌ.. ونفوْسُ النَّاسِ خَاشِعَةٌ
لبُّ الوجوْدِ على سِلْمٍ ومُحْتَرَبِ
مُحَمَّد ٌ ..ورياضُ القلْبِ يَحْسِبَهُ
نُوْرَ الْيَقِيْنِ ..زَوَالَ الشَّكِ والرِّيَبِ
عِطْرُ السَّلامِ وَرَوْضِ القلبِ أجْمَعَهُ
صَلاةُ ربِّي على الأبْهَى مِنَ الْعَرَبِ
***
*نقلا عن : المسيرة نت
في الأربعاء 07 فبراير-شباط 2024 09:34:05 م